البرلمان البحريني يطالب الحكومة بإعادة حظر البضائع الإسرائيلية ومكتب المقاطعة

وزير الخارجية: الكونغرس فرض على المنامة هذا القرار لتمرير اتفاقية التجارة الحرة

TT

وسط غضب نيابي عارم وصل الى حد التهديد بالاستقالة من المجلس، شهدت جلسة البرلمان البحريني أمس، مواجهة ساخنة بين الحكومة والنواب المعترضين على قرار الحكومة بإلغاء الحظر على البضائع الإسرائيلية وإغلاق مكتب المقاطعة بعد أكثر من 40 عاما على تأسيسه، وانتهت هذه المواجهة برفع اقتراح للحكومة برفض قرار رفع الحظر وإغلاق مكتب المقاطعة.

وبعد أقل من 48 ساعة على اجتماع تشاوري بين الحكومة ورؤساء الكتل النيابية للتنسيق بشأن هذا الموضوع، صوت النواب بالإجماع على مشروع الاقتراح يحظر على الحكومة عقد الاتفاقيات أو البروتوكولات أيا كانت طبيعتها أو التعاملات التجارية وكذلك أي تمثيل دبلوماسي أو قنصلي أو الاتصالات الرسمية وغير الرسمية مع «دولة الكيان الصهيوني» (إسرائيل).

كما يطالب المشروع الحكومة بالتراجع عن قرار رفع الحظر «باعتباره لا يعبر عن رأي الشعب البحريني وموقفه من التطبيع»، كما نص المشروع على إعادة افتتاح مكتب مقاطعة إسرائيل وتفعيله «جنبا إلى جنب مع مؤسسات المجتمع المدني الرافضة للتطبيع»، وكذلك إلزام الحكومة عدم اتخاذ قرارات مصيرية مثل هذا القرار من دون عرضه على السلطة التشريعية.

إلا أن الشيخ خالد بن احمد آل خليفة، وزير الخارجية البحريني، قال لـ«الشرق الأوسط» إن قرار إغلاق مكتب المقاطعة ورفع الحظر على البضائع الإسرائيلية كان شرطا أساسيا فرضه الكونغرس الأميركي، وليس الحكومة الأميركية، لتمرير اتفاقية التجارة الحرة بين بلاده وبين الولايات المتحدة، وهو ما فرض على بلاده اتخاذ قرار رفع الحظر. وأكد أنه ليس هناك أية بنود سرية في الاتفاقية التي ناقشها البرلمان البحريني نفسه، «ولكن ما حدث هو مستجدات طارئة من قبل أعضاء الكونغرس قبل مناقشتهم للاتفاقية».

وأوضح الوزير البحريني أن «البحرين وازنت بين مصالح مواطنيها والانتعاش الاقتصادي الذي ستعيشه بعد دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ، وبين مكتب للمقاطعة لا يزيد عدد موظفيه على 3 أشخاص لن يكونوا هم من يفرض على المواطن البحريني مقاطعته لاسرائيل».

وأكد أن موقف الحكومة البحرينية واضح في عدم تطبيعها مع إسرائيل بأي شكل من الأشكال، ولا يوجد أي دليل أو إثبات على رغبة البحرين في التطبيع. واعتبر الشيخ خالد بن أحمد خطوة المنامة في رفع الحظر عن البضائع الإسرائيلية ضرورية وهامة حتى يصدق الكونغرس الأميركي على الاتفاقية، وكشف أن بلاده تلقت اتصالات واستقبلت وفودا تحاول التقريب بينها وبين إسرائيل عن طريق إقامة اتصالات بين البلدين، ولكن البحرين ـ وفقا للوزير آل خليفة ـ رفضت هذا الأمر رفضا قاطعا، مؤكدا تمسك بلاده بالمبادرة السعودية للسلام التي أقرتها قمة بيروت العربية.

وخلال جلسة البرلمان البحريني أمس، شن غالبية النواب هجوما على الحكومة البحرينية، التي كانت ممثلة بوزير خارجيتها الشيخ خالد بن احمد آل خليفة، ووزير المالية، الشيخ احمد بن محمد آل خليفة، واعتبر النواب أن ما قامت به الحكومة يعتبر «تهميشا لدور السلطة التشريعية»، بعد قيام الحكومة باتخاذ قرار رفع الحظر من دون الرجوع إلى المجلس النيابي. وبالرغم من أن وزير الخارجية حاول إطفاء هذا الغضب المشتعل بين النواب بلقاء رؤساء الكتل النيابية أول من أمس ومناقشتهم في قرار رفع الحظر، إلا أن النواب بدا عليهم الاستنكار الشديد لطريقة الحكومة في اتخاذ ما اعتبروه قرارا استراتيجيا ومصيريا من دون الرجوع لممثلي الشعب.

من جانبه، أكد الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن الاتفاقيات الاقتصادية سواء الثنائية أو المتعددة الأطراف تهدف إلى الوصول إلى عالم مفتوح تتضافر فيه الجهود من أجل دفع عجلة التنمية، مشيراً إلى أن توقيع البحرين كعضو مؤسس على اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية، وكذلك توقيعها اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة يعني شهادة بسلامة القوانين والأنظمة المتبعة في البحرين ومطابقتها للمعايير الدولية ولمبادئ الإفصاح والشفافية. كما أكد عدم وجود أية بنود سرية في اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة وأن الاتفاقية تهدف إلى تحرير تجارة السلع والخدمات بين دولتين فقط هما البحرين والولايات المتحدة، وسيكون لها دور مباشر في زيادة معدلات النمو الاقتصادي في بلاده وإتاحة الفرصة لكل من يريد اتخاذها مركزاً لأعماله. وأكد الوزير إن إغلاق مكتب مقاطعة البضائع الإسرائيلية لا يعني تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل، «حيث أن البحرين كانت وما تزال ضمن منظومة الصف العربي وتلتزم بقراراته في هذا الشأن»، مشيراً إلى أن الإلغاء «ينقل القرار في هذا الموضوع إلى المواطن البحريني ومؤسسات المجتمع المدني، ولا يعني بأي حال من الأحوال وجود أي نوع من الإلزام على الجهات الحكومية أو القطاع الخاص في البحرين باستيراد البضائع الإسرائيلية ولا على المواطن البحريني باستهلاكها».

وأوضح أن موضوع مقاطعة البضائع والسلع والمنتجات الإسرائيلية «يرجع إلى ظروف دولية وإقليمية كانت سائدة في أواخر الخمسينات وأوائل الستينات وتختلف تماماً عن تلك السائدة في الوقت الحالي».