مكفوفون في سورية يبصرون من خلال الكومبيوتر

«اقتراب».. مشروع أطلقته الأمم المتحدة في مدينة سورية

TT

اطلق في مدينة سلمية السورية الصغيرة (200 كلم شمال دمشق)، أول برنامج إنمائي موجه للمكفوفين تحت عنوان «اقتراب». ويستخدم المشروع تقنيات المعلومات والاتصالات للمكفوفين، ويقع ضمن برنامج أوسع يسمى «اقتدار» ويترجم عربياً أيضاً، على أنه تقنيات المعلومات والاتصالات للتنمية بالمنطقة العربية.

اطلق البرنامج في «مركز نفاذ شبكة المعرفة الريفية»، الذي افتتح قبل حوالي العام، كمركز للمعلوماتية والكومبيوتر وتعليم اللغات الأجنبية، حيث تأسس هذا المركز بالتعاون بين برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة الاتصالات التقنية السورية.

ومنذ اطلاق البرنامج، بدأ يقدم خدماته الى مئات المكفوفين، خاصة من فئة الأعمار الصغيرة والشابة، ولكافة أبناء المدن السورية. والشيء المميز في هذا البرنامج، كما قال المسؤولون عنه لـ«الشرق الأوسط»، انه يقدم خدماته مجاناً لافراد تلك الشريحة من المجتمع، الذين فقدوا بصرهم، ويعمل على مساعدتهم ليتعاملوا مع الكومبيوتر وجميع تطبيقاته واستخداماته وكأنهم يبصرون تماماً.

في المركز الذي يقع وسط المدينة، كانت روز الفتاة الصغيرة ذات الخمسة عشر عاماً، تجلس أمام الكومبيوتر تتعامل مع البرامج وتتصفحها و«تشاهد» الصور، وهي الكفيفة. شعرت بوجودنا وحدثتنا عن فرحتها بالتعامل مع الكومبيوتر من خلال هذا البرنامج، وهي التي حرمت من الدراسة في المدرسة بسبب إعاقتها البصرية.. ظهرت إحدى الصور على شاشة الكومبيوتر، فقالت لنا والفرحة تتملكها: «انظروا إنها صورة فلان إنها جميلة أليس كذلك؟!». وقال إياد الشاب المكفوف: «لم أصدق أنه سيأتي يوم أستطيع فيه أن أمارس وبطلاقة متعة العمل على الكومبيوتر وتصفح الإنترنت كغيري من المبصرين. إنه شعور لا يوصف!».

وقال المهندس نبيل عيد، المسؤول عن مشروع «اقتراب» أو «إبصار»، كما يسميه البعض، ان «برنامج اقتراب أو إبصار، هو حل متكامل لضعاف وفاقدي البصر، وهو يعتمد على محرك نطق النصوص العربية والإنجليزية والقارئ الآلي». واضاف لـ«الشرق الأوسط»: «يعمل برنامج إبصار على مساعدة فاقدي البصر على قراءة الكتب أو المستندات المطبوعة أو الملفات الإلكترونية بدون مساعدة أحد، كما يساعدهم على كتابة نصوص عربية أو إنجليزية بكفاءة عالية، بالإضافة إلى حفظ هذه النصوص وطباعتها بطريقة برايل». وتابع ان هذا الحل المتكامل يساعد فاقدي البصر على استخدام الإنترنت وقراءة المواقع العربية والإنجليزية، باستخدام طريقة سهلة صممت خصيصاً لضعاف وفاقدي البصر، كما يسمح لهم بإرسال واستقبال وكتابة وقراءة البريد الإلكتروني، مما يسهل اتصالهم بالعالم الخارجي. واوضح ان البرنامج يتضمن نظاماً تعليمياً لتدريب المبتدئين على استخدام لوحة المفاتيح.

ويمكن القول إن «اقتراب» أو «إبصار» هو عبارة عن قارئ شاشة قوي يحول محتويات الشاشة إلى صوت بشري عالي الجودة، ليمكن المستخدم من التعامل مع كل برامج الكومبيوتر بالعربية والإنجليزية كأي مستخدم محترف.

ويمكن تلخيص فوائد نظام البرامج الناطقة للمكفوفين بالتالي: السماح للمستخدم بعمل تدريب ذاتي، الحفاظ على استقلالية وخصوصية المستخدم، مساعدة فاقدي البصر وضعاف البصر في مجالات التعليم والثقافة والتطوير الوظيفي.

ويورد نبيل عيد إحصائية عن عدد المكفوفين، تبين أهمية هذا البرنامج الفريد في خدمتهم والشد من عزيمتهم وتعليمهم ودعم حالتهم النفسية. ويقول ان هناك 40 مليون كفيف في العالم، منهم 7 ملايين في العالم العربي. وفي سورية يبلغ عدد المكفوفين 55 ألف. وبلغ عدد المنتسبين لبرنامج «اقتراب» 145 كفيفا، قدموا من محافظات دمشق وحمص وحماة ومن المدينة المستضيفة سلمية. ويتوقع نبيل أن يزداد عددهم بعد فترة، بعد ان يلقى البرنامج إقبالاً اكثر بين المكفوفين، وخاصة من ذوي الأعمار الشابة.