زلزال جنوب آسيا: ناجون يواجهون الأمطار والثلوج.. ومخاوف من انتشار الأوبئة بسبب كثرة الجثث المتحللة

انتشال امرأة حية أمضت 105 ساعات تحت الركام في مظفر أباد.. ومن بقي حياً في المدينة يلجأ إلى ملاعب الكريكيت

TT

تواصلت أمس عمليات البحث والانقاذ لضحايا الزلزال العنيف الذي ضرب باكستان والهند السبت الماضي, وفيما اعلن رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز أن اعمال الاغاثة تتواصل لكن يجب التفكير بفصل الشتاء, كان الناجون من الزلزال في كشمير الهندية يواجهون الامطار والثلوج, وفي الوقت نفسه بدأت المخاوف من انتشار الاوبئة في باكستان بسبب جثث ضحايا الزلزال المتحللة. وفي أمل جديد على وجود أحياء جرى انتشال امرأة على قيد الحياة امضت 105 ساعات تحت الركام في مظفر اباد أمس.

وفي إقليم آزاد كشمير الحدودي يرتفع عدد القتلى بشكل متواصل مع تقدم فرق الإغاثة إلى مناطق أكثر وعورة. وتقدر الأرقام الرسمية عدد القتلى بـ23 ألف شخص، لكن رئيس الوزراء شوكت عزيز قال إن العدد سيرتفع مع وصول الإسعافات إلى المناطق النائية. أما بالنسبة الى المنظمات الباكستانية غير الحكومية وعمال الإنقاذ فان إحصاءاتهم عن عدد القتلى تراوح ما بين 35 ألفا و40 ألف شخص في الجزء الخاضع لادارة باكستان من كشمير الإقليم الحدودي والبنجاب. وقال خبراء إنه حتى مع هذه الأرقام المحافظة فإن المناطق التي لم يتم الوصول إليها بعد لم تشملها الإحصاءات. وتتوقع بعض الصحف المحلية التي لديها مراسلون في المناطق النائية أن تصل أرقام القتلى إلى 100 ألف شخص.

ونشرت صحيفة «الوطن» اليومية في تقريرها «يعاني الناجون من الزلزال من الجوع والجروح والبرد القارس والكآبة وانهيار القانون والنظام وتسود مخاوف من أن يبلغ عدد القتلى 100 ألف شخص».

وتبقى المنطقة الواقعة بين مظفر أباد وبين خط السيطرة الفاصل بين كشمير الباكستانية وكشمير الهندية عسيرة على الوصول بسبب انجراف الطرق والأمطار الغزيرة خلال الأيام التي أعقبت الزلزال. ومع تزايد عدد المناطق التي تم الوصول إليها فإن فرق الإغاثة تقول إن عدد الضحايا في تزايد مستمر. وفي مظفر آباد فقط، والتي يسكنها نصف مليون شخص, فإن عدد القتلى بلغ 17 ألفا. مع ذلك فإن هذا ليس الرقم الأخير إذ ان هناك اكتشافات في كل ساعة لجثث أخرى من تحت الأنقاض حسبما قال فاروق حيدر الوزير في الحكومة المحلية التي تدير كشمير. ومن الصعب العثور على مبنى واحد في المدينة لم يتعرض لأضرار، وفي معظم الحالات هناك من دفنوا أحياء تحت انقاض المباني التي انهارت فوقهم بفعل الزلزال. وترك أهل مظفر اباد منازلهم وتجمعوا في ملاعب كرة القدم والكريكيت.. فالارض لم تهدأ بعد, ومن الأسلم لهم، كما اكدوا، عدم العودة الى المنازل. وقال عارف إقبال، وهو من سكان مظفرأباد، انه وأفراد اسرته سيبقون في ملعب الكريكيت التابع للجامعة ولا يعتزم العودة الآن للمدينة التي تعرضت 90 في المائة من منازلها لأضرار بفعل الزلزال. وتستخدم هذه الملاعب كمستشفيات ميدانية، اذ ان المستشفى الوحيد في المدينة تعرض لأضرار بفعل الزلزال. وليس ثمة عمليات إنقاذ متقدمة للوصول الى الذين لا يزالون أحياء تحت الأنقاض، اذ ان اللافت في كل المناطق المتضررة استخدام المطارق الكبيرة لتكسير الانقاض بحثا عمن لا يزالون أحياء تحتها. وكانت مدرستان انهارتا في المدينة ما اسفر عن دفن 600 طالب تحت أنقاض المدرستين، وفي وقت لاحق جرى إخراج 41 طالبا من تحت ركام المدرستين في منطقة بالاكوت. ويخشى انتشار الأمراض عند تحلل الجثث المدفونة تحت الأنقاض. وحذر فريق الإغاثة التابع للأمم المتحدة الحكومة من خطورة انتشار اوبئة خطيرة في المدينة والمناطق المجاورة. من جهة اخرى, نقلت وكالة فرانس برس عن رئيس الوزراء الباكستاني شوكت عزيز أمس في مظفر اباد عاصمة كشمير الباكستانية ان عمليات الانقاذ تتواصل لكن «يجب التفكير بفصل الشتاء الذي يقترب» لايجاد مأوى للمشردين.

واوضح عزيز الذي اتى بمروحية الى مظفر اباد للمرة الاولى منذ الزلزال الذي ضرب باكستان السبت «في الوقت الراهن ما زلنا في مرحلة الانقاذ والاغاثة». وقال «علينا بعدها ان نفكر بفصل الشتاء الذي يقترب. يجب ان نوفر للسكان مكانا يمضون فيه الشتاء... في مواجهة كارثة من هذا الحجم رأيتم كيف كانت ردة فعل الناس وردة فعل العالم انها معجزة».

واكد عزيز الذي احاط به مصابون جراء الزلزال يعالجون في الهواء الطلق في احد ملاعب المدينة «لكننا بحاجة الى بذل المزيد وسنعمل من دون هوادة على مدار الساعة سبعة ايام في الاسبوع».

وانتشلت فرق اغاثة تركية أمس امرأة هي ام لثلاثة اطفال بعد ان امضت 105 ساعات تحت ركام منزلها في مظفر اباد، على ما افاد صحافي في وكالة فرانس برس. وانتشلت رشيدة فاروق البالغة من العمر 45 عاما وهي لا تزال على قيد الحياة من تحت ركام منزلها امام حشد من نحو مائة شخص ابتهلوا للحدث.

وأفادت وكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) عن تدفق المساعدات من أموال ومواد إغاثة من جميع أنحاء الهند ومن الخارج, إلا أن عمال الانقاذ التابعين للمنظمات غير الحكومية يقولون إن هذا لا يكفي ولا يصل إلى من هم في حاجة ماسة له بالفعل. وبينما تمكن الجيش الهندي من الوصول إلى بعض القرى النائية قال مسؤولون إن عشر قرى صغيرة على الاقل في قطاع أوري الذي كان أكثر المناطق المتضررة من الزلزال العنيف لم يتسن بلوغها. وقال متحدث في وزارة الدفاع الهندية إن ستة جنود كانوا يجرون عمليات إنقاذ وإغاثة قد قتلوا في انهيار أرضي أمس. وتوقع مكتب الارصاد الجوية الهندية هطول المزيد من الثلوج والامطار على مدى الاربع والعشرين ساعة المقبلة. وكانت درجات الحرارة أثناء الليل قد انخفضت بالفعل إلى أقل من ست أو سبع درجات تحت الصفر.

وعرقل الطقس السيئ جهود الاغاثة والانقاذ. وقال وزير الداخلية الهندي في كيه دوجال في العاصمة نيودلهي «نشعر بالقلق الشديد من الشتاء المقبل». وأقام آلاف الكشميريين الصلاة أمس على أرواح ضحايا زلزال السبت الماضي خلف رجل الدين والزعيم ميرويز عمر فاروق الذي يطالب بانفصال اقليم كشمير. وناشد فاروق الذي يرأس حزب مؤتمر الحرية المعتدل باكستان أن تقبل القيام بأعمال إنقاذ وإغاثة مشتركين في المناطق التي ضربها الزلزال والواقعة على طرفي الحدود بين جامو وكشمير. وقال «يجب أن يتم التعامل مع المأساة على أساس إنساني ويجب ألا يحاول أي شخص الاستفادة منها سياسيا. هناك خطر على الكثير من حياة الناس، ومع حقيقة التقارب المكاني بين الطرفين فإن دوريات مشتركة ستفيد الناس جميعا». وقال شابير تشوداري رئيس اللجنة الدبلوماسية لجبهة تحرير جامو وكشمير ومقرها لندن «إنه من غير المناسب أن ترفض السلطات الباكستانية عرضا وديا للمساعدة في هذا الوقت الصعب. وباكستان تجاهلت هذه القضية الانسانية وبدلا من ذلك حولتها إلى قضية سياسية». وأرسلت السلطات الصحية الباكستانية أمس مئات من الخبراء الطبيين والمعالجين إلى المدن والقرى التي دمرها الزلزال في كشمير والمناطق الشمالية من باكستان لرش جثث الضحايا المتحللة وسط مخاوف من انتشار الاوبئة التي تنتقل من خلال المياه في البلاد.

وقال أندرو ماكلويد المتحدث باسم فريق الامم المتحدة للتنسيق وتقييم الكوارث في تصريحات في إسلام أباد إنه «في فاجعة مثل تلك حيث توجد أعداد هائلة من الجثث يكمن خطر هائل يتمثل في انتشار وبائي كبير». وأعربت أيضا منظمة «أطباء بلا حدود» ومقرها باريس عن مخاوفها إزاء تلوث مصادر المياه جراء ما خلفه الزلزال من دمار في أنابيب المياه ومناطق تخزينها إلى جانب روافد الانهار المحلية في المناطق المنكوبة. وقالت إيزابيل سيمبسون رئيسة فريق المنظمة في إسلام أباد في تصريحات للصحافيين إن «ذلك قد يقود إلى انتشار وبائي للامراض التي تنتقل من خلال المياه». وأسفر الزلزال عن مقتل ما يصل إلى 40 ألف شخص بحسب تقديرات غير رسمية إلى جانب إصابة 50 ألفا آخرين. ومن جانبها أكدت الحكومة الباكستانية مقتل 23 ألف شخص بينما بلغ عدد المتضررين من هذه الكارثة الطبيعية ما يقرب من أربعة ملايين شخص يعيشون في المنطقة الشمالية من باكستان والتي تضم كشمير.

وفي غضون هذه التطورات, قامت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أمس بزيارة مفاجئة الى باكستان لتقديم التعازي شخصيا في ضحايا الزلزال ولعرض المساعدات الاميركية لحليفتها الرئيسية في «الحرب على الارهاب».