دراستان أميركيتان: المأكولات البحرية مهمة للأجنة والمتقدمين في السن

تناول الأسماك ضروري لاكتمال نمو دماغ الجنين وللمحافظة على الذاكرة لدى الكبار

TT

تناول الأمهات للأسماك يساهم إلى حد كبير في نمو دماغ الجنين بشكل قوي بحسب دراسة صدرت من هارفارد، كما أن تناول الكبار والمتقدمين في العمر لها يحمي كثيراً من اضطرابات الذاكرة وأعراض الخرف، بحسب دراسة أخرى صدرت من شيكاغو في نفس الوقت. والملاحظ أن الدراسات الطبية هذه الأيام وبعدما فرغت في إثبات عظم أهمية تناول الأسماك على صحة القلب ووقايته من أمراض الشرايين، فإنها تتجه بنفس القوة نحو جانب آخر وهو الدماغ. ومنذ بداية هذا الشهر تحديداً صدرت حوالي عشرة دراسات طبية تؤكد فائدة الأسماك على جوانب متعددة حول صحة الدماغ وسلامة التفكير والمحافظة على قوى الذهن كالذاكرة وسلامة القرارات وتسلسل العبارات وغيرها مما يتأثر عادة بتقدم العمر.

الدراسة الطبية التي لفتت الأنظار كانت كالعادة من هارفارد، فلقد توصل فريق من الباحثين من كلية هارفارد للطب في بوسطن الى أن تناول الأمهات للأسماك أثناء فترة حملهن يزيد من نمو الدماغ لدى الأجنة الأمر الذي يظهر جلياً من خلال الأداء المتميز في الاختبارات القياسية للقدرات والمهارات الذهنية لدى هؤلاء الأطفال في سن ستة أشهر لتقويم مقدار النمو العقلي لديهم مقارنة بغيرهم من الأطفال ممن لم تتناول أمهاتهم الأسماك أثناء فترة الحمل وخاصة في الثلث الثاني منه. والذي يبدو أن هذا خاص بأنواع الأسماك التي تحتوي نسباً متدنية من مادة الزئبق، لأنه باستكمال استعراض نتائج دراسة هارفارد هذه، بين فريق البحث أن الأمهات ممن تعلو لديهن نسبة الزئبق في الجسم وهو ما يستدل عليه بالتركيز العالي له في شعرهن عند تحليله، فإن مواليدهن يسجلون نقاطاً متدنية في الاختبارات القياسية للقدرات والمهارات الذهنية للأطفال.

وشملت الدراسة الجديدة بنتائجها المثيرة للجدل 135 أماً وأطفالهن ونشرت في العدد الأخير من مجلة توقعات الصحة البيئية الأميركية وهو البحث الذي سيكون له أصداء واسعة حول إعادة مراجعة النصائح الطبية حول تناول الأمهات للأسماك وبالذات أثناء فترة الحمل وكذلك تناول الأطفال لها. والدراسة وإن أكدت حقيقة فائدة المواد الغذائية التي يتحلى بها لحم السمك فإنها شددت على ضرورة أخذ الحيطة والحذر من تناول الأنواع التي من المعروف أنها تحتوي كمية عالية من الزئبق. الزئبق سيظل مادة تسبب مشكلة بيئية ضمن عناصر التلوث التي تطال المنتجات الغذائية نتيجة للتسرب من المرافق الصناعية ولوجودها العالي في بعض المناطق بشكل طبيعي دون غيرها لأسباب غير معروفة. والأسماك أحد الكائنات التي تتأثر به نتيجة تركيزه فيها خاصة في جلودها وفي الأنواع الكبيرة حجماً وسناً منها وعلى وجه أدق الأنواع التي يتم جلبها من البحار القريبة من اليابسة، مما قد يسبب تلفاً يطال نمو الدماغ لدى الجنين في حال زيادة كميته في الأغذية المتناولة من قبل المرأة الحامل. ولذا فإن نصائح هيئات الصحة في الولايات المتحدة وغيرها ما تزال تشدد على ضرورة تجنب الحامل تناول أنواع معينة من الأسماك كالقرش وسمكة السيف والماكريل الكبير وأنواع من التونا البيضاء.

وعلقت الدكتورة إميلي أوكين الباحثة الرئيسة في الدراسة بانه يجب علي الأمهات الحوامل تناول الأسماك لكن عليهن في نفس الوقت الحرص على أن يكون من أنواعها ذات المحتوى القليل من الزئبق، كالسلمون والتونا الخفيفة وسمك الكود الأبيض. وذكرت أن لحوم الأسماك تحتوي مادة أوميغا-3 المهمة في نمو الدماغ ومحافظته علي قدراته، كما صرحت بذلك لوكالة رويترز.

من جهة أخرى فإن فريقاً آخر من الباحثين من المركز الطبي في جامعة رش بشيكاغو توصل إلي أن تناول السمك علي أقل تقدير مرة في الأسبوع سوف يقلل كثيراً من تسارع تدهور عمليات الشيخوخة المؤثرة علي القدرات الذهنية والعصبية لدى المتقدمين في العمر الأمر الذي يضعف احتمال الإصابة بالخرف والعته حينها. الدراسة التي استمرت أكثر من ستة سنوات في المتابعة والبحث ونشرت نتائجها في النسخة الإلكترونية الحديثة من مجلة أرشيفات الأعصاب أظهرت كما ذكر فيها أن معدل التدهور في القدرات العقلية لدى الناس الذين يتناولون الأسماك مرة أو أكثر في الأسبوع أقل بنسبة سنوية تبلغ 13% مقارنة بمن يتناولون الأسماك نادراً، وهذا الفرق هو بصفة سنوياً، أي أن بعد ستة سنوات سيكون الفرق بين كلا المجموعتين كبير جداً.

بمعنى آخر كما ذكرت مارثا كلير التي ساهمت في البحث، أن معدل النقص سيجعل بين من يتناول السمك أسبوعياً ومن لا يتناوله بكثرة فرقاً يتجاور الأربع سنوات في القدرات الذهنية، فيبدو من يتناول الأسماك أصغر.

ومن جهة ثالثة طُرحت في نفس عدد مجلة أرشيفات الأعصاب الأميركية نتائج دراسة سويدية من مؤسسة كارولنسكا باستوكهولم في السويد تقول إن السمنة وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكولسترول حينما يصاب بها المرء في متوسط العمر، فإنها ترفع من احتمالات تعرضه للخرف والعته في مراحل تالية من العمر إلى ستة أضعاف. وأضافت مايا كيفيبليتو الباحثة الرئيسة بعد متابعة أكثر من 1500 شخص منذ عام 1972 شملتهم الدراسة قائلة: السمنة في متوسط العمر إضافة إلى الضغط والكولسترول هي عوامل شديدة الأهمية لنشوء الخرف والعته، كل واحدة منها ترفع من احتمال ذلك بنسبة الضعف لتصبح النسبة في حال اجتماعها كلها ستة أضعاف.