اتفاق اللحظة الأخيرة يرجح تصويتا إيجابيا لصالح الدستور وجماعة مسلحة تهدر دم زعماء الحزب الإسلامي العراقي

تعديل يسمح بتشكيل لجنة من البرلمان المقبل لاقتراح تغييرات تعرض على استفتاء جديد

TT

بغداد ـ وكالات الانباء: قبل ثلاثة ايام من موعد الاستفتاء على المسودة المقترحة للدستور العراقي الدائم، توصل قادة الاحزاب والكتل السياسية الرئيسية في البلاد، في وقت متأخر الليلة قبل الماضية، الى اتفاق يتيح اجراء تغيير في الدستور بعد الانتخابات البرلمانية التي ستجري في ديسمبر (كانون الاول) المقبل. وأثار الاتفاق حفيظة احدى الجماعات المسلحة، التي توعدت زعماء الحزب الاسلامي العراقي، اكبر الاحزاب في اوساط العرب السنة، بالقتل متهمة اياهم بـ«الارتداد».

ومن المفترض ان تكون الجمعية الوطنية (البرلمان) قد عقدت الليلة الماضية جلسة استثنائية للمصادقة على التعديلات التي اتفق عليها وتقضي بتشكيل لجنة من البرلمان، الذي سينتخب في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تقدم مقترحات لتعديل الدستور بعد اربعة اشهر من اول جلسة لهذا البرلمان. وعندما تحظى التعديلات الجديدة بموافقة البرلمان، تعرض في استفتاء بعد شهرين من اقرارها.

وقال الرئيس العراقي جلال طالباني في مؤتمر صحافي، حضره ايضا الزعيم الكردي مسعود بارزاني، رئيس اقليم كردستان والسفير الاميركي في بغداد زالماي خليلزاد، وغاب عنه رئيس الحكومة ابراهيم الجعفري، انه «يوم تاريخي ويوم الاجماع الوطني، ولن يحق لاحد ان يتذرع، لان المواد المطلوبة وافق عليها الائتلاف العراقي الموحد والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني لتحقيق المطالب التي تقدم بها الاخوة (العرب السنة)».

ومن جهته، قال رئيس الائتلاف الموحد (الشيعي) عبد العزيز الحكيم ان «الائتلاف وانطلاقا من مبدأ الوحدة الوطنية، يعلن تجاوبه مع المساعي التي من شأنها تقريب وجهات النظر لصالح الشعب العراقي وعزل الارهاب». واوضح ردا على اسئلة الصحافيين «ان الاضافات التي تم الاتفاق يمكن ان تلخص بسبع او ثماني نقاط، بعضها يتعلق بالتأكيد على وحدة العراق وعلى اللغة العربية وكيفية التعامل مع قوانين اجتثاث البعث».

وقال نائب الرئيس الشيخ غازي الياور ان «هذا الاتفاق هو افضل ما يمكنا التوصل اليه (...) لا اعتقد ان هناك مبررا لكي يتعامل الناس بسلبية تجاه الدستور».

وتابع ان «الاتفاق نقل اشياء الى المجلس المقبل وهذا محفز لمن لا يرضى عنه لكي يشارك في الاستفتاء، ونأمل في انتخاب مجلس نيابي متوازن». اما رئيس الوزراء السابق اياد علاوي فقال «آن الأوان لكي يجتمع كل العراقيين». مشيدا الجهود التي بذلها الائتلاف الشيعي للتوصل الى هذا الاتفاق.

والقى رئيس الجمعية الوطنية حاجم الحسني كلمة اشاد فيها بالاتفاق، معربا عن الامل في مشاركة الجميع في الاستفتاء على مسودة الدستور السبت المقبل.

وقد تم التوصل الليلة قبل الماضية بحضور ممثلين عن السفارتين الاميركية والبريطانية وبعثة الامم المتحدة الى اتفاق مع ممثلين عن هيئات من العرب السنة على اجراء تعديلات دستورية بعد الانتخابات التشريعية المقبلة.

وافاد رئيس الجمعية الوطنية حاجم الحسني بان «الائتلاف العراقي الموحد الشيعي» و«التحالف الكردستاني» و«الكتلة العراقية» بقيادة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، وافقت على المقترحات التي تقدم بها الحزب الاسلامي العراقي. وقال جواد المالكي القيادي في «حزب الدعوة الاسلامية» وقائمة «الائتلاف»، ان التعديل المقترح «يترك الباب مفتوحا امام اجراء تعديلات، شرط ان تحصل على الغالبية البسيطة (النصف زائد واحد)». واضاف «في حال اقرار التعديلات، يجب ان تخضع لاستفتاء جديد، حيث يمكن ان يرفضها ثلثا الناخبين المسجلين في ثلاث محافظات». وقال إياد السامرائي، المتحدث باسم الحزب الاسلامي العراقي، إنه يقبل بهذا الاتفاق وإنه سيدعو السنة الى التصويت بنعم لصالح الدستور الجديد. واضاف ان «حزبه سيدعو للتصويت بنعم خلال الاستفتاء». وافاد بأن ثلاثة احزاب سنية اخرى ستدعو ايضا الى التصويت ايجابيا وهي «مجلس الحوار الوطني» وجماعة «اهل السنة» و«هيئة الاوقاف»، إلا ان الأمين العام للحزب طارق الهاشمي قال إن «من المبكر إعلان موقف»، غير أنه ابدى تفاؤلا معتبرا أنه «إذا تأكد بالفعل حدوث اتفاق فإن موقفنا سيكون إيجابيا».

واضاف الهاشمي «الفكرة الاساسية اننا حصلنا على فقرة تتيح لنا تغيير كل فقرات الدستور». واوضح «كل الفقرات ليست معصومة وعرضة للتغيير. كل المواد ممكن ان تتغير سوى المادة 122 التي حلت محلها الفقرة التي توصلنا اليها».

ووصفت جماعة «جيش الطائفة المنصورة» في بيان على الإنترنت الحزب الاسلامي العراقي بأنه «ليس بحزب إسلامي ولا حتى عراقي.. بل حزب عميل وضع يده بيد المحتل».

وقال البيان إن «مجرد التصويت على هذا الدستور الكفري إقرار بمشروعيته وبهذا قد أعان (الحزب) الكافرين على المسلمين». وأضاف أن هذا «الحزب العميل لا يمثل أهل السنة والجماعة في العراق، وليس له الحق في أن يتكلم باسم أهل السنة».

وجاء في البيان، الذي يتعذر التحقق من صحته ويحمل توقيع (ابو اسامة) من المكتب الاعلامي للجماعة «قررت الهيئة الشرعية لجيش الطائفة المنصورة اعتبار المرتد محسن عبد الحميد (رئيس الحزب) والمرتد طارق الهاشمي (الامين العام للحزب)، اهدافا للمجاهدين اينما يكونا». وانتقد عبد السلام الكبيسي، عضو هيئة علماء المسلمين موقف الحزب الاسلامي العراقي وقال ان «أي شخص يؤيد هذا الدستور انما يدمر سمعته». واضاف انه يقول للشعب ان «الامر متروك له ان كان سيقاطع الاستفتاء أو يدلي بصوته ليقول لا». اما عدنان الدليمي، الناطق باسم المؤتمر العام لاهل السنة، فاعتبر ان «هذه التعديلات مائعة وغير دقيقة وصياغتها ليست قانونية». واضاف في تصريح، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، «نحن لم ندخل عملية التفاوض ولم يتصل بنا أي احد»، مشيرا الى انه «ابلغ السفير الاميركي في بغداد زلماي خليلزاد ورئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني برأيه»، الا انه استدرك قائلا «نحن الان بصدد دراسة التعديل بشكل دقيق لابداء رأينا الاخير حوله».

ومن جانبه، نفى صالح المطلك، الناطق باسم مجلس الحوار الوطني ان يكون المجلس قد وافق على هذه «الصفقة الجديدة من التعديلات»، وقال «نحن نعتقد انها غير كافية، ومن الناحية العملية لا يمكنها تغيير مسودة الدستور من قبل الجمعية الوطنية المقبلة».

واوضح ان «وجود فقرة تنص على حق رفض التعديل من جانب ثلثي الناخبين المسجلين في ثلاث محافظات يعني من الناحية العملية ان اجراء اي تعديل غير ممكن». وتابع المطلك «اذا حاولنا تعديل اي فقرة تمس الاكراد فيمكن للاكراد في ثلاث محافظات رفضها، واذا حاولنا اجراء اي تعديل يمس الائتلاف (الشيعي) فيمكن للشيعة في ثلاث محافظات رفضها، وبالتالي، لا يمكننا القيام بشيء».

واكد المطلك، انه شارك في المفاوضات التي جرت بخصوص هذا التعديل، وابلغ المفاوضين رفضه له.