استنفار أمني وسياسي في لبنان وحرب شائعات عشية تقرير ميليس

سياسيون لبنانيون انتقلوا إلى الخارج

TT

دخل لبنان مرحلة ترقب في انتظار ما سيحمله تقرير اللجنة الدولية، المكلفة التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الذي سينشر بعد غد الجمعة، وقد تسارعت وتيرة التحضيرات على الساحة اللبنانية لاستيعاب الصدمة، التي يتوقع أن يحدثها التقرير سياسياً وأمنياً.

ومنذ مطلع الأسبوع الحالي، وضعت القوى الأمنية اللبنانية على اختلافها في حالة تأهب قصوى. وتم إلغاء الكثير من الاجازات بهدف تأمين جهوزية أمنية عالية في المناطق اللبنانية كافة، خصوصاً بيروت الكبرى وجبل لبنان، حيث باشرت قوى الأمن والجيش تسيير دوريات وإقامة حواجز، صادر بعضها أسلحة غير مرخصة من بعض المواطنين.

وقد اتخذت وزارة الدفاع اللبنانية، قراراً بتجميد مفعول رخص الأسلحة الصادرة عنها «بناء على مقتضيات الخدمة والسلامة العامة». وهو اجراء يتخذ عادة خلال الحالات الطارئة.

وبموازاة التأهب الأمني، برز استنفار سياسي تمثل بحركة لافتة على خط بيروت ـ باريس، التي تنقل منها واليها، بالاضافة الى عواصم عربية وغربية أخرى، عدد كبير من المسؤولين والسياسيين والنواب اللبنانيين. اذ شهد الاسبوع الحالي وحده عبور عشرة وزراء مطار بيروت ذهاباً او اياباً، بالاضافة الى نحو 16 نائباً وعدد من الشخصيات.

وتسود الشارع اللبناني مخاوف كبيرة من الوضع عشية التقرير، ما حمل وزارة التربية على إصدار بيان أكدت فيه على ان يوم الجمعة (موعد صدور التقرير)، هو يوم عمل عادي في المدارس والمؤسسات الرسمية، وعلى أن الحياة مستمرة على طبيعتها. وقال وزير التربية محمد قباني، في بيان، إن وزارة التربية «لن تقفل أي مدرسة، وليس هناك ما يثير فينا الخوف، أو الاضطراب. ولو كانت لدى الحكومة أي معطيات في هذا الشأن تبرر اتخاذ تدابير استثنائية، كالاقفال أو غيره لكانت فعلت، لأنها حريصة على أمن المواطنين وسلامتهم».

وكان عدد من السياسيين، في مقدمهم النائب سعد الحريري، قد غادروا لبنان قبيل توقيف قادة الأجهزة الأمنية السابقين. ثم تبعهم عدد من النواب والشخصيات، كالنائب جبران تويني. وقد استبق بعض الوزراء والنواب صدور التقرير بمغادرة لبنان. إذ غادر إلى باريس نهاية الاسبوع الماضي وزير الاتصالات مروان حمادة، الذي تعرض لمحاولة اغتيال في أول اكتوبر (تشرين الأول) 2004، ووزيرة الشؤون الاجتماعية نايلة معوض ووزير الصحة محمد جواد خليفة. فيما غادر النائب بطرس حرب، وهو من الأسماء المطروحة لرئاسة الجمهورية، الى واشنطن عبر باريس.

ويعيش المسؤولون اللبنانيون حال استنفار، سواء لجهة انتظار نتائج التقرير، وما قد يحمله من اتهامات، أو لجهة أمنهم الشخصي. فرئيس مجلس النواب نبيه بري «المسجون» داخل منزله فبعد ورود اسمه على لائحة الاغتيالات المحتملة، يفضل أن يقضي وقته خارج لبنان. وبعد إجازة طويلة أمضاها في إسبانيا، يقضي حالياً «إجازة قصيرة» في سويسرا. إذ مدد إقامته هناك بعد مشاركته في مؤتمر برلماني. ويتوقع أن يعود إلى بيروت اليوم أو غداً، اذا لم يستمع الى «نصيحة» قيل انها وجهت اليه، للتريث في العودة الى ما بعد صدور التقرير.

ومن الذين غادروا لبنان وزير الدفاع الياس المر (صهر رئيس الجمهورية)، في حين يقيم قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع في الخارج منذ اطلاقه من السجن، بعفو عام في يوليو (تموز) الماضي. أما رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، فهو معتصم في قصره في المختارة، حيث يتابع الأمور، ويقوم بزيارات خاطفة الى مقره في بيروت.