حادث قناة السويس: السفينة القبرصية اقتحمت غرفة محركات عبارة المعتمرين المصرية

الركاب والطاقم يروون كيف اندفعت المياه بكميات هائلة وبعضهم قفز إلى البحر بعد أن بدأت السفينة في الميلان

TT

قال وزير النقل المصري عصام شرف لـ«الشرق الاوسط» ان التصاق السفينة القبرصية بعبارة المعتمرين المصرية التي اصطدمت بها اول من امس اثناء استعدادها لدخول ميناء السويس ساعد فرق الانقاذ على اخراج الركاب بينما حاولت سحب العبارة إلى منطقة الشحط التي يمكن أن تستقر فيها السفينة دون أن تغرق ولكن لم يوفقوا في ذلك فغرقت السفينة وهي الآن على عمق نحو 40 متراً في عمق المياه. من جانبه قال محافظ السويس اللواء سيف الدين جلال لـ«الشرق الاوسط» ان العبارة السلام غرقت بعد ساعتين من حادث الاصطدام االذي ادى الى فجوة بعمق 5 امتار في السفينة المصرية وجميع محاولات انقاذها فشلت. وكانت قناة السويس قد شهدت حادثا ملاحيا مساء أمس الأول أودى بحياة مصريين فيما أصيب نحو 38 آخرين بعد اصطدام عبارة نقل المعتمرين المصريين عليها 1427 راكبا بينهم 1343 من المعتمرين بسفينة بضائع قبرصية أثناء استعداد العبارة لدخول ميناء السويس المصري على البحر الأحمر وخروج السفينة القبرصية بعد تفريغ جزء من حمولتها. وكانت العبارة المصرية السلام 95 المملوكة لشركة السلام المصرية للنقل البحري قادمة من ميناء جدة السعودي اصطدمت بسفينة البضائع القبرصية وحمولتها 71 ألف طن أثناء استعداد العبارة لدخول ميناء السويس قادمة من ميناء جدة السعودي.

وأضاف محفوظ أن لنشات تابعة لهيئة قناة السويس والهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر قد قامت بنقل جميع الركاب الذين كانوا على متن العبارة وعددهم 1250 شخصا إضافة إلى طاقمها المكون من 120 فردا إلى رصيف ميناء السويس.

وقد أسفر التصادم عن حدوث فجوة ضخمة بالعبارة المصرية في غرفة المحركات مما أدى إلى تسرب كميات كبيرة من مياه البحر داخل العبارة التي غرقت بعد ذلك.

وقال الدكتور عصام شرف إن تحقيقات مصرية تجرى حالياً لمعرفة أسباب الحادث وان التحقيقات تشير إلى أن الخسائر المبدئية تصل إلى نحو سبعة ملايين دولار. وقررت النيابة المصرية التحفظ على السفينة القبرصية. وقال مسؤول بالهيئة العامة لموانئ البحر الأحمر انه تم الانتهاء من عمليات إنقاذ جميع الركاب فجر أمس.

وحمل المهندس محمود إسماعيل رئيس خطوط العبارة السلام مسؤولية الحادث على الباخرة القبرصية وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الخسارة المادية التي تتجاوز العشرة ملايين رغم فداحتها إلا أنها لا تساوي شيئاً أمام أرواح البشر التي أنقذتها العناية الالهية موضحاً أن فريق السفينة أكد له أنهم كانوا في منطقة أمنة بالقناة وكانوا ينتظرون وصول المرشد الخاص والذي يقودها إلى الرسو في ميناء بورتوفيق، لكنهم فوجئوا بالباخرة القبرصية تقتحم غرفة المحركات مما يلقي مسؤولية ارتكاب الحادث على طاقم السفينة القبرصية والذي لم يفسر حتى الآن الأسباب التي دفعته إلى ارتكاب هذا الخطأ. وعزا القبطان أحمد صلاح الدين، بهيئة قناة السويس، حادث الاصطدام، الى خطأ في اصدار أمر دخول السفينة القبرصية وشرح الربان أحمد صلاح الدين، كيفية وقوع الحادث بقوله: «أدى التصادم إلى ميل العبارة على أحد جانبيها، وسرعان ما زاد الميلان بفعل تدفق المياه، ثم تعاظمت قوة الانقلاب، وتراجعت قوة التوازن، فمالت العبارة وبدأت في الغرق تدريجيا، ولم يستغرق ذلك أكثر من ساعة».

وأكد: «ان العبارة أبحرت من ميناء جدة الإسلامي بحالة جيدة، واتصل ربانها بسلطات الميناء قبل أقل من ساعة من الحادث»، مؤكدا أن «الأحوال على ما يرام»، وأن العبارة ستدخل ميناء بورتوفيق في الميعاد المحدد.

وأضاف: «العبارات عندما تغرق فإنها تستغرق وقتا اطول، وما عجل بغرق العبارة «السلام»، هو قوة الاصطدام، الذي أدى إلى حدوث فتحات ضخمة في جانبها الأيمن، وقد حدثت الفتحات تحديدا في عنابر الماكينات 1 و3، ومن المؤكد إن الاصطدام كان هائلا وبالتالي كانت الفتحات ضخمة فتدفقت المياه إلى داخل السفينة بكميات هائلة، لم يكن هناك سبيل لوقفها أو السيطرة عليها، ثم تدفقت المياه فورا إلى غرفة المولدات فانقطع التيار الكهربائي عن السفينة وتوقفت كل الأجهزة، وانقطع الاتصال بين المرشدين وربان العبارة».

والقتيلان المصريان في الحادث وهما سيدة اسمها سعدية عبد الدايم قد توفيت داخل قمرتها وانه قد تكون قد توفيت نتيجة شدة الاصطدام وقتيل آخر لم يعلن بعد عن أسمه فيما حدثت معظم الإصابات نتيجة التزاحم الشديد من جانب ركاب العبارة المصرية بعد الاصطدام الشديد. وقال مسؤول بهيئة قناة السويس إن حركة الملاحة بالقناة لن تتأثر بحادث تصادم السفينتين وان نحو 30 سفينة ستدخل قناة السويس ضمن قافلة الجنوب القادمة من البحر الأحمر. والتقت «الشرق الأوسط» عددا من المصابين الذين كانوا على متن الباخرة بعد إنقاذهم وقالت فيفي مصطفى،71 عاما، من محافظة الإسماعيلية الساحلية «سمعت صوت ارتطام قويا في جانب الباخرة الأيمن واعتقدت ومن معي أن الباخرة قد اصطدمت بالأرض وأنها ستغرق ونحن عليها».

وتضيف سناء شعراوي، 50 عاما، من محافظة السويس : عقب وقوع الاصطدام ظل كل من على الباخرة يردد الشهادة لان الموقف كان رهيبا من شدة الاصطدام كما أن الباخرة قد انحرفت مما زاد من خوفنا.

ويقول محمد إبراهيم، 60 عاما، من محافظة الإسكندرية : أنا قادم من العمرة انا وزوجتي وبعد أدائي الصلاة شعرت بهزة قوية وبعدها بدأ اندفاع الركاب والصعود إلى سطح الباخرة من شدة الخوف ولم اشعر بشيء بعد ذلك حتى وجدت نفسي في مستشفى السويس العام للعلاج.

ويقول محمد ترك، 40 عاما، من الجيزة: معظم الركاب فقدوا حقائبهم فالجميع لم يفكر في شيء سوى النجاة والخروج من الباخرة.

وقال مدير مستشفى السويس العام ادوارد يوسف لـ«الشرق الأوسط» إن معظم الاصابات كانت خفيفة وهي عبارة عن سجاحات وكدمات نتيجة شدة التزاحم من الركاب وقد تلقوا اسعافات سريعة ولم يبق منهم سوى ثلاثة اشخاص هم: فوزية محمود عبد الله، 59 سنة، وقوت القلوب يعقوب أحمد، 62 سنة، ورامي حسن شوقي، 29 سنة، والمصاب الأخير تم نقله لمستشقى مصر للطيران بالقاهرة حسب رغبته لأنه يقيم بالقاهرة.

وقال عبد الواحد محمود ـ أحد الناجين ـ ويعمل في مجال البناء: «انتهزت فرصة رمضان لأداء العمرة، وأثناء وجودي بكافتيريا العبارة لتناول الشاي، فوجئت بصوت ارتطام عنيف، خرجت استفسر عن هذا الأمر، فإذا بالعاملين بالعبارة يطلبون منا الصعود بسرعة إلى سطحها، وفوجئنا في غضون خمس دقائق بالماء يدخل العبارة، ثم بدأت تميل على جانبها الأيمن، لم انتظر كثيرا فقفزت إلى البحر فورا.. واستمررت في العوم رغم ارتفاع الموج حتى أنهكت قواي تماما، فلامست أرضا طينية، فإذا هو الشاطئ، وقد وجدني رجال الإسعاف وضغطوا على بطني لتفريغ المياه ثم نقلوني إلى المستشفى العام بالسويس». ويقول محمد السويفي، أحد ركاب العبارة: «كنت أقوم بأداء العمرة وأثناء وجودي في «الكابينة» أجهز حقائبي استعدادا للنزول، سمعت صوت اصطدام عنيف جدا، فأيقظت صديقي الذي يشاركني السكن، وصعدنا إلى سطح العبارة ووجدنا حالة من الهرج والصرخات بقول «لا الله إلا الله»، وقد أصيب بعض الركاب بإصابات خطيرة وخدوش لاصطدامهم بأبواب وجوانب العبارة».

أما سعيد عبد الفتاح، فيروي قصة نجاته قائلا: «العناية الإلهية هي التي أنقذت الركاب، خاصة أن أغلبهم من المعتمرين، حيث قام المسؤولون بإرسال قارب مطاط للنجاة صعد إليه حوالي 50 شخصا، وظل القارب يسير حتى وصل إلى الشاطئ، ونجونا جميعا باعجوبة».