والد قيادي «السلفية» الجزائرية بلمختار: نسعى لإقناعه بالتخلي عن الإرهاب والعودة إلينا

TT

كشف والد أحد قادة «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية، عن اتصالات تجريها أجهزة الأمن معه لإقناعه بتسليم نفسه وسلاحه والانخراط في ديناميكية «السلم والمصالحة». وتحدثت «الشرق الأوسط» هاتفيا مع والد مختار بلمختار، قائد المنطقة التاسعة في هيكلية تنظيم «الجماعة السلفية»، حول أنباء عن جنوح ابنه إلى السلم، فأكد أن مصالح الأمن تنسق معه منذ أسابيع في محاولة لجره إلى وضع حد لمسار مسلح يدوم منذ بداية تسعينات القرن الماضي. وقال الوالد المقيم في مدينة غرداية (600 كلم جنوب العاصمة): «لم تره عائلته منذ 13 سنة، وقد حان وقت عودته إلى والديه وإخوته ولابد أن يغتنم هذه الفرصة»، في اشارة الى العفو الذي تمنحه خطة المصالحة لأفراد الجماعات المسلحة مقابل تخليها عن السلاح والنزول من الجبال.

وذكر محمد بلمختار، والد قيادي الجماعة السلفية ان السلطات «أعطتنا ضمانات بخصوص عدم متابعته قضائيا، ونحن الآن بصدد إقناعه بجدية هذه الضمانات». ولم يفصح الوالد عن تفاصيل هذه الضمانات، واكتفى بالإشارة إلى أنه يثق في التدابير الأمنية التي ينص عليها «ميثاق السلم والمصالحة الوطنية»، والتي أهم ما فيها إبطال المتابعات وإلغاء الأحكام القضائية الصادرة ضد الأشخاص الذين رفعوا السلاح، شرط ألا يكونوا ضالعين في المجازر الجماعية والاغتصاب ووضع المتفجرات في الأماكن العمومية. ويستبعد المتتبعون أن تتشدد السلطات في تنفيذ هذه الشروط، لأن غالبية المسلحين الذين مازالوا في الجبال متورطين على الأقل في واحدة من الجرائم المذكورة. وذكرت مصادر تتابع مسار بلمختار، المكنى ابوالعباس والأعور احيانا، أنه أوقف نشاطه المسلح منذ ستة أشهر «حيث لم يقم بأية عملية إرهابية منذ ربيع هذه السنة، تعبيرا عن إرادته في التخلي عن العمل المسلح لكنه متخوف من متابعته قضائيا، وهو ينتظر إشارات جادة من السلطات تجعله يتأكد بأنه سيستفيد من عفو إذا سلم سلاحه». وأكدت المصادر أن أبوالعباس يوجد حاليا في المنطقة الفاصلة بين الصحراء الجزائرية والحدود مع النيجر، وأن أجهزة الأمن تستعين بأحد أعيان قبائل الصحراء يحظى بنفوذ كبير في المنطقة، للمساهمة في مسعى حمله على التخلي عن الإرهاب. وتقول نفس المصادر إن بلمختار يقود مجموعة من 10 مسلحين «حرّكت فيهم إجراءات المصالحة الرغبة في العودة إلى أهاليهم».

ويرجع تخوف بلمختار من تسليط عقوبات ضده، حسب مصادر، الى صلاته الوثيقة مع خلايا تهريب السلاح والماشية والسجائر ومختلف المواد الغذائية، عبر حدود بلدان الساحل الأفريقي خاصة موريتانيا ومالي والنيجر.

وينسب الجيش الموريتاني الى بلمختار، تنفيذ هجوم استهدف في مطلع يونيو (حزيران) الماضي، ثكنة بالقرب من الحدود الجزائرية الموريتانية، خلف مقتل 17 جنديا موريتانيا، لكن مصادر جزائرية عليمة تنفي وقوفه وراء العملية، وقالت إن أحد رجاله المنشقين عنه، يدعى نور الدين غريفة، هو الذي قام بالعملية وقتل خلالها.

ويعد بلمختار، 33 سنة، من أبرز وجوه العمل المسلح، واشتهر بقيادة مجموعة مسلحة تدعى «كتيبة الشهادة» تابعة لـ «الجماعة الإسلامية المسلحة» وتنشط في منطقتي المنيعة وغرداية في جنوب البلاد. وكان جلب السلاح إلى الجماعات المسلحة في شمال الجزائر، مهمة بلمختار الأساسية. وتقول مصادر إنه تمرد على القائد العام للجماعة الإسلامية عنتر زوابري (قتل على ايدي الجيش الجزائري)، قبل أن ينضم إلى النواة التي أسست الجماعة السلفية عام 1998 بقيادة حسان حطاب، وظل بلمختار مكلفا بنقل السلاح من الصحراء إلى الشمال، بفضل علاقته الوثيقة بقبائل صحراء الساحل الأفريقي التي تهرب السلاح خاصة من مالي والنيجر.