دمشق ترفض التقرير الدولي لأنه «بعيد عن الحقيقة» و«ضد سورية»

قلق في أوساط مواطنين بسورية إزاء ما يحتمل أن ترمي إليه الولايات المتحدة بعد التقرير

TT

استقبلت الاوساط الاهلية والاجتماعية والمواطنون السوريون تقرير ديتليف ميليس بالاستنكار، معتبرين انه يندرج بما ورد فيه من مضامين في اطار الضغوط الاميركية والاسرائيلية التي تمارس ضد سورية بغية دفعها نحو تبديل مواقفها من قضايا المنطقة وخاصة تجاه القضيتين العراقية والفلسطينية وتجاه ما يرسم بشأن مستقبل لبنان .

المواطنون السوريون، بعد اطلاعهم الأولي على مضمون تقرير ميليس، يعيشون حال من الغضب لأنهم رأوه غير حيادي وغير نزيه بل جاء مستهدفاً لسورية ككل وليس لأشخاص فيها، باعتبارها الحلقة الاخيرة في المنطقة التي لا تزال تناهض المخططات المشبوهة، وسقوطها يعني سقوط المنطقة برمتها تحت نفوذ أميركا واسرائيل وهيمنتهما المطلقة.

ويرى الشارع السوري ان تقرير ميليس جاء عائما يقوم على الشبهة وليس على الدليل يراد توظيفه اميركيا في اطار سعي واشنطن ومحاولاتها ابتزاز سورية وثنيها عن سياستها الخاصة بقضايا المنطقة ما يجعل من الصعب قراءة التقرير بمعزل عن التطورات الراهنة في المنطقة باعتباره اعطى نصف الحقيقة وجاء غير مكتمل الجوانب.

ورأى مواطنون أن المعلومات التي وردت في التقرير جاءت مجتزأة وأحياناً متناقضة، خاصة أن التقرير أقر بأن التحقيق لم يكتمل بعد، ما يعني أنه جاء بعيداً عن الدقة والموضوعية، كما رأوا أن من الضروري الانتظار حتى يكتمل التحقيق .

وبهذا الصدد أكد مواطنون أن أي جهة قضائية تحترم نفسها، سواء في اطار القانون الدولي او الالماني، لا يمكن ان تقبل تقريراً بتلك الصيغة التي جاء فيها هذا التقرير الذي لا يمكن البناء عليه حتى باشتباه ما لم تتوفر قرائن ومعطيات . وفيما يبدي بعض السوريين قلقهم مما ترمي اليه الولايات المتحدة من وراء هذ التقرير الذي من شأنه التحريض على إلهاب المنطقة سياسيا، قبل اكتمال الحقائق وممارسة المزيد من الضغوط ضد سورية من جهات مختلفة، يبدي البعض الآخر اطمئنانه الى عدم قدرة الولايات المتحدة على توظيف التقرير ضد سورية التي تتمتع بصداقات جيدة مع العديد من دول العالم وخاصة روسيا والصين.

كما يرى الشارع السوري ان تقرير ميليس جاء مسيَّساً بامتياز، مفتقراً إلى الأدلة الدامغة، ما جعل مضمونه مجرد اتهام لا أساس منطقي له، وأنه يندرج وحسب في اطار الضغط على سورية ولكن من دون أدلة، ما يدعو الى العجب من صدور تقرير كهذا عن لجنة دولية تم توظيف معظم اجهزة الاعلام العالمية الكبرى للتباهي بقدرتها وقدرة رئيسها على انجاز مهمة معقدة كمسألة اغتيال الحريري، وأكد مواطنون انه مهما تمادت اميركا واسرائيل في غطرستهما وعدوانيتهما تجاه المنطقة العربية فان هذه المنطقة لن تتأمرك ولن تتصهين .

ورأت أوساط سياسية سورية أن التقرير لم يتضمن أدلة قاطعة تصل الى الفاعل الحقيقي في عملية اغتيال الحريري، بل جاء حيز كبير منه بمثابة سرد لما سبق ان تم تداوله من وقائع خلال الفترة السابقة ، يغلب الشك على الكثير من وقائعه .

ووصف وزير الإعلام السوري الدكتور مهدي دخل الله التقرير بانه سياسي اعتمد على روايات شهود معينين معادين لسورية اتهموها بالجريمة منذ لحظة وقوعها، مشيراً إلى أن مضمون التقرير يتنافى مع ابسط شروط ووسائل واسلوب التحقيق في قضية كبيرة ولا يمكن لمحكمة نزيهة ان تقبل بهكذا تقرير يستند الى مجرد اقوال، وأوضح الوزير السوري ان سورية ستدرس هذا التقرير بشكل رسمي وتتخذ القرار المناسب بشأنه .

من جانبه اعتبر المحلل السياسي السوري احمد الحاج علي تقرير ميليس ضعيفاً باعتباره استند إلى وقائع وادلة ظنية ومبعثرة وشهود مجهولين ، مؤكداً ان التقرير خرج عن الموضوع الاساسي بالحديث عن عموميات مثل الاتهامات الموجهه للمسؤولين السوريين .

وأوضح الحاج علي أن الجانب السوري فوجئ بهذا الترهل في التقرير، رغم احترامه لشخص القاضي ميليس، منوها الى اصرار دمشق على تعميق دور لجنة التحقيق لتكون اكثر دقه ووضوحا، ومشيرا الى ان اللجنه لم تأ‌ت بجديد حتى الآن باستثناء تجميع بعض الاضافات.