أصوليون: استخدام اسم «النصرة والجهاد في بلاد الشام» لم يكن سوى تضليل متعمد للتحقيق

تقرير «ميليس» يحل لغز «أبو عدس» على قناة «الجزيرة»

TT

برّأ تقرير لجنة التحقيق الدولية «ميليس» في اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري، الذي أشار الى تورط مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانين كبار في العملية، «أبو عدس» من أي صلة باغتيال الحريري.

ويحل التقرير لغز «أبو عدس»، الأصولي الفلسطيني الذي بثت قناة «الجزيرة» القطرية شريطا يعلن فيه مسؤوليته عن تنفيذ الحادث الارهابي يوم 14 فبراير (شباط) الماضي. وكانت جماعة مجهولة، تطلق على نفسها اسم «النصرة والجهاد في بلاد الشام»، تبنت عملية اغتيال الحريري. وقالت في شريط مصور بثته قناة «الجزيرة» القطرية، إنها نفذت القصاص العادل في رئيس الوزراء اللبناني السابق، على حد تعبيرها. وأضافت ان شخصا يدعى أحمد أبو عدس، نفذ الهجوم ضد الحريري الذي زعمت انه عميل للنظام السعودي وانتقاما لمن قتل في السعودية. وتوعد المتحدث بأن تكون عملية الاغتيال فاتحة لعمليات اغتيال أخرى في بلاد الشام.

وأكد تقرير «ميليس»، ان «أبو عدس كان في سورية، وأجبر في إحدى النقاط العسكرية على تسجيل الشريط وقُتل بعد ذلك، وان الشريط ارسل الى بيروت صباح يوم 14 فبراير، وسُلم الى جميل السيد، وقد طلب من شخص مدني صاحب سوابق إجرامية، ان يرافق ضابطا في الأمن العام من أجل وضع الشريط في شارع الحمراء ثم الاتصال بمدير مكتب «الجزيرة»، غسان بن جدو لتسلمه». وقال التقرير تحت عنوان أحمد أبو عدس: «انه في حدود الساعة 2.11، يوم 14 فبراير الماضي، أي بعد ساعة تقريبا من تنفيذ عملية اغتيال الحريري، اتصل شخص بليلى بسام، بمكتب رويترز بالعاصمة بيروت، وتحدث إليها بلهجة غير لبنانية». إلى ذلك، قال أصوليون في لندن: «إن البيان الذي ألقاه أبو عدس على شاشة الجزيرة، فبراير الماضي، كان مثيرا للشكوك». وقال الإسلامي المصري، الدكتور هاني السباعي، مدير مركز المقريزي بلندن: «ان ظهور ابو عدس سافر الوجه، وكذلك لغة البيان أثارت الشكوك». وقال ان اجهزة المخابرات لجأت الى «الشماعة السهلة»، وهي «القاعدة»، أو المنظمات المرتبطة بها «لإلصاق التهمة بالاسلاميين». وقال السباعي انه كان يشعر «ان ابو عدس على شاشة قناة الجزيرة كان حبيسا ويقرأ بيانا قد أملي عليه من جهة ما». واضاف انه لم يسمع من قبل عن منظمة أصولية اسمها «النصرة والجهاد في بلاد الشام»، وهي المنظمة التي تبنت عملية اغتيال الحريري، وورود اسمها كان بهدف مقصود لتضليل مجريات التحقيق. وقالت ليلى بسام في التقرير الدولي انه بعد أن أجابت على هاتف الشخص المذكور، طلب منها ان تكتب البيان التالي الذي سيمليه عليها: «نحن جماعة النصرة والجهاد في بلاد الشام، نعلن مسؤوليتنا عن اغتيال رفيق الحريري حتى يكون عبرة للآخرين». وقال غسان بن جدو، مدير مكتب الجزيرة القطرية في بيروت، انه يتذكر في ذات اليوم تلقيه اربعة اتصالات هاتفية من نفس المنظمة المجهولة تعلن مسؤوليتها عن اغتيال الحريري.

ووصف بن جدو، الشخص المتحدث بأنه «يتحدث بلهجة افريقية او افغانية او باكستانية، ويزعم ان النصرة والجهاد في بلاد الشام هي المسؤولة عن اغتيال الحريري بعملية انتحارية». وبعد ذلك تلقى مكتب الجزيرة في بيروت اتصالا هاتفيا من شخص آخر مجهول من نفس الجماعة الاصولية يتحدث العربية بطلاقة، حيث شرح لغسان بن جدو ومعاونيه عن كيفية الحصول على شريط صوتي يحتوي على معلومات مهمة تشرح كيفية تنفيذ عملية اغتيال الحريري. ويقول بن جدو انه أرسل أحد معاونيه إلى مبنى وسط بيروت، حيث وجد مظروفا به بيان تفصيلي يشرح عملية اغتيال الحريري، وكذلك شريط فيديو. وبعد عدة اتصالات هاتفية من نفس المجموعة إلى مكتب الجزيرة في بيروت، تستفسر عن عدم بث اللقطات، قامت الجزيرة بعد ظهر يوم اغتيال الحريري ببث لقطات للمدعو ابو عدس يعلن فيها مسؤولية جماعته المجهولة عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق. وبعد بث الشريط قامت القوات اللبنانية بتحقيقات مكثفة مع افراد من عائلة ابو عدس الاصولي الفلسطيني. ومعظم تلك المعلومات عن ابو عدس جاءت من الشيخ أحمد عبد العال من جماعة «الأحباش» الاسلامية النشطة في المخيمات الفلسطينية. وقال الشيخ عبد العال انه تلقى اتصالا هاتفيا من القصر الجمهوري يطلب منه أي معلومات عن ابو عدس الذي أعلن مسؤوليته عن حادث اغتيال الحريري. وقدّم المحققون في تقرير ميليس «أدلة على ان صهر الرئيس السوري بشار الأسد، آصف شوكت قد يكون شارك في إجبار أحمد أبو عدس على تصوير فيلم الفيديو الذي أعلن فيه مسؤولية جماعة النصرة والجهاد، عن عملية الاغتيال، وذلك قبل أسبوعين من تنفيذها». وأشار التقرير إلى أن الاغتيال تم فوق الأرض، وإلى عدم وجود أدلة تشير إلى ان أحمد أبو عدس قام بقيادة السيارة المستعملة في العملية.

وذكر أن استعمال اسم أبو عدس لم يكن سوى لتضليل التحقيق، وأن الشريط الذي بثته شبكة «الجزيرة» الفضائية، أرسل من دمشق إلى بيروت إلى اللواء جميل السيد حيث تم وضعه في منطقة الحمراء والاتصال بمدير مكتب المحطة في بيروت غسان بن جدو لتسلمه وبثه على الهواء.

وأشار التقرير إلى أن «أبو عدس الذي غادر منزله في بيروت في كانون الثاني (يناير) الماضي، متوجها إلى دمشق، جرت تصفيته في العاصمة السورية». وكان تنظيم «القاعدة في بلاد الشام»، نفى في بيان على شبكة الإنترنت في فبراير الماضي، مسؤولية ما سماها التيارات الجهادية والسلفية عن حادثة اغتيال رفيق الحريري. وقال البيان: «إن محاولة الجهة المنفذة إلقاء التهمة على التيارات الجهادية والسلفية في بلاد الشام، لهو محض افتراء عظيم». وحمّل أجهزة المخابرات السورية أو اللبنانية مسؤولية الحادث.