متحدث من الخارجية يعتبرها حقيقة لأن أجزاء من المنطقة تعيش في «مياه آسنة»

تفاصيل الجدل في الكونغرس حول الشرق الأوسط الموبوء بالخبث والكراهية

TT

أثارت وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس جدلا واسعا بسبب آراء أدلت بها في مجلس الشيوخ الأميركي وصفت فيها إقليم الشرق الأوسط بأنه موبوء بالخبث والكراهية، ويعاني من العجز في الحرية وغياب الديمقراطية، ولا بد للولايات المتحدة من تغيير الشرق الأوسط كي تشعر بالأمان مثلما ساهمت في تغيير أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية. وقد اضطر الناطق باسم الخارجية الأميركية في اليوم التالي (مساء اول من امس) لتصريحات رايس، أن يوضح ما رمت إليه لكنه أبدى إصرارا بأنها تحدثت عن الحقيقة وأن أجزاء من الشرق الأوسط تعيش في مياه آسنة.

وفي ما يلي مقتطفات من الحوار الذي دار مساء الأربعاء بين رايس وأعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ التي يرأسها السيناتور الجمهوري عن ولاية إنديانا ريتشارد لوغار أثناء جلسة استماع عن السياسة الأميركية في العراق.

السيناتور جورج فوينوفيتش: (جمهوري ـ أوهايو):

هذه هي الحرب العالمية الرابعة فالحرب الباردة كانت هي الحرب العالمية الثالثة وحرب الإرهاب هي الحرب العالمية الرابعة. وأمامنا تحديات هائلة فنحن لا نستطيع الخروج من العراق وتنتهي القصة وقد قضينا 40 عاما قبل أن نكسب الحرب الباردة، ولكن الآن أصبح ملايين البشر يتمتعون بالديمقراطية. رايس: نعم إنه كفاح سيستمر طويلا، ففي الحادي عشر من سبتمبر تعلمنا أن الشرق الأوسط لم يكن مستقرا، وفي الحقيقة كان الخبث ينمو في أوصاله، ويعاني من عجز في الحرية، وانتشار للتطرف. لقد كان علينا أن نتخذ قرارا بالمضي لمعرفة جذور وأسباب ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر.

إن الأمر لم يكن مجرد اشخاص خطفوا طائرات وارتطموا بها في بنايات عالية، إنها الأيديولجية المتطرفة التي قادتهم للتحليق بتلك الطائرات والارتطام بها في البنايات، أو كما شاهدنا أخيرا تفجير القطارات تحت الأرض في لندن وقبل ذلك الاعتداء على مدرسة للأطفال في روسيا وغير ذلك.

إن ايديولوجية تقود إلى مثل هذه الأعمال ما هي إلا أيديولوجية كراهية متطرفة قاسية، لها جذورها في الشرق الأوسط الموبوء بالخبث. وإذا لم نلتزم بتغيير طبيعة الشرق الأوسط، أو إذا تعبنا وقررنا أن ننسحب ونترك شعوب الشرق الأوسط لليأس والقنوط، فأنا أستطيع التأكيد لكم أن شعب الولايات المتحدة سوف يعيش في خوف وبلا أمن لعقود عديدة قادمة.

ولكن إذا أوجدنا بدلا عن ذلك شرق أوسط مختلفا يكون فيه العراق جزءا مهما فإن الفرصة ستكون لدينا سانحة لتحقيق نفس ما ذكر السيناتور فوينوفيتش عن أوروبا.

وتابعت رايس «أنا أعرف وانتم تعرفون أن هناك من يقول إن الوضع مختلف في الشرق الأوسط عن أوروبا، ولكن لا أحد قبل ستين عاما كان يتصور الوضع الحالي لأوروبا في يومنا هذا.

وتابعت رايس قائلة «إن ما حدث لنا في 11 سبتمبر يجعلنا نحدد كيف نتعامل مع أي تهديد مستقبلي إذا ما حدث هجوم مماثل، إننا بكل بساطة نفترض أن ملاحقة القاعدة ومطاردة أسامة بن لادن والعمل على تغيير أفغانستان سوف يحمينا على المدى الطويل من هجوم مماثل لما واجهناه في الحادي عشر من سبتمبر 2001.

إن ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر لم يكن بسبب محمد عطا وزملائه الخاطفين الذين قادوا الطائرات للارتطام في المباني، إن السبب يعود إلى أنهم يمثلون أيديولوجية متطرفة.

السيناتور باربرا بوكسر (ديمقراطية – كاليفورينا): اسمحي لي أيتها السيدة الوزيرة، أنا لا أحاول أن أقرأ ما في عقول الناس الذين هاجمونا أنا أريد أن ألقي القبض عليهم وليس الدخول في عقولهم. ويبدو أنكم في هذه الإدارة لم تبلغوا مجلس الشيوخ والشعب الأميركي بنيتكم منذ البداية، فلو كان الشعب الاميركي يعرف أن الادارة تسعى لإعادة بناء كامل الشرق الأوسط الذين تصفينه بأنه موبوء، فيمكن أن يكون الشعب الأميركي قد ابتعد عن هذه الإدارة منذ وقت طويل. إنهم لا يريدون القيام بعمل كهذا.

هل نريد أن نبني الشرق الأوسط على ظهور نسائنا ورجالنا الشجعان، ودافعي الضريبة الأميركيين، إن ما نريده هو أن نذهب إلى هناك للقبض على أولئك الذين هاجمونا وأن نبقى هنا في بلادنا للدفاع عنها وعن مستقبلها.

أجابت رايس: إن قرارت الحرب تتحدث عن نفسها بنفسها إن قرار الحرب ضد القاعدة كان واضحا وقد قادنا لشن الحرب في أفغانستان بغرض محاولة التعامل على المدى المنظور مع المعسكرات التي أنتجت القاعدة، وأنا بالطبع أقدر التضحيات التي يقدمها الشعب الأميركي وأنا وأنت من نفس الولاية وأعرف ماذا حدث في كاليفورنيا، ولكن دعيني ألفت نظرك إلى أننا لم نذهب إلى ألمانيا ونهزم أودولف هتلر لكي نصنع الديمقراطية في ألمانيا، لقد ذهبنا وهزمنا أدولف هتلر لأنه كان يهدد السلام والأمن. ولقد هزمنا صدام حسين.

السيناتور بوكسر مقاطعة: أنا أفهم ذلك لقد فقدت أقارب في مذابح الهولوكست، ولا علاقة لذلك بما نحن نتحدث عنه اليوم.

رايس: سيناتور بوكسر دعيني أكمل حديثي، إنني أحاول أن أجيب على سؤالك وأقدر اتاحة الفرصة لي للقيام بذلك.

إننا لم نذهب إلى أوروبا لصنع الديمقراطية في ألمانيا ولكن بعد الحرب وجدنا أننا إن لم نؤسس للديمقراطية في اوروبا الجديدة فسوف نضطر للحرب مرة بعد أخرى، ونحن اليوم لا نستطيع أن نتصور أوروبا تتحارب فيها فرنسا مع ألمانيا، ولا نستطيع أن نتصور أن أميركا ستضطر لشن حرب كبرى في أوروبا.

ولقد ذهبنا للتعامل مع صدام حسين لأنه كان يشكل تهديدا للسلام الدولي والأمن بعد قرار تلى قرارا تلى قرارا، لكن بعد تحرير العراق فإن هدفنا هو تشكيل أساس للديمقراطية حتى يكون هناك عراقا ديمقراطيا كأساس لشرق أوسط مختلف. ولو كنا نعتقد أن الشرق الأوسط كان مستقرا فلن نستطيع أن نفسر كيف تم إنتاج التطرف، وإنتاج أيديولجية الكراهية هذه، والتعامل مع هذا الأمر سوف يعطينا سلاما لوقت طويل وليس إلقاء القبض على الإرهابيين واحدا بعد آخر.

وفي اليوم التالي أثار الصحافيون في المؤتمر الصحافي اليومي مع الناطق باسم الخارجية الأميركية شان ماكورماك الأمر مرة أخرى قائلين إن المعهد العربي الأميركي أبدى استياءه من تعليقات رايس ومن وصفها الشرق الأوسط بأنه موبوء بالخبث، فدافع عنها الناطق قائلا، إنها كانت تتحدث عن وضع الشرق الأوسط تاريخيا خلال الستين سنة الماضية، قاصدة التوضيح أن الولايات المتحدة غضت الطرف عن عدم التطور الديمقراطي في الإقليم مقابل الاستقرار وبعد ستين عاما اكتشفت أميركا أن الاستقرار لم يتحقق وأن الديمقراطية لم تكن موجودة، وقال «أعتقد أن الخبث المقصود ظهر بشكل واضح على هيئة أعمال إرهابية بشكل مذهل جدا وبشكل مأساوي جدا في الحادي عشر من سبتمبر 2001».

وقال الناطق إن رايس حاولت التوضيح بأن عجز الحرية وغياب الديمقراطية أوجد جوا أصبحت فيه أيديولوجية الكراهية والتطرف والعنف ذات جذور.

وردا على سؤال حوال مدى تأثير استخدام مثل هذه التعبيرات مثل «شرق أوسط موبوء» أو «مياه آسنة» على الدبلوماسية العامة الأميركية أجاب ماكورماك إن هذه التعبيرات أولا ليست جديدة، ثانيا إنها تتحدث عن الحقيقة.. الحقيقة التي تشير إلى أن هناك مشكلة، مشكلة في منطقة الشرق الأوسط وجوا في بعض المناطق وليس في كامل الشرق الاوسط ، أفضى إلى ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر بسبب أيديولوجية التطرف والعنف.