أحمد جبريل الرائد السابق في الجيش السوري اسمه ارتبط بدمشق وقاتل إلى جانبها

مستعد للمثول أمام أية لجنة تحقيق في اغتيال الحريري

TT

اتهم «تقرير ميليس» حول عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في بيروت في 14 فبراير (شباط) الماضي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ـ القيادة العامة بزعامة احمد جبريل، والتي تتخذ من العاصمة السورية دمشق مقرا لها. غير ان جبريل الذي يشغل منصب الامين العام للجبهة منذ انشقاقها عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1968، ينفي هذه الاتهامات جملة وتفصيلا. وقال جبريل في تصريحات صحافية في دمشق «نحن ننفي نفيا باتا، جملة وتفصيلا، أي تورط لأي من عناصرنا في هذه القضية». واضاف «نحن فوجئنا بتقرير ميليس (القاضي الألماني ديتليف رئيس اللجنة الدولية المكلفة التحقيق في اغتيال الحريري)» الذي يقول ان هناك شاهدا على تقديم عناصر من الجبهة الشعبية القيادة العامة دعما لهؤلاء الجنرالات» (المشتبه فيهم). وابدى جبريل الاستعداد للمثول «اليوم وليس غدا امام لجنة التحقيق او القضاء اللبناني في أي وقت». وأوضح مجددا تحالف جبهته مع سورية، مبررا ذلك بوقوف سورية «مع قضية الشعب الفلسطيني وقفة صامدة».

وتحالف القيادة العامة وأمينها العام، مع سورية كما قال جبريل، ليس امرا يمكن إخفاؤه بل انه يعود الى زمن سحيق، فقد قاتلت الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة الى جانب سورية عندما دخلت قواتها لبنان عام 1976، لمنع تقدم قوات الثورة الفلسطينية والقوى الوطنية اللبنانية، في الحرب الأهلية.

وقاتلت عناصر القيادة العامة الى جانب القوات الموالية للعقيد ابو موسى (فتح ـ الانتفاضة) في طرابلس شمال لبنان، ضد القوات الموالية لياسر عرفات في حينها عام 1983. ويتخذ ابو موسى الآن من دمشق مقرا له.

وبدأت القيادة العامة في تنظيم صغير اسسه احمد جبريل الضابط في سلاح الهندسة في «الجيش العربي السوري»، باسم جبهة التحرير الفلسطينية. بعد حرب 1967 وهزيمة الانظمة العربية، وانضم جبريل مع تنظيمه الى الجبهة الشعبية ذات التوجه القومي التي أسسها جورج حبش الذي كان في حينها احد اقطاب حركة القوميين العرب.

في عام 1968 وقع خلاف بين النظام السوري «القومي» والجبهة الشعبية التي كانت تعتزم الخروج عن خطها القومي لصالح الخط الماركسي اللينيني الرافضة لأية وصاية من أي جانب أو أي نظام عربي. ونتيجة لهذا الخلاف انشق احمد جبريل الذي اصبح اهم خبير مفرقعات وتفجيرات في الثورة الفلسطينية، عن جورج حبش وأطلق على تنظيمه اسم الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة. وظلت القيادة العامة التي تحظى بالدعم والتأييد السوري، منذئذ ترفض اي حلول سياسية للقضية الفلسطينية. ونفذت القيادة العامة عددا من العمليات النوعية ضد اسرائيل، منها ما اصبح يعرف بعملية مستوطنة «الخالصة» شمال اسرائيل وعملية الطائرة الشراعية التي حطت فوق معسكر للجيش شمال اسرائيل عام 1987.

واحمد جبريل من مواليد بلدة يازور قرب يافا عام 1935، وترعرع في يافا وتلقى تعليمه فيها قبل ان يضطر الى الرحيل عنها صبيا، خلال نكبة 1948، واللجوء الى سورية، حيث انضم الى الجيش السوري العربي وترقى في صفوفه حتى حصل على رتبة رائد. وتقول «موسوعة الفلسطينيين: سيرة أحمد جبريل» انه تلقى تدريبه العسكري في الاكاديمية العسكرية البريطانية «ساندهيرست»، وهي نفس الأكاديمية التي تخرج فيها العاهل الأردني الراحل الملك حسين وغيره من العسكريين العرب، لكن لم تؤكد ذلك اي موسوعات أخرى.

خلال الحرب الأهلية في لبنان، وتدخل الجيش السوري الى جانب ميليشيات حزب الكتائب ضد فصائل المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية اللبنانية، وقف جبريل الى جانب سورية وقاتل ضد المقاومة ووقع في اسر منظمة التحرير الى ان افرج عنه عرفات. وأدى موقفه هذا، الى حركة انشقاقية ضده قادها ساعده الأيمن محمد زيدان (ابو العباس) الذي «توفي بسكتة قلبية» في سجن اميركي في العراق، ليشكل جبهة التحرير الفلسطينية.

في السبعينات والثمانينات، تلقت القيادة العامة المساعدات المالية والعسكرية والعينية من ليبيا. وانضمت ايران بعد إطاحة الشاه وقيام النظام الاسلامي، الى قائمة الممولين للقيادة العامة بمباركة من سورية.

وورد اسم سورية والقيادة العامة بداية في قضية الطائرة الاميركية «تي دبليو ايه» التي تحطمت عام 1988، فوق قرية لوكربي الاسكوتلندية في بريطانيا. على اساس ان جبريل نفذ هذه العملية نيابة عن سورية وايران ردا على اسقاط الاسطول الاميركي طائرة مدنية ايرانية، لكن اسم سورية أسقط بعدما شاركت في التحالف ضد صدام حسين عام 1991.

وبعد انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في اكتوبر (تشرين الاول) 1991، رفض الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد، طلبا اميركيا بطرد جبريل وفصيله من سورية، رغم موافقته على طرد إليش راميريز سانشيز الملقب «كارلوس».

تعد القيادة العامة ما بين 500 و100 مقاتل، معظمهم في مخيم اليرموك في سورية والمخيمات الفلسطينية في لبنان.