فرنسا: المطلوب اليوم الحزم مع سورية في مجلس الأمن لكن فرض العقوبات ليس واضحا في الوقت الحالي

TT

قالت فرنسا أمس إنه «يتعين فحص كل النتائج المترتبة» على تقرير ديتلف ميليس، الذي وصل الى خلاصة حول مسؤولية «بنى حكومية وغير حكومية» في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري. وجاء على لسان الناطق باسم الخارجية الفرنسية جان ـ باتيست ماتيي الذي أشاد بـ«استقلالية ومهنية ونزاهة» القاضي ميليس أن «التحقيق لم ينته» وأن فرنسا تدعم تمديد مهمة ميليس ومساعدة القضاء اللبناني «لجلاء كامل الحقيقة» حول هذه الجريمة. ونفى الناطق باسم الخارجية وجود مشروع قرار فرنسي جاهز للتقديم في مجلس الأمن الدولي، بل جل ما هناك «أفكار» فرنسية ناتجة عن عمل البعثة الفرنسية في نيويورك وعن الاتصالات مع الأطراف المعنية بالملف اللبناني ـ السوري. وقال ماتيي: «لم نصل بعد الى نص يمكن أن نقدمه بالتشارك مع آخرين». وترى باريس، وفق المعلومات التي استقتها «الشرق الأوسط» من اوساط مطلعة أن المطلوب اليوم هو «الضغط على سورية من أجل إلزامها بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية لجلاء كامل الحقيقة والوصول الى كل التفاصيل وفق ما يطلبه تقرير ميليس وحملها كذلك على أن تلعب اللعبة». وتساءلت الأوساط الفرنسية: «ولكن هل نحن قادرون على الذهاب أبعد من ذلك مع المعطيات الراهنة المنصوص عليها في التقرير والوصول الى فرض عقوبات على سورية؟».

وبحسب الأوساط الفرنسية، فإن عمل مجلس الأمن في الأيام القادمة محكوم بعدة اعتبارات منها أن التحقيق «لم يختتم نهائيا وليس ثمة تحميل مسؤوليات بالاسم للمسؤولين السوريين. ومن هذه الاعتبارات الأخذ بعين الاعتبار ما يريده أعضاء مجلس الأمن الدولي ومنهم الروس ودول أخرى لا تحبذ بالضرورة فرض عقوبات دولية على دمشق». وتريد باريس للمرحلة اللاحقة «التوفيق» بين عاملين: الأول أن يكون رد مجلس الأمن حازما وحاسما في التعامل مع سورية التي يقول التقرير عنها إن ثمة عناصر تدفع الى الاعتقاد أن الجريمة ثمرة «عملية تنظيم بالغة التعقيد ما كانت لتتم لولا مشاركة بنى حكومية وغير حكومية»، في إشارة الى أجهزة المخابرات اللبنانية والسورية. أما العنصر الثاني «تخفيفي» فهو أن التحقيق لم ينته والمشبوهين «من سورية» لم يعينوا ويسموا كلهم بالأسماء، وبالتالي فإذا كنا نريد فرض عقوبات «مستهدفة» «بكسر الدال» فمن سيكون المستهدف بالعقوبات؟ العنصر الثالث فهو أن عددا من أطراف مجلس الأمن ربما «لن يسير» بالعقوبات، أقله في الوقت الراهن. وخلاصة ذلك أن مجلس الأمن قد يتوجه الى اصدار قرار يدين سورية بناء على العناصر المتوافرة في التقرير والإشارة الى «عدم تعاونها الكافي»، و بالتالي يطلب منها التعاون من غير تحفظ ولا شروط مع لجنة التحقيق الدولية «تحت طائلة إخضاعها الى عقوبات في حال لم تف بما هو مطلوب منها»، ما يعني أن مجلس الأمن «لن يسير بالضرورة الى فرض عقوبات على دمشق».

ولم تستبعد الأوساط العليمة في باريس أن يعمد مجلس الأمن الى توسيع صلاحيات اللجنة مع إشارتها الى أن الانتداب الحالي للقاضي ميليس «صلب و يمكن استغلاله من خلال تفسير واسع لبنوده»، مما يعني عمليا إمكانية استجواب المسؤولين السوريين المشكوك فيهم من غير حضور جهات رسمية سورية، وطلب استجواب من ترى اللجنة استجوابه ضروريا لتوصلها الى جلاء الحقيقة حول اغتيال الحريري». ويبدو أن باريس لم تحسم بعد أمرها حول صيغة المحكمة التي ستحاكم المسؤولين المشتبه فيهم، وهي تميل أساسا الى محكمة لبنانية تحظى بمساعدة دولية واسعة قانونية وقضائية ولوجستية ويمكن أن تجرى خارج لبنان. وتحفظ باريس، كما تقول مصادرها عن تشكيل محكمة دولية مرده الى «ثقل وبطء والتعقيد البالغ» لهذا النوع من الإجراءات الذي يستدعي موافقة مجلس الأمن وإيجاد الهيئة والأشخاص اللازمين وخلاف ذلك.