اتصالات لبنانية للبحث في نتائج التقرير ومواقف تدعو لحود للاستقالة.. وبدء محاكمة دولية

السنيورة التقى أمين عام «حزب الله» وسفراء غربيين

TT

نشطت الاتصالات بين المسؤولين والقيادات السياسية اللبنانية للبحث في مرحلة ما بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، فيما بدأت تصدر مواقف تدعو لاستقالة رئيس الجمهورية اميل لحود، خصوصاً من جانب كتلة نواب «المستقبل» التي يرأسها سعد الحريري.

وبرز امس الاعلان عن لقاء عقده رئيس الحكومة فؤاد السنيورة والامين العام لـ«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله ليل اول من امس، بالاضافة الى لقائه سفراء الولايات المتحدة جيفري فيلتمان وفرنسا برنار ايمييه وبريطانيا جيمس واط، للبحث في نتائج التقرير، كما اجرى السنيورة اتصالاً هاتفياً بالنائب العماد ميشال عون صباح امس للغاية نفسها.

وفيما عاد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس من جنيف، لفتت امس زيارة قام بها النائب علي حسن خليل الى رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط (الذي سيعقد اليوم مؤتمراً صحافياً يتحدث فيه عن تقرير ميليس)، موفداً من بري. وقال خليل بعد اللقاء: «ان البلد يمر في مرحلة دقيقة جداًً وتتطلب التشاور مع القيادات الاساسية والزعيم وليد بك احد اعمدة هذا البلد. وقد بحثنا معه في الحاجة الى تحسين الموقف الداخلي خصوصاً اننا ننتقل من مرحلة الى اخرى بعد الانتهاء من تقرير ميليس».

وسئل: هل بحثتم في البنود التي وردت في التقرير، فأجاب: «نحن ندرس الان التقرير في شكل دقيق ومفصل، ولم نصل بعد الى المرحلة التي نعبر فيها عن موقف نهائي من هذا الامر. والزعيم وليد بك وكتلته لديهم غداً اجتماع لاعلان موقف ما من هذا الامر، وان شاء الله من الان الى غد يكون الموقف واحداً ومكملاً لبعضه البعض».

وعن التسريبات لاسم بري في التقرير، قال: «لا توجد اشارة في التقرير الى الرئيس نبيه بري، وبالتالي اننا غير معنيين بهذا الموضوع على الاطلاق».

وفي الاطار نفسه دعا نائب رئيس حركة «امل» (التي يرأسها بري) النائب ايوب حميد اللبنانيين «الى التماسك الداخلي والسعي بعزم وايمان لمواجهة المرحلة المقبلة»، مشيراً الى ان «تقرير ميليس الذي صدر هو في لغة القضاء قرار ظني وانما الادانة او التبرئة تكون استناداً الى قوة الادلة او ضعفها». وقال: «اياً تكن نتائج هذا التقرير ومضامينه فلن تهتز الدنيا والحياة يجب ان تستمر، فمن شارك او ساهم او ارتكب يجب ان ينال جزاءه وليس على الناس في كل الوطن ان يتحملوا تداعيات من ارتكب هذه الجريمة»، لافتاً الى ان «هذه الجريمة لم تكن موجهة لشخص الرئيس الحريري فحسب بل من خلاله الى الوطن والى العلاقات العربية والاسلامية والدولية التي وضعها الرئيس الشهيد في خدمة وطنه والقضية العربية».

ولاحظ نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري «تطابق تقرير لجنة التحقيق الدولية مع حدس الناس الذين سبقوا كل المحققين الدوليين وكل التحقيقات الى الحقيقة». ورأى ان «ما خلص اليه التقرير انما يشكل اكبر رد على حملات التشكيك التي سبقت صدوره والتي حاولت تضليل اللبنانيين او افقادهم الثقة بامكان معرفة الحقيقة». وامل «ان يجتمع اللبنانيون حول مطلب العدالة، تماماً كما اجتمعوا حول مطلب الحقيقة».

وطالب مكاري بانشاء محكمة دولية لمحاكمة المجرمين القتلة ومعاقبتهم «لان هؤلاء ظنوا في يوم من الايام ان جريمتهم النكراء هذه ستمر مرور الكرام من دون حساب او عقاب». وقال: «بصرف النظر عما تضمنه التقرير عن دور او ادوار لرئيس الجمهورية او لفريق عمله في الجريمة، يهمنا التذكير بأن مشكلة اللبنانيين مع الرئيس اميل لحود سبقت جريمة الاغتيال، وهي لا تزال مستمرة بعد الجريمة، واذا كانت هذه المشكلة قد استفحلت مع التمديد المشؤوم فانها تتوالى فصولاً مع انكشاف الحقائق الى الرأي العام والتي اثبتت الواحدة تلو الاخرى ان شعارات العهد الميمون كانت في واد وان ممارساته كانت في واد آخر». واضاف: «بماذا اتحف هذا العهد الممدد له اللبنانيين، أبالشفافية والنزاهة، وقد ازكمت روائح الصفقات والسرقات انوفنا؟ ام بدولة القانون والمؤسسات وقد انتهكت القوانين واستبيحت المؤسسات الواحدة تلو الاخرى؟ ام بالحرص على المال العام بعدما تم السطو على المال العام والخاص في مسيرة طويلة لم تبدأ من كوبونات النفط ولم تنته في بنك المدينة؟ ام بمواكبة ومتابعة مسيرة الانماء والاعمار التي كان بدأها الشهيد رفيق الحريري ولم تشهد الا محاولات حثيثة لعرقلتها او لنسفها؟ فالى متى يمكن ان يبقى اللبنانيون مضطرين لتحمل تبعات هذا السلوك ونتائجه، وهل يقوى اللبنانيون بعد اليوم على تحمل المزيد من المشاهد او اللوازم والشعارات التي طالما شنفت آذانهم وعيونهم بها؟».

ورأت النائبة غنوة جلول (كتلة الحريري) ان جلسة الحكومة من الطبيعي ان تحصل من دون حضور رئيس الجمهورية، مشيرة الى ان «الحقيقة لم تظهر كاملة بل ان هناك بداية جوهرية لخطوط عريضة واساسية في موضوع الحقيقة». وقالت: «الاجتماع هو استثنائي حول تقرير الحقيقة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي كان واضحاً منذ سبتمبر (ايلول) الفائت، وبيّن الحقيقة بأن جميع القادة الامنيين الذين كانوا في حضانة رئيس الجمهورية وباشرافه المباشر تم الادعاء عليهم من قبل القضاء اللبناني، واليوم اتى تقرير ميليس ليضع الخطوط العريضة والمواقف الاساسية والاستنتاجات (...) ومن ضمن الذي قاله عاد واكد تورط القادة الامنيين، وعلى مستوى التنفيذ تم ذكر بعض الاشخاص وقال انه تم الاتصال ليس بقصر بعبدا وانما مع رئيس الجمهورية قبل الجريمة التي حصلت بدقائق».

وطالب النائب ابراهيم كنعان (كتلة العماد ميشال عون) ان تستكمل اللجنة مهمتها لجلاء الحقيقة كاملة ولتحقيق عدالة في هذا الملف. وقال: «في هذا التوقيت اليوم اذا كنا ننطلق من التقرير للمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية من دون تفاهم وتوافق على المرحلة المقبلة، فالمطالبة تكون توظيفاً سياسياً وليست في مكانها»، معتبراً «ان النظام الامني السابق مسؤول بكامله عن جريمة اغتيال الرئيس الحريري وهناك مسؤولية مشتركة في جريمة الاغتيال».

اما النائب مروان فارس (من الحزب السوري القومي الاجتماعي المتحالف مع سورية)، فقد لفت في تصريح ادلى به امس الى «ان جوهر التقرير هو قضائي لان لجنة التحقيق دولية وليس محاكمة بل تقرير له طابع وصفي من جهة وله طابع اشتباهي من جهة ثانية». وقال: «يجب ان يكون الموقف اللبناني حول هذا التقرير موحداً من الجانب القضائي اما الجانب السياسي فيبقى جانباً سياسياً بخاصة ان الشهود الذين تم الاستماع اليهم كزهير الصديق شهود غير معروفين».

ورأى النائب روبير غانم ان لبنان دخل «مرحلة جديدة تقتضي التغيير الجذري ولا يمكن لبنان ان يعود الى ما كان عليه قبل هذا التاريخ». وقال: «يجب ان تكون القراءة في سورية للتقرير موضوعية، وليكن هذا التقرير جامعاً بين مختلف اللبنانيين حتى لو تباينت الاراء حوله لان المصلحة العليا تتطلب الا نظهر للعلن وحتى في الداخل اننا منقسمون، وبالتالي المطلوب هدنة سياسية من الجميع».

الى ذلك, دعا النائب جبران تويني رئيس الجمهورية إميل لحود الى الاستقالة معتبرا أنه لم يعد في وسعه الاستمرار في منصبه. ورأى تويني المقيم في باريس لأسباب أمنية أن ما ورد في تقرر ميليس «كاف وواف» لبدء محاكمة كل الذين جاء التقرير على ذكرهم من مسؤولين لبنانيين وسوريين.

وقال تويني لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي إن «الحد الأدنى من مسؤولية لحود المعنوية يجب أن تدفعه الى الاستقالة لأنه كان رئيس الجمهورية يوم حصول الاغتيال ولأن أركان مكتبه الأمني ومعاونيه الأمنيين يقبعون في السجن وهم متهمون من أعلى مرجع عالمي بالمشاركة في جريمة الاغتيال». وأضاف أن «السلطة التي مددت للحود وتحديدا بشار الأسد وأركان نظامه مثل ماهر الأسد وآصف شوكت هم على رأس لائحة المتهمين».

ويرى النائب تويني أن التقرير يتضمن ما يكفي من القرائن لإجراء محاكمة المتورطين لكن ذلك يستدعي وجود محكمة «قادرة على تحمل المسؤوليات في مثل هذا النوع من المحاكمات». ودعا مجلس الأمن الى الإسراع في إنشاء محكمة دولية يكون مجلس الأمن نفسه مرجعيتها ويكون لها قوانينها الخاصة بالتوافق مع القوانين اللبنانية. وحث تويني مجلس الأمن على استخدام الفصل السابع من ميثاقه لحث سورية على التعاون لأن المسؤولية السورية، برأيه، مسؤولية الدولة السورية وليست مسؤولية أفراد. ويرى تويني أن السلطات المخابراتية السورية «لا تستطيع التحرك في قرار مثل قرار اغتيال الحريري من غير قرار مركزي» أي من هرم السلطة في سورية. ويرى تويني أن مجلس الأمن سيأخذ كل هذه العناصر في قراءته لتقرير ميليس ولرسم الخطوات اللاحقة.