صمت عربي رسمي إزاء تقرير ميليس ومصر تدعو للتأني وسط دعوات لمعاقبة الجناة

TT

لم يصدر رد فعل رسمي من دول عربية، بعد يومين من تقرير المحقق الدولي، ديتليف ميليس، في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، والذي أشار إلى تورط مسؤولين سوريين ولبنانيين. واكتفى المتحدث الرسمي، باسم الرئاسة المصرية، السفير سليمان عواد بالقول: «إن مصر تعكف على دراسة تقرير ميليس، شأنها في ذلك شأن العديد من الدول الأخرى»، مشيرا إلى أنه «لا ينبغي التعجل في قراءة سطحية تتحدث عن الكثير من الاحتمالات هنا او هناك، لأن هذا الموضوع مهم، ويجب أن يحظى التقرير بدراسة متأنية». وأشار عواد في تصريحات للصحافيين بالقاهرة، أمس، الى ان التقرير نفسه قد اعترف في أكثر من موقع، بأن التحقيقات لم تنته بعد، وأن الفريق في حاجة الى مزيد من الوقت لاستكمال التحقيقات. وحول ما إذا كانت هناك مشروعات لقرارات ستصدر عن مجلس الأمن حول هذا الموضوع، قال المتحدث ان اي مشروعات لقرارات، سيجرى بشأنها مشاورات، قبل ان يعتمدها المجلس. مشيرا الى ان مجلس الأمن سيبدأ بعد غد (الثلاثاء) مناقشة التقرير. وفي العراق، الذي يزوره عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية، رفض موسى التعليق على تقرير ميليس.

لكن صحيفة الأهرام، المملوكة للدولة، قالت في افتتاحيتها امس، ان تقرير ميليس لم يكن مسيسا، وانه تجب معاقبة الجناة. وجاء في افتتاحية الصحيفة، انه لا جدوى من وصف تقرير الامم المتحدة الذي قالت الولايات المتحدة، ان نتائجه «مثيرة للقلق بشدة»، بأنه مسيس.

ودعت الحكومة السورية إلى التعاون بشكل كامل مع مجلس الأمن الدولي، مشيرة الى ان «حادث اغتيال الحريري، بكل المقاييس لا يمكن تبريره، ولا بد من تنفيذ القانون العادل الذي يقضي بمعاقبة القاتل».

وفي الأردن، التزمت الحكومة الصمت ازاء تقرير ميليس، فلم يصدر أي تعليق من الحكومة أو القصر الملكي على نتائج التقرير، فيما سادت الشارع الاردني حالة من الخوف والحذر على سورية، بعد ان وجه التقرير اصابع الاتهام الى شخصيات لبنانية وسورية في عملية الاغتيال. ولم تصدر الحكومة الاردنية أي موقف رسمي بعد إعلان التقرير، وأبقت الامور تحت المراقبة من دون التصريح او التلميح بأن الاردن يوافق او يرفض او يتحفظ على التقرير، فيما أبدت أحزاب المعارضة الاردنية تخوفها على سورية من مغبة الاتهام الواضح والصريح لبعض الشخصيات السورية الأمنية والسياسية، بأن يفتح ذلك التقرير الباب على سورية امام تكهنات خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي جورج بوش طلبه من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عقد جلسة لمجلس الأمن الدولي على وجه السرعة لبحث التقرير. واكتفت بعض الصحف الاردنية بالإشارة الى التقرير ونشره من دون التعليق عليه، فيما حذر البعض الآخر من خطورته وتعامل معه بالتشكيك والحذر. وفي الجزائر، قال عضو بلجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الجزائري، إن تقرير ميليس حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، يتهم سورية ضمنا بالتورط في الجريمة، لكنه لم يوجه أي اتهام مباشر للمسؤولين السوريين.

وذكر الصادق بوقطاية الذي يعتبر الصوت غير الرسمي للموقف الجزائري حيال القضايا العربية، لـ «الشرق الأوسط»، إن التقرير «يكتنفه غموض، وإلا كيف نفسر أنه حذف أسماء أشخاص مشتبه بهم من الوثيقة قبل تسليمها إلى مجلس الأمن، بعد أن وردت أسماؤهم في البداية». وأضاف: «لم يثبت حتى الآن أي دليل مادي ضد أي شخص أو جهة لها علاقة باغتيال الحريري، وفي تقديري فإن التقرير ينحو باتجاه تسييس التحقيق وقد يتجاوز اللائحة 1559 المتعلقة بترتيب إجراءات التحقيق، وستمارس الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ضغوطا كبيرة على سورية بناء على ما جاء من شبهات في التقرير».

وأوضح بوقطاية أن تقرير ميليس «به رموز لا بد من تفكيكها لفهم تفاصيله، لكن أهم ما فيه أنه جمع معطيات من موقع الجريمة، واستقى معلومات من أجهزة الأمن اللبنانية، ووجه شبهة ضد قيادات أمنية وتم حذف أسمائهم في آخر لحظة، بدعوى أنهم غير متهمين، وإنما مشتبه بهم فقط».

وعبر نفس المصدر عن مخاوفه من تداعيات بعض مضامينه «كتلك المتعلقة بالربط بين إشاعات عن تورط قيادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في تهريب الأسلحة إلى لبنان، وبين اغتيال الحريري».