شيخ الأزهر يدعو لترك أحداث الكنيسة إلى القضاء.. والبابا شنودة يتهم صحفا مستقلة بإثارة الفتنة

الإخوان ينفون علاقتهم بالأحداث

TT

في أول رد فعل له على أحداث كنيسة محرم بك بالإسكندرية أول من أمس، دعا شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إلى ترك الأمور للجهات القضائية التي تحقق فيها حتى تقول كلمتها، مؤكدا نزاهة القضاء المصري في الوقت الذي أنهى فيه بطريرك الأقباط المصريين، البابا شنودة الثالث، اعتكافه في وادي النطرون. وعاد للقاهرة لمتابعة ملابسات الحادث، وأصدر بيانا مع المجلس المحلي بالإسكندرية نفى فيه إساءة المسرحية للإسلام.

ولقي شخص مصرعه وأصيب العشرات في مواجهات بين الشرطة والمحتجين الذين حاولوا اقتحام الكنيسة احتجاجا على عرض مسرحية قالوا إنها تسيء إلى الإسلام. وألقت الشرطة القبض على 59 شخصا وأحالتهم إلى النيابة العامة لكن مسؤولين كنسيين نفوا هذه الاتهامات، مؤكدين أن المسرحية سبق عرضها قبل عامين وإنها لا تسيء إلى الإسلام وإنما تعرض لصورة المتطرف كما في فيلم «الإرهابي» للفنان عادل إمام.

وعقب أحداث العنف التي شهدتها الإسكندرية، قرر مسؤولو الأمن والكنيسة المصرية إلغاء إفطار الوحدة الوطنية الذي كان مقررا إقامته مساء أمس السبت.

وأكد مصدر أمني مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن قرار إلغاء مائدة الوحدة الوطنية جاء بعد تجدد المظاهرات أمام كنيسة مار جرجس محرم بك التي أشيع أنها عرضت المسرحية. ونجم عن هذه المظاهرات التي استمرت طيلة يوم أول من أمس الجمعة عن مصرع مواطن مصري مسلم في العقد الخامس من العمر يُدعى خالد وإصابة 52 آخرين، من بينهم 13 من رجال الشرطة. كما قام المتظاهرون بحرق 4 سيارات للشرطة وتخريب عدد من المحال التجارية واستخدمت الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع لتفريقهم وألقي القبض على أكثر من 59 من العناصر المشاركة في الأحداث تمهيدا للتحقيق معهم.

وطالب شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي الالتزام بالتهدئة والبعد عن أي تصرفات تسيء إلى سمعة مصر، مؤكدا أن الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين قوية وتقوم على أسس راسخة ولا يكدر صفوها أي حدث عارض.

كما نفى شيخ الأزهر في تصريحات للصحافيين أمس علمه بتطورات وملابسات أحداث الكنيسة بالإسكندرية، مطالبا بترك الأمور للجهات القضائية التي تقوم بالتحقيق في هذه الأحداث لتقول كلمتها لإعطاء كل ذي حق حقه، مؤكدا نزاهة القضاء المصري فيما يوكل إليه من مسؤوليات.

وجدد شيخ الأزهر رفضه لأي محاولات تسيء إلى صورة مصر في الخارج، مشيرا إلى أن هناك كثيرا ممن يسعون لنشر الفتنة وبث الفرقة بين أبناء مصر، ولكن لن ينجحوا لأن ما يربط بين المسلمين والمسيحيين من روابط قديمة وعلاقات إنسانية أقوى من أي حدث عارض يمكن تجاوزه. وأكد شيخ الأزهر أن كثيرا من وسائل الإعلام تعمل على إثارة البلبلة وتضخم الأحداث بالصورة التي تثير المشاعر.

وحذر البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والمجلس الملي للأقباط الأرثوذكس، من وجود بعض الجهات التي تسعى لإحداث فتنة والإضرار بالوحدة الوطنية في مصر، داعيا الله أن يحفظ مصر الحبيبة من كل مكروه وان تنعم دائما بالسلام. ونفى البابا والمجلس في بيان أمس قيام إحدى كنائس محرم بك بإهانة الاسلام أو القرآن الكريم وفقا لما نشرته صحيفتا «الميدان» و«الاسبوع» في عدديهما الاخيرين، متهما هذه النوعية من الصحف بأنها تسعى إلى اثارة الفتنة الطائفية في مصر في الوقت الذي نتمتع فيه بالسلام والهدوء في شهر رمضان المبارك بوجود حفلات رمضانية تجمع القلوب في محبة، مشيرا إلى أن ما تدعيه هذه الصحف مناف للحقيقة وضد مصلحة الوطن. وكشف بيان المجلس الذي يرأسه البابا شنودة الثالث ويضم ثمانية من رجال الدين المسيحي وكبار الشخصيات القبطية العامة، أن المسرحية المشار إليها في الصحف المذكورة عرضت منذ عامين لمدة يوم واحد داخل أسوار الكنيسة ولم يرها مسلم واحد، وكانت تتحدث عن التطرف، ولم تتحدث عن المقدسات الدينية، مشيرا إلى أنها لم تثر شيئا حين عرضت ومحاولة إثارتها الآن تهدف إلى تفتيت الوحدة الوطنية. وتساءل البيان، هل نترك الصحف التي تثير الفتنة ويؤاخذ المسيحيون على مجرد إشاعات تروجها تلك الصحف بان هناك إساءة للإسلام بينما لم ير أحد شيئا. وعاتب البيان على المتجمهرين إحاطتهم الكنيسة والطرق على الأبواب بعنف وترديد شعارات معادية، مما ألقى الرعب في قلوب المصلين، متمنيا ألا يكون للانتخابات القادمة دور في إثارة أو استغلال تلك الأحداث. وأكد القس يوحنا نصيف راعي الكنيسة المرقسية بالإسكندرية أن الأحداث المؤسفة التي وقعت أمام كنيسة مار جرجس بمحرم بك لن تؤثر على علاقات الاخوة والوحدة الوطنية التي تربط بين المصريين مسلمين ومسيحيين. وأشار خلال تصريحه لوكالة أنباء الشرق الأوسط أمس إلى أن العديد من علماء الدين الإسلامي وأئمة المساجد بالإسكندرية اتصلوا به وأكدوا نبذهم للعنف الذي هو ليس من طبيعة الإسلام وسماحته، وعلى العلاقة الوطنية التي تربط المسلمين والمسيحيين على أرض مصر، موضحا أن القلة المنحرفة التي تحاول الوقيعة بين فئات الشعب لن تفلح في تنفيذ مخططها الهدام. وأشار إلى أن المسرحية التي تسببت في إثارة المشكلة والأحداث كانت منذ عامين، وهي عبارة عن نشاط صيفي لمدارس الأحد ويقدمها كورال أطفال وبعض الشباب، وهي مستوحاة من فيلم «الإرهابي» للفنان عادل إمام، وهي ليست موجهة للدين الإسلامي ولكن ضد التطرف والتعصب. واكد القس يوحنا انه تقرر عقد اجتماع بمقر الكنيسة المرقسية للقساوسة والرهبان للوقوف على الأحداث التي وقعت ودراسة الأمور بموضوعية، وإصدار بيان يدين العنف والإرهاب والتطرف والمحافظة على وحدة المسلمين والمسيحيين في مصر. ونفى الإخوان المسلمين وجود أي علاقة لهم بأحداث الكنيسة، ونفى نائب الإخوان بالإسكندرية د. حمدي حسن لـ«الشرق الأوسط» توزيع الإخوان منشورا قبيل الأحداث، كما نشرت إحدى الصحف المصرية، وقال إن الإخوان لم يتدخلوا في هذه الأحداث.

وأضاف حسن أن الحادث له تداعيات وآثار خطيرة على النسيج الوطني، مشيرا إلى أن مثل هذه الأحداث الساخنة والتي استغلت نتيجة مسرحية تم عرضها لا يمكن أن تحل بالتصريحات الصحافية ولا بالمنشورات، فالقضية اكبر بكثير من مثل هذه الإجراءات البسيطة، ويجب السعي إلى تطويق هذه الأحداث بسرعة.

وقال النائب إن في ما يحدث خطورة على الأمن القومي المصري في وقت نحن أحوج فيه إلى استقرار الأمة، خاصة أننا نعيش حاليا مرحلة الانتخابات البرلمانية التي تحرص على أن تجري في إطار ومناخ ديمقراطي ويحافظ على نفس الوقت على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي.