قيادي «الإنقاذ» هدام سيعود للجزائر بعد أيام.. وزعيم «السلفية» يقول «لا هدنة ولا صلح ولا أمان»

TT

أعلن الدكتور انور هدام، قيادي «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة في الجزائر، اعتزامه العودة الى بلاده في 29 من الشهر الحالي، بعد اقتناعه بمسعى السلم والمصالحة الوطنية، في وقت جدد فيه زعيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» تمسكه بالعمل المسلح، رافعاً شعار «لا هدنة ولا صلح ولا أمان».

وقال هدام رئيس «البعثة البرلمانية لجبهة الإنقاذ في الخارج»، في بيان أول من أمس، انه قرر العودة الى الجزائر استجابة لدعوة وجهها له وزير الدولة عبد العزيز بلخادم نيابة عن الرئيس بوتفليقة. واضاف هدام المقيم في الولايات المتحدة انه قرر العودة إلى الجزائر «لمواصلة العمل من داخل بلدنا وبالتنسيق مع باقي القوى والشخصيات الوطنية، من أجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية». وأضاف: «ان الأمر الذي جعلني أستجيب لهذه الدعوة الحميدة، رغم حالة الطوارئ والمخاطر الأمنية الناجمة عن التوازنات الخاضعة للتيار التغريبي الاستئصالي، هو توفر ما أراه الحد الأدنى الضروري من الظروف المواتية للمساهمة في الجهود المبذولة للتصالح الوطني بين كافة أبناء الشعب بدون أي إقصاء». ودعا إلى طي صفحة الصراع الدامي «بدون التخلي عن مطلب تحقيق العدالة واحترام ذاكرة المجتمع وصيانتها من التزييف وواجب تحديد المسؤوليات»، في اشارة الى الأطراف المتسببة في الأزمة الأمنية التي اندلعت مطلع التسعينات من القرن الماضي.

ويطالب هدام بـ«رفع المظالم القضائية والإدارية عن المظلومين بسبب آرائهم الفكرية ومواقفهم السياسية، سواء كانوا داخل الوطن أو في بلاد المهجر بمن فيهم الأخ علي بن حاج والشيخ عباسي مدني». وفي ما يشبه نداء إلى قيادات الإنقاذ المتحفظة إزاء مشروع المصالحة، قال هدام إنه ينبغي التركيز على مرحلة ما بعد استفتاء السلم والمصالحة «مهما كان موقفنا من الاستفتاء». ويعتزم هدام تنظيم مؤتمر صحافي بالعاصمة الجزائرية في اليوم التالي لوصوله.

وقال هدام في اتصال هاتفي اجري معه انه سيسعى إلى «إطلاق تحالف وطني من أجل المصالحة» في الجزائر، من دون تقديم تفاصيل، وأشار إلى ان هناك «استئصاليين يتحرجون من عودتي إلى البلاد»، في اشارة الى نافذين في السلطة يعادون الإسلاميين وينادون بإقصائهم من أي مبادرة سياسية تستهدف معالجة الأزمة.

وتعتقد أوساط تتابع تطورات ملف المصالحة، أن اقتناع قيادي بارز في الإنقاذ بجدوى المشروع مؤشر على نجاح الرئيس بوتفليقة في تجسيد تصوره لحل الأزمة. وتتوقع مصادر عودة رابح كبير، القيادي الآخر في الانقاذ، المقيم في المانيا، والذي كان سباقاً بإعلان دعمه لميثاق السلم والمصالحة. ويحتدم خلاف كبير بين قيادات الإنقاذ حول مشروع السلم والمصالحة، حيث رفضه رئيس الجبهة عباسي مدني وقيادات الداخل بدعوى أنه يجرّمهم بدل أن ينصفهم.

وكان هدام أحد المترشحين للانتخابات البرلمانية التي فازت بها الجبهة الإسلامية أواخر 1991، وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها. في سياق متصل، دعا عبد المالك دروكدال، المدعو أبو مصعب عبد الودود زعيم «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» الجزائرية، قيادات «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» ومناضليها إلى رفض مشروع السلم والمصالحة. وذكر في حوار أجرته معه «اللجنة الإعلامية» للجماعة ونشرته أمس على موقعها بالإنترنت، إنه «ينصح» رموز الإنقاذ الذين رحبوا بمشروع المصالحة «بالعودة إلى رشدهم باجتناب التعامل مع النظام الحاكم (...) وندعوهم أيضا لتصحيح مسارهم السياسي فإنه لا يجدي نفعا فضلا عن مخالفته لسبيل المؤمنين». وكان دروكدال يشير بذلك الى قياديين من الجناحين السياسي والعسكري للإنقاذ، وعلى رأسهم مدني مزراق قائد «الجيش الإسلامي للإنقاذ» المحل ورابح كبير وأنور هدام وغيرهما.

وانتقد دروكدال مسلحي الإنقاذ الذين انخرطوا في سياسية «الوئام المدني» عام 1999 ونزل ستة آلاف منهم من الجبال، قائلاً: «أولئك ما صعدوا للجبال أصلا إلا لأغراض سياسية حزبية ظرفية ما فتئت أن تبددت فتبددوا معها ولم يبق لهم وجود في الجبال». وتناول زعيم «الجماعة السلفية» في حواره الموقع بتاريخ 26 سبتمبر (أيلول) الماضي، قضية قبول القائد السابق للجماعة السلفية حسان حطاب بمشروع السلم المصالحة، حيث نفى أن يكون جر معه في دربه أتباعا من التنظيم المسلح. وقال: دروكدال «لقد انقطعت بيننا وبينه (حطاب) العلاقات منذ استقالته (عام 2003) وارتمائه في أحضان الطواغيت، فلم يعد منا ولا نحن منه. ورغم تساقطه وانهزامه فإنه لم يؤثر ولو جزئيا على الجماعة ومواقفها، ولم يجد من يشاركه انهزامه ويتعصب له إلا جنديا واحدا». وأعطى دروكدال الانطباع بعدم اكتراثه بمحاولات حطاب إقناع المتصلبين في الجماعة بالتخلي عن السلاح، قائلاً: «وفي كل حال، فإن حطاب أو غيره ممن ينقلب على عقبيه سيسقط ويذهب غير مأسوف عليه». وكان حطاب قد ذكر في حوار اجرته معه «الشرق الأوسط» الأسبوع الماضي، إن كثيرا من أفراد الجماعة السلفية يرغبون في الانخراط في ديناميكية المصالحة، وكشف عن مساع يقوم بها في هذا الاتجاه.

وجدد دروكدال موقف النواة الصلبة في «الجماعة السلفية» الرافض لمسعى السلم والمصالحة الذي أيده الجزائريون في استفتاء نظم نهاية الشهر الماضي، حيث وصف ميثاق المصالحة بـ «وثيقة قانونية صرفة تجرم العمل الجهادي»، في إشارة إلى تدابير الميثاق التي تحمل الإسلاميين مسؤولية الأزمة. وأكد زعيم «الجماعة السلفية» حرصه على مواصلة القتال بقوله: «لا هدنة ولا صلح ولا أمان».