سورية تصف تقرير ميليس بأنه مسيس ويستند إلى فرضيات

اعتبرت أنه كُتب بناء على أفكار مسبقة وتأثر بأجواء سياسية .. وبنيت الشبهات فيه على شهادات أشخاص لا يتمتعون بصدقية

TT

رفضت سورية، أمس، تقرير رئيس فريق لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، ديتليف ميليس، ولمحت إلى تورط إسرائيل في عملية الاغتيال للإضرار بالمنطقة.

ووصف معاون وزير الخارجية السوري، أحمد عرنوس، في بيان تلاه في مؤتمر صحافي إلى جانب المستشار القانوني في وزارة الخارجية رياض الداوودي، التقرير بأنه «يقوم على أفكار مسبقة، وتأثر بالأجواء السياسية التي أعقبت عملية الاغتيال، كما بنيت الشبهات فيه على شهادات أشخاص لا يتمتعون بالصدقية، الأمر الذي أدى إلى خروجه بنتائج ذات طابع سياسي».

وسألت «الشرق الأوسط»، رياض الداوودي، المستشار القانوني في وزارة الخارجية السورية، عما جاء في تقرير ميليس من أن وزير الخارجية فاروق الشرع قد ضمن رسالته إلى ميليس معلومات خاطئة، فأجاب: «إن هنالك استخداماً جرى لهذا التقرير على الصعيد الإعلامي، حيث كان ميليس نفسه أشار إليه مؤخراً بأنه يأسف لوصول هذا التقرير إلى وسائل الإعلام قبل وصوله إلى المعنيين بالأمر، بما معناه أن ميليس قد شعر بأن هنالك استخداما إعلاميا وسياسيا لأغراض سياسية محددة في هذا التقرير».

وأضاف: «من المؤسف جدا، استعمال تعبير تضليل التحقيق، فقد سرد الوزير الشرع ما حصل في الاجتماع الذي جرى بين الرئيس بشار الأسد والمرحوم الحريري في 26 مارس (آذار 2004)، وسرد واقعة وهي موجودة في تقرير ميليس، ولا يوجد فيها ما يشير إلى أن هنالك خطأ، إنما هذا شيء مؤسف لأن التقرير يعطي صدقية لعدد من الشهادات التي صدرت عن مسؤولين لبنانيين، ويوجد أكثر من مؤشر لضرورة الوقوف عند هذه الشهادات والتماثل الوارد في هذه الشهادات، وهؤلاء المسؤولون اللبنانيون لهم مواقف معينة من سورية، وأخذوا مواقف بعد 14 مارس، مشيرين وبشكل متوافق إلى جملة معينة في التقرير، مما يفيد بأن هنالك اتفاقا على تقديم شهادات معينة باتجاه معين، والمؤسف أن التقرير يعطي ثقلا وصدقية لهذه الشهادات». وبخصوص ما ورد بأن هناك معلومات خاطئة في رسالة الشرع، أكد الداوودي أنه لا يوجد خطأ في المعلومات، «كان متاحاً للسيد ميليس أن يتحقق عن هذه المعلومات عندما جاء إلى دمشق، ولم يكن هنالك أي حائل دون تحققه من ذلك».

وسألت «الشرق الأوسط»، الداوودي، ما إذا كانت سورية ستوافق على أن يستمع ميليس إلى شهود سوريين خارج الأراضي السورية. فقال: «إن سورية ملتزمة دائماً بقرار الشرعية الدولية، ما دامت هذه الشرعية تسير باتجاه متوازن، وقد بدأت سورية بالتعاون وستتابع التعاون ضمن المعطيات التي تطرح في كل خطوة من الخطوات، وإن سورية فيما يتعلق بالتعاون كانت متعاونة لأبعد الحدود مع اللجنة، ومن سوء الحظ، وللأسف، أن اللجنة أوردت في تقريرها ما أوردته بصدد التعاون السوري».

وأكد الداوودي من جانب آخر «أن كل من حضر الاستماع إلى الشهود في سورية، تم بمعرفة ميليس نفسه وبموافقته الكاملة، وإن كل ما ورد لجهة عدم التعاون في تقرير ميليس لا أساس له من الصحة، وفيما يتعلق بالمرحلة القادمة، هناك اتفاق جنتلمان جرى بيني وبين ميليس قائم على الوقائع التي ذكرتها وكان ذلك في 12/9/2005، وجرى في فندق إيبلا الشام، وهذا الاتفاق عملياً بقي قائماً وطبعاً انتهى بالانتهاء لسماع الشهود».

ورداً على سؤال حول عدم ورود بعض الأسماء في تقرير ميليس، قال الداوودي: «إن ميليس أشار إلى أن هذا الحذف قام على أساس فرضية البراءة، لم يذكر اسماءهم، وأحب هنا أن أشير إلى أن هذا التقرير يضع سورية في دائرة الاتهام بناء على أجواء معينة سادت وفرضيات معينة سادت في الأجواء اللبنانية، وعلى وجه الخصوص، بعد اغتيال الحريري، واللجنة للأسف استنتجت وبنت على هذه الأجواء مواقف واتهامات، ولا يكفي أن يقال إن اللجنة في تقريرها انطلقت من فرضية اتهام سورية وبنت هذه الفرضية على أن الاغتيال لا يمكن تنفيذه من دون معرفة الأجهزة الأمنية اللبنانية والسورية، ثم أصبحت هذه الفرضية الاحتمال الأقرب، ثم أصبحت لاحقاً المعلومات المذكورة والأدلة التي تبنى على شهادات الشهود اللبنانيين الذين ذكرتهم أصبحت تشير إلى احتمال تورط بعض المسؤولين».

وخلص الداوودي إلى أن مجموع ما ورد في هذا التقرير، هو احتمالات وفرضيات، وما دام الأمر يقوم على الاحتمال والافتراض، فبالتالي غير وارد إطلاقاً ذكر أسماء أشخاص، إلا إذا قام الدليل على تورط شخص.

وعما إذا كانت سورية سترد بمذكرة رسمية على ما يوجه إليها من اتهامات، قال الداوودي: «لدينا آلية تحقيق أنشئت بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن، نتعامل معها». ونفى ما نسب إلى نائب وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، من أنه قال للحريري: «لقد وضعناك في الزاوية»، وقال الداوودي إن الصوت المسجل لا يمكن الأخذ به إلا إذا اعترف به صاحبه.

وأشار بيان وزارة الخارجية إلى أن ميليس تناول في قسم من تقريره وقائع وقرائن تتصل بالجريمة، بما في ذلك الأدوات الجرمية ووسائل اتصال جرت بين مجموعة من الأشخاص، ونظرا لأن التقرير أكد بأن أمام اللجنة عملاً حثيثاً ينتظرها للوصول إلى نتائج في هذا المجال، فإن سورية ترى أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى اتهام جهات غير تلك التي وضعها التقرير مسبقاً في دائرة الاتهام والشهبة.

كما أعرب البيان السوري عن أسف سورية، لتضمين التقرير إشارة إلى عدم تعاونها الكامل مع اللجنة الدولية، مؤكداً أنها حرصت على تلبية جميع طلبات ميليس، وأنها عندما فضلت أن يتم سماع الشهود السوريين داخل الأراضي السورية، فإن رئيس لجنة التحقيق لم يعلق بعدم الرضى عن ذلك.

وأبدى بيان الخارجية السورية، استغراب سورية الشديد لأن يعتمد ميليس في تقريره على شهادة محمد زهير الصديق، وبناء اتهام لسورية على أساس هذه الشهادة، وذلك بعد أن تم تزويده بملف كامل يثبت أن المذكور قد صدرت بحقه أحكام جنائية بتهم التزوير والاحتيال، وأنه فاقد كليا للصدقية. وشدد البيان على أن سورية التي تعاونت بشكل تام مع لجنة التحقيق الدولية من أجل الوصول إلى كشف حقيقة اغتيال المرحوم رفيق الحريري، تؤكد مجدداً أنها المتضررة الأولى من هذه الجريمة، لا سيما وأن اللجنة قد أقرت بأن أمامها برنامج عمل طويل، وأنها تعتبر أن جميع الأشخاص بمن فيهم من وجه إليهم الاتهام هم أبرياء.