واشنطن ولندن وباريس تدفع لقرار «حازم» بشأن سورية وموسكو تعلن سلفا معارضتها لفرض عقوبات دولية عليها

تياران يتجاذبان مجلس الأمن حيال لهجة قرار دعوة دمشق إلى تعاون سوري «كامل» مع ميليس

TT

حثت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، باقي بلدان مجلس الأمن الدولي، على أن يتبنوا قرارا حازما يهدد بفرض عقوبات دولية على سورية، إن لم تتعاون تماما مع تحقيق الأمم المتحدة بخصوص اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

ومن المتوقع أن يتزايد الضغط على سورية مع صدور قرار المبعوث الدولي إلى سورية ولبنان تيري رود ـ لارسن، إذ تتردد شائعات تقول إن سورية ما زالت مستمرة في تهريب السلاح للميليشيات الفلسطينية في مخيمات اللاجئين بلبنان، وهذا التصرف يخرق قرار سبتمبر(أيلول) 2004 المطالب بنزع سلاح كل المليشيات في لبنان.

لكن روسيا والصين اللتين تمتلكان حق النقض، إضافة الى الجزائر العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، تتردد في استخدام التهديد بالعقوبات الدولية، من أجل فرض تعاون سوري أكبر مع الأمم المتحدة.

ونوهت روسيا أمس، بأنها لن تسمح بفرض العقوبات الدولية على سورية. وقال المتحدث الروسي ميخائيل كامينين، أثناء رحلة كان يقوم بها برفقة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى إسرائيل، «تعارض روسيا فرض العقوبات الدولية على سورية. وروسيا ستفعل كل شيء ضروري لمنع المحاولات الهادفة إلى فرض العقوبات ضد سورية». وكانت مسودة مشروع قرار قد وزِّعت أول من أمس من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، تدعم بقوة تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، والذي يشير إلى تورط مسؤولين أمنيين سوريين ولبنانيين في اغتيال الحريري، ويتهم سورية بعدم التعاون بشكل كامل مع التحقيق. ويتضمن مشروع القرار الذي يندرج تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تهديداً ضمنياً بفرض عقوبات اقتصادية على سورية، اذا لم تتعاون مع لجنة التحقيق، من خلال الاشارة الى امكانية أن يتخذ مجلس الأمن «اجراءات اضافية بموجب المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، اذا ما لزم الأمر، لضمان التزام سورية» بقرار المجلس. ومن المتوقع أن تثير مسألة ادراج مسودة القرار تحت الفصل السابع من الميثاق، الذي يتضمن آلية لفرض تطبيق القرار من خلال استخدام كل «الاجراءات اللازمة» ـ بما في ذلك العقوبات واستخدام القوة ـ تحفظ بعض الدول، مثل الصين وروسيا والجزائر. وكانت الصين أكدت أخيراً أن لا حاجة لإدراج القرار في اطار الفصل السابع من أجل المطالبة بتعاون سورية الكامل. وينص مشروع القرار، الذي أعدته الولايات المتحدة وفرنسا والذي تدعمه بريطانيا، على ضرورة أن تعتقل الحكومة السورية «هؤلاء المسؤولين السوريين أو الأشخاص الذين تشتبه لجنة التحقيق في تورطهم في هذا العمل الارهابي، وجعلهم متوفرين أمام اللجنة بصورة كاملة وغير مشروطة». كما يطالب مشروع القرار الذي يُتوقع أن يناقشه أعضاء مجلس الأمن في جلسة مشاورات غداً دمشق، بالسماح للجنة التحقيق التي يترأسها القاضي الألماني، دتليف ميليس، «استجواب مسؤولين سوريين أو غيرهم من الأشخاص، الذين تعتبرهم اللجنة ذوي صلة بالتحقيق، خارج سورية ومن دون وجود أي مسؤول سوري، اذا ما طالبت اللجنة بذلك».

وإذا تمت المصادقة على هذا المشروع، الذي يطلب من سورية اعتقال أي شخص يعتبره محققو الأمم المتحدة مشتبها به، والسماح لهم باستجوابه خارج سورية بدون حضور المسؤولين السوريين معه. كذلك يطلب القرار المقترح تجميد أرصدة أي شخص مشتبه به من قبل لجنة التحقيق ومنعه من السفر.

ويبدو أن لغة القرار تسعى للضغط على سورية، كي تسمح للمحققين بالوصول إلى مسؤولين أمنيين سوريين كبار، وهذا قد يشمل صهر الرئيس السوري، الذي قد يكون متورطا باغتيال الحريري. كذلك مطلوب من سورية أن تتخلى عن الإرهاب و«أن تلتزم بالكف عن دعم أي شكل من أشكال الأنشطة الإرهابية، أو تقديم أي دعم للجماعات الإرهابية، وأن تظهر هذا من خلال قيامها بإجراءات واضحة». وحسبما قال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة جون بولتون، في حالة عدم قيام دمشق بذلك «نريد أن نقدم إشارة قوية للحكومة السورية، بأنها يجب أن تكف عن عرقلتها مباشرة».

وأصر الرئيس بوش أول من أمس، على أن تقوم الأمم المتحدة بتحميل الزعماء السوريين «مسؤولية دعمهم المستمر للإرهاب».

لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال في حديث هاتفي مع الرئيس الأسد، أول من أمس، إنه يرحب برغبة سورية المعلنة في التعاون مع التحقيق، وشدد على ضرورة تحرك مجلس الأمن الدولي بتمهل».

وناقش الرئيسان أيضا «الحاجة الماسة إلى إجراء حذر من قبل المجتمع الدولي، من أجل منع ظهور بؤر توتر جديدة في المنطقة» حسبما جاء في تصريح الكرملين.

وعبرت روسيا والصين عن قلقهما من أية إجراءات قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط.

ومن المتوقع أن يناقش خبراء مجلس الأمن الدولي خلال الأيام القليلة المقبلة مشروع القرار. وقال بولتون من جانبه إنه سيأتي وزراء الدول الخمس عشرة في المجلس إلى نيويورك يوم الاثنين المقبل، ويأمل أن تتم موافقتهم على مشروع القرار. وقال دبلوماسيون إن الاجتماع الوزاري سيضيف ثقلا للقرار ويزيد من حجم الضغط على سورية.

وكان المحقق الألماني ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية قد حث سورية أول من أمس، كي تساعد في «ملء الفراغات» بما يخص عملية التفجير المنظم، الذي أدى إلى مقتل الحريري وعشرين آخرين في بيروت في 14 فبراير (شباط) الماضي. وقال ميليس للصحافيين «أنا لا أستطيع أن أبعث 500 محقق إلى سورية، كي يبحثوا عن وثائق، لأنني لا أعرف أين سأجدهم.. إنها ستكون فكرة جيدة لو أن السلطات السورية، بذلت جهودا إضافية بنفسها».

وحصل ميليس على تمديد لتفويضه في مهمة التحقيق حتى 15 ديسمبر (كانون الأول)، وقال للمجلس بهذه المناسبة «هذه فرصة أخرى للسلطات السورية، كي تظهر تعاونا أكبر ومجد».

وطلبت مسودة المشروع المقترح من ميليس، أن يرفع تقريرا حول التقدم في تحقيقه، ومدى تعاون سورية معه يوم 15 ديسمبر أو قبله، إذا كسب تعاونا كافيا منها. من جانبه طالب ميليس رفع درجة الحماية الأمنية لفريقه البالغ عددهم 30 عضوا، ينتمون إلى 17 بلدا. وقال إن اللجنة تلقت تهديدات.

* أسوشييتد بريس لندن تكشف أن محاكمة المتهمين باغتيال الحريري ستكون أمام محكمة لبنانية وبموجب القوانين اللبنانية