باريس تجنبت تضمين مشروع القرار الفرنسي ـ الأميركي نصا يفرض عقوبات على سورية «بشكل آلي» ما لم تلتزم به

TT

أفادت مصادر دبلوماسية مطلعة في باريس أن فرنسا نجحت في تفادي تضمين مشروع القرار الدولي الفرنسي ـ الأميركي الذي وزعت مسودته أول من أمس مفهوم «تلقائية» الانتقال الى فرض عقوبات على سورية و«بشكل آلي» في حال تبين أن دمشق لم تلتزم وتنفذ المطالب التي يتضمنها القرار المذكور وخصوصا المنصوص عليها في الفقرة العاملة رقم 10.

وتنص هذه الفقرة على مجموعة مطالب «تفصيلية» غرضها مساعدة المحقق الدولي على إنجاز مهمته وتحديدا في استجواب من يريد من المسؤولين السوريين خارج الأراضي السورية وبعيدا عن أعين مراقبين سوريين. وكانت فرنسا أعلنت تمسكها بمبدأ عدم التلقائية ما يعني أن فرض عقوبات محتملة في المستقبل على السلطات السورية لعدم تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية يستدعي قرارا جديدا من مجلس الأمن الدولي.

وترى المصادر الفرنسية أن صياغة «سلسة» بهذا الشكل من شأنها «تسهيل» مهمة الترويج لمشروع القانون الذي «يمكن أن يخضع لتعديلات» قبل طرحه على التصويت في الأيام المقبلة وكذلك لتفادي الجدل الدبلوماسي في مجلس الأمن الدولي.

وجدير بالذكر أن القرار الدولي رقم 1559 الذي صوت عليه في مجلس الأمن في الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) عام 2004 ودعا القوات السورية الى الخروج من لبنان أثار جدلا حاميا في مجلس الأمن الدولي ولم يحصل عند طرحه على التصويت إلا على 9 أصوات وهي الحد الأدنى المطلوب للمصادقة على القرار مع امتناع الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية عن اللجوء الى استخدام حق النقض.

وشددت المصادر المشار إليها على «أهمية» أن يحدد مشروع القرار «بدقة» النقاط التي يمكن أن تكون موضع محاسبة لسورية وحصرها بالفقرة عشرة. وفي هذا الإطار أشارت المصادر المذكورة الى أن الفقرة العاملة رقم 11 التي تدعو سورية الى أن «تتعهد نهائيا بوقف دعمها لكل أشكال الأعمال الإرهابية وكل المساعدة للجماعات الإرهابية وإظهار هذا التعهد بتحركات جدية» جاءت «منفصلة» عن المطالب الدقيقة الأربعة المتضمنة في الفقرة 10. وورودها على هذا الشكل «ليس مجانيا» لأن باريس رفضت منذ البداية الخلط بين مسألة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري وبين المسائل الأخرى ومنها السياسة السورية إزاء العراق والاتهامات الأميركية لدمشق بدعم المتمردين في العراق أو الحركات الفلسطينية المناهضة لسلطة محمود عباس.

وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس أن ورود الفقرة 11 على هذا الشكل كان «الحل الوسط» بين ما تؤيده وشنطن وترفضه باريس ما سهل على العاصمتين تقديم نص مشروع قرار مشترك الى مجلس الأمن الدولي.

وتدخل في باب «التسوية» الإشارة الى العقوبات التي قد تفرض على سورية بتعبير «إجراءات إضافية» بحيث تعني العقوبات من دون أن تسميها بالاسم. ومعروف أن روسيا، العضو الذي يتمتع بحق النقض في مجلس الأمن، كررت أنها ضد فرض عقوبات. وكما كان متوقعا، أدرج مشروع القرار الجديد تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وأمس قالت المصادر الفرنسية إن الغرض من ذلك إعطاء القرار الجديد طابعا إلزاميا «بحيث تكون رسالة مجلس الأمن الى سورية أن لا خيار لها إلا التعاون التام مع لجنة مليس وإلا واجهت العقوبات الدولية في مجلس الأمن» نافية أن تكون الإشارة الى الفصل السابع «تمهيدا لاستخدام القوة» ضد دمشق. وعلى صعيد العلاقات الفرنسية ـ السورية التي تعاني صعوبات كبيرة منذ ما قبل اغتيال الحريري، دعت سفيرة سورية في باريس صبا ناصر الى «استئناف الحوار السياسي سريعا» بين باريس ودمشق «لأن بين العاصمتين الكثير من الأمور المشتركة». وقالت السفيرة السورية، في مقابلة مع القناة الثالثة في التلفزيون الفرنسي، إن سورية «لا تريد فقط أن تكون صديقة لفرنسا ولكن بلدا حليفا لها في الشرق الأوسط».