مؤسسات أميركية تساعد «جنوبيي السودان»

أكدت أن الجنوبيين سيؤيدون الانفصال عن الشمال وقسمت السودانيين إلى عرب وأفارقة

TT

ركز اثنان من اكبر المعاهد الأميركية لنشر الديمقراطية في الخارج، هما المعهد الدولي الجمهوري، والمعهد الوطني الديمقراطي، على تقديم مساعدات لجنوب السودان أكثر من الشمال. وقال مسؤولون في المعهدين إنهم يلتزمون تنفيذ اتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، بالإضافة الى أن قانون مقاطعة السودان الاميركي ووضع حكومة السودان في قائمة الإرهاب الأميركية يحظران نشاط المعهدين في الشمال.

ويشرف الحزب الجمهوري على المعهد الأول، ويشرف الحزب الديمقراطي على الثاني، ويتلقى المعهدان مساعدات من وكالة التنمية الدولية التابعة لوزارة الخارجية الأميركية، ومن جهات أميركية أخرى.

جمع المعهد الجمهوري، في بداية الصيف، أكثر من خمسين من المسؤولين الجنوبيين في مؤتمر لتدريبهم على النظم الديمقراطية، ومساعدتهم على وضع دستور جنوب السودان، واشترك في التدريب خبراء من الولايات المتحدة ونيجريا وجنوب أفريقيا. وسيقدم المعهد، بعد تشكيل المؤسسات التشريعية في السودان، تدريبات للجنوبيين على الطرق البرلمانية وسن القوانين ومناقشة الميزانية وإجازتها. وسيشمل التدريب أعضاء مجلس جنوب السودان، وأعضاء مجالس الولايات في الجنوب، والجنوبيين الأعضاء في المجلس الوطني في الخرطوم.

ونظم المعهد الجمهوري، في السنة الماضية، مؤتمرا لتدريب جنوبيات في ولاية الاستوائية عقده في نيروبي فرع المعهد هناك، واشترك فيه خبراء من رئاسة المعهد في واشنطن ومن كينيا. وشمل التدريب الأنظمة البرلمانية والحملات الانتخابية ومنظمات الضغط. ونظم المعهد مؤتمرا آخر في نيروبي لتدريب الجنوبيين على التعاون مع المنظمات العالمية غير الحكومية، واشترك فيه مندوبون من كينيا وأوغندا وأرض الصومال.

لكن المعهد نظم في أوغندا، في بداية هذه السنة، ندوة، بناء على طلب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يضم أكثر من عشرة أحزاب تعارض حكومة الرئيس عمر البشير، كانت فيه حركة تحرير جنوب السودان، التي أصبحت الآن شريكة لحكومة البشير. وشملت الندوة طرق المعارضة السلمية وعقد التحالفات وتنظيم الحملات الانتخابية. ونظم المعهد، أيضا، ندوة تدريبية في نيجريا للنساء المسلمات في السودان ونيجريا وليبيريا بهدف زيادة دورهن في العمل السياسي.

وأصدر المعهد تقريرا عن وضع المرأة في السودان، لكنه اقتصر على جنوب السودان. وقال إن نسبة التعليم وسط الجنوبيات هي ثلاثة في المائة، وشرح برامج المعهد لتطوير المرأة هناك، وشرح التعاون مع منظمة النساء السودانيات في نيروبي، ومعهد تطوير مؤسسات المجتمع الوطني في ياي بجنوب السودان، وقال إنه اهتم بزيادة نصيب النساء في لجان حركة التحرير الشعبية وفي مؤسسات الحكم في الجنوب.

وقال التقرير، الذي صدر قبل اشتراك قادة الحركة في الحكومة الوطنية، إن الجنوب «سيحصل على نسبة ثلاثين في المائة من إدارة السودان، ولهذا يحتاج الى عمليات تدريب مكثفة»، وتعهد ببذل جهد كبير لمساعدة الجنوبيين على ذلك، بدون أي إشارة الى مساعدات مماثلة للشماليين، رغم انه اعتبر جبال النوبة والفونج «مناطق مهمشة» يهتم بها.

واعتبر المعهد المشكلة في السودان بين «الشماليين المسلمين العرب» و«الجنوبيين السود المسيحيين وأتباع أديان تقليدية»، رغم أنه قال إن هناك عوامل أخرى، وإن الدين ليس العامل الرئيسي. وأضاف أن 65 في المائة من السودانيين «أفريقيون»، و35 في المائة «عرب»، بدون أن يفسر ذلك، وأن 70 في المائة من السودانيين مسلمون، وأقل من عشرة في المائة مسيحيون، ويتبع الباقون أديانا محلية.

وقال تقرير المعهد عن السودان إن الاهتمام الأميركي في السودان زاد بعد هجوم 11 سبتمبر (أيلول) على أميركا، وأشار الى أن جون دانفورث، سناتور سابق ورجل دين، عين في نفس ذلك الشهر مبعوثا للرئيس بوش الى السودان للإشراف على توقيع اتفاقية السلام بين الجنوب والشمال.

وبدأت نشاطات المعهدين الجمهوري والديمقراطي مع بداية سنة 2002، لتنفيذ اتفاقيات مع وكالة التنمية الدولية الأميركية (يو آي إيد). وبسبب وجود معظم قادة المعارضة خارج السودان سافر وفد تمهيدي من المعهدين الى القاهرة وأسمرة ونيروبي وأوغندا، حيث قابل قادة المعارضة. وتوقع المعهدان، في ذلك الوقت، تنفيذ خطط في الشمال والجنوب لتطوير مؤسسات الحكم المدني. لكن كل الجهود حتى الآن، تقريبا، انحصرت في الجنوب، «على نفس طريقة تيمور الشرقية»، كما قال تقرير للمعهد الجمهوري.

وركز المعهد الديمقراطي، مثل المعهد الجمهوري، على جنوب السودان، وأعلن أنه سيقدم مساعدات «في كل القطر لزيادة التأييد لاتفاقية السلام ولتوقعات تطور ديمقراطي». لكن المعهد الديمقراطي تبنى مشروعا لإجراء بحوث مع جامعة الأحفاد للبنات في الخرطوم، وعقد ندوات لتدريب الشماليين على مؤسسات الحكم الوطني والديمقراطية. وأجرى المعهد، في السنة الماضية، أول استفتاء في الجنوب منذ بداية الحرب هناك، «كشف أن الجنوبيين، رغم سنوات الحرب، متفائلون حول عملية السلام، وأنهم يشكون بقوة في نيات الشمال، وأنهم سيؤيدون، بأغلبية ساحقة، الانفصال عن الشمال» عندما يجرى استفتاء في الجنوب بعد خمس سنوات.

وقال تقرير للمعهد إنه «سيساعد السودانيين في المرحلة الجديدة، وخاصة الذين حرموا من السلطة في الماضي»، لكنه، مثل زميله المعهد الجمهوري، ركز على الجنوب. ومن المشاريع التي يشترك فيها «خدمة إذاعة السودان» التي تستهدف الجنوبيين، وتشمل إنشاء محطات إرسال في الجنوب، وتوزيع أجهزة راديو على المواطنين هناك.

وقال تقرير للمعهد الديمقراطي إنه «أكمل جولة ثانية من تدريب الجنوبيين» مع بداية الصيف «شملت كل منطقة رئيسية في جنوب السودان»، وغطت مجالات مثل كتابة دستور الجنوب، وتأسيس الأجهزة الحكومية، وأهمية الانتخابات وطرق الترشيح والدعاية والتصويت، وحقوق الإنسان، وحرية الأديان، وعقوبة الإعدام، وحقوق المرأة، وحرية التعبير.