الحكومة المغربية ترى أن الفساد المالي بين كبار المسؤولين تراجع كثيراً

TT

خلع فتح الله ولعلو وزير المالية والتخصيص المغربي، معطف الاقتصاد، ولبس جبة السياسي دفاعا عن اختيارات حكومة ادريس جطو، وقبلها حكومة عبد الرحمن اليوسفي.

ورد ولعلو الذي كان يتحدث أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، على تدخلات النواب، بإسهاب بإبراز مضامين البرنامج الحكومي في جانب الميزانية، والمرتبط بمجال التدبير السياسي والاقتصادي.

وقال ولعلو إن المغرب بلد فقير ومتخلف من حيث موارده الطبيعية، لكنه يسير في الاتجاه الصحيح، بوضع قطار التنمية تدريجيا على سكة التقدم دونما حاجة الى موارد قد تساهم في استمرار سياسة اقتصاد الريع، ومن ضمنها مادة النفط.

وتمنى ولعلو أن يصل المغرب الى مصاف الدول الأكثر تقدما بعد مرور 30 سنة، وهي نفس الفترة التي مرت منه دول مثل اسبانيا، التي لا تتوفر كذلك على موارد طبيعية، مشيرا الى أن قلة الموارد قد تكون هبة تدفع المغاربة أكثر الى الاجتهاد والابداع من أجل تطوير البلاد.

وأضاف ولعلو أن المغرب يتوفر على مدخول متوسط، وفيه فقراء ومناطق فقيرة ويواجه صعوبات ليست فقط مرتبطة بقلة موارده، ولكن ايضا لكونه يوجد في منطقة دول الاتحاد المغاربي، التي ظلت وحدها في العالم، منطقة معزولة لا ترغب في العمل المشترك، والتكتل الاقتصادي.

ودافع ولعلو عن السياسية الحكومة منذ عام 1998، التي رسخت آليات العمل الديمقراطي، وثقافة الشفافية ومحاربة الفساد الإداري ونهب المال العام، على حد قوله، مستندا إلى الاصلاحات التي باشرتها حكومة اليوسفي وحكومة جطو في العديد من الميادين، من ضمنها المصارف الحكومية التي كانت مفلسة مثل القرض العقاري والسياحي والقرض الفلاحي والمصرف المركزي الشعبي، وبنك الإنماء والبنك الاقتصادي، وأضحت تدر أرباحا تطعم حجم الاستثمارات العمومية.

ونفى ولعلو أن تكون الحكومة أغمضت عينيها على متابعة المسؤولين عن الفساد المالي، أو تتهرب من ذلك، بل تحترم فقط الاجراءات القضائية التي تتطلب وقتا لوجود تقارير وملفات ضخمة.

وأكد ولعلو أن الفساد والارتشاء على مستوى المسؤولين الكبار في الحكومة أو الإدارة العامة أو المؤسسات العمومية، قل كثيرا مقارنة مع الماضي، وعزا الأمر ليس الى القوانين التي أقرها البرلمان أو تقارير منظمات مثل ترانسبرانسي، ولكن الى الجو السياسي، الذي يعيشه المغرب حاليا، وفعالية المراقبة البرلمانية ودور الصحافة التي تزايد بقوة وفرض كذلك نوعا من الرقابة الشعبية، إضافة الى سيادة نوع جديد من الثقافة داخل أوساط الفاعلين السياسيين، مشيرا الى أن الحديث عن الفساد بالمغرب والارتشاء من قبل المنظمات المختصة، نابع من كون المغرب يسلك مسلك حرية التعبير والكشف عن كل شيء، مما يجعل البعض يعتقد أنه يعاني فسادا متناميا، في الوقت الذي يوجد فيه الفساد المالي بصورة أكبر في دول غنية، ولا أحد يتحدث عنها.

ورد ولعلو على من تحدث عن الحكومة الجيدة في تدبير الشأن السياسي، ومن ضمنهم الذين قالوا باحترام المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الوزراء، وهي إشارة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي، الذي ينتمي اليه ولعلو، والذي احتج على تعيين جطو عام 2002 رئيسا للوزراء، باعتباره غير منتم لأي حزب سياسي، ولا يمكنه تحمل مسؤولية سياسية، بالقول «اعتبر الحديث عن المنهجية الديمقراطية كلاما طبيعيا، وهو كلام جيد، ولكل واحد الحق في الإدلاء بما يراه مناسبا، وأتمنى أن يؤدي التطور الديمقراطي الى إقرار الضوابط الديمقراطية، وهي ميزة الحكومة الجيدة، مضيفا أن العمل الحكومي لا تتخلله مشاكل في التنسيق بين الوزراء، بل الجميع يعملون بروح التعاون البناء وبشكل طبيعي، انطلاقا من مرجعية خطابات العاهل المغرب الملك محمد السادس، وعبر البرنامج الحكومي».

وبشأن أجندة البرنامج الحكومي، أصر ولعلو على التأكيد أن ما برمج من برامج مهمة تهم محاربة الفقر والبناء العشوائي وشق الطرقات، بما فيها الطرق السيارة ومد السكان بالماء العذب وبالكهرباء، سوف تتحقق قبل نهاية عام 2007، بفضل تسريع وتيرة عمل الحكومة، والتنسيق المحكم لكل أعضائها في مباشرة الاصلاحات سواء المؤسساتية ذات الطبيعة الاقتصادية أو الاجتماعية أو الحقوقية وكذا السياسية.

ووصف ولعلو الظروف القاهرة التي تعوق موازنة المغرب بـ«الايجابية»، لكونها تدفع في اتجاه البحث عن طرق جديدة لتحصين الاقتصاد المغربي من تقلبات الأسواق الدولية وتجنيبه من انهيار ما، مشيرا الى أن التكاليف المالية لمحاربة الفقر والرفع من أجور الموظفين ومحاربة الجراد والجفاف وزلزال الحسيمة، وارتفاع أسعار النفط، تحولت من عوامل ضاغطة، الى وسائل لتنشيط الحياة الاقتصادية. وشدد ولعلو على التأكيد أن المغرب مستقل في مجال تدبير السياسة الاقتصادية عن المؤسسات الدولية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أو التابعة للاتحاد الأوروبي، موضحا أن الحكومة هي التي تحدد الأولويات، وخبراء البنك ينخرطون فيها، ولم تعد هناك أية علاقة شرطية في التعامل بين المغرب وتلك المؤسسات، على حد تعبيره.

واستند ولعلو، في حجته إلى خطة المغادرة الطوعية لـ39 ألف كادر من كوادر الدولة، وقال «اكتشف الخبراء النموذج المغربي للمغادرة الطوعية، ويعملون حاليا على دراسة إمكانية تعميمها في دول أخرى، وهي من صنع مغربي خالص، واجمالي اداء تعويضات المغادرة الطوعية لم يحصل عليها المغرب من المؤسسات المصرفية الأجنبية، ولكن من السوق المغربية التي تتوفر على سيولة مالية وبفائدة مناسبة».

وقارن المسؤول المالي للحكومة المغربية بين معطيات الأداء الاقتصادي للفترة الممتدة بين 1995 و1999 التي سجل فيها معدل نمو في حدود 2 «في حين وصل في الفترة الممتدة ما بين 2000 و2004»، رغم وجود فترة جفاف حادة عام 1999، والارتفاع ناتج عن التدبير السليم لحكومتي اليوسيفي وجطو، إذ بدأ فك الارتباط بين القطاع الفلاحي المرهون بالامطار وباقي القطاعات الانتاجية الأخرى، من ضمنها الصناعة على وجه الخصوص والسياحة والصناعة الغذائية، وذلك حتى لا يكون تأثير الجفاف كبيرا على مداخيل الدولة والاقتصاد».