الألماني شيلنغ أقوى المرشحين لمنصب «الحاكم الدولي» للبوسنة

الرئيس مسلم ورئيس الحكومة صربي ورئيس البرلمان كرواتي اعتبارا من العام المقبل

TT

بات شبه مؤكد أن الألماني كريستيان شوارتز شيلينغ، الوزير السابق في حكومة المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول، هو من سيتولى مسؤولية المبعوث الدولي القادم إلى البوسنة، في مرحلة مصيرية من تاريخ البلاد، التي ستشهد تغييرات كبيرة على مختلف الأصعدة مع حلول الذكرى العاشرة لتوقيع اتفاقية «دايتون» للسلام التي توافق 21 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، من بينها توحيد الشرطة والجيش، وتغيير الدستور، والعمل على انتخاب رئيس واحد للبلاد بدلا من ثلاثة أعضاء في مجلس الرئاسة.

وقال ريتشارد هولبروك، السفير الاميركي السابق في الأمم المتحدة ومهندس اتفاقية «دايتون»، إن التغييرات الجديدة بمثابة «دايتون 2». وأوضح أن «اتفاقية دايتون شابتها بعض الأخطاء»، وان «إدارة الرئيس جورج بوش تريد اعطاء دفعة جديدة للاتفاقية بعد 10 سنوات من توقيعها». واتهم هولبروك الكنيسة الصربية بإخفاء زعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كرادجيتش، وقائد قوات صرب البوسنة سابقا الجنرال راتكو ملاديتش. وقال ان «كراجيتش وملاديتش يحظيان بدعم الكنيسة الصربية وهما في بعض الكنائس على الحدود بين البوسنة وصربيا ويحرسها مجرمون من عصابات اراكان السيئة السمعة». وأكد أن من بين أخطاء اتفاقية دايتون «السماح بإقامة جيش لصرب البوسنة، ومجلس رئاسي، وتسمية رئيس للحكم الذاتي الذي يهيمن عليه الصرب»، مشيرا إلى «ضرورة اصلاح تلك الأخطاء».

وقال شيلنغ الذي يزور البوسنة حاليا إنه «إذا تم تعييني مبعوثا دوليا، سأكون صديقا للبوسنة، ومستشارا لحكومتها أكثر مني حاكما دوليا، وسأزيل كل العقبات التي تحول دون انضمام البوسنة للاتحاد الاوروبي». وقد رحب السياسيون البوسنيون بشيلينغ، وقال الرئيس البوسني سليمان تيهيتش« نرحب بكريستيان شوارتز شيلينغ كمبعوث دولي إلى البوسنة، فقد كان تاريخه السياسي مشرفا، ليس في ألمانيا فحسب، بل في الاتحاد الاوروبي، وهو ملم بمجمل الأوضاع في البوسنة». وكان شيلينغ قد عمل مبعوثا إلى الاتحاد الفيدرالي البوشناقي الكرواتي. كما رحب صافت خليلوفيتش، وزير الشؤون المدنية، رئيس مجلس قيادة «حزب من أجل البوسنة» الذي أسسه رئيس الوزراء البوسني الأسبق، حارث سيلاجيتش، بشيلينغ كمبعوث دولي وقال ان «كريستيان صديق لجميع الأطراف في البوسنة، وتاريخه يؤكد أنه سيكون عونا للبوسنة في المستقبل».

من جهة أخرى أعلن دراغان تشافيتش، رئيس الحكم الذاتي الذي يهيمن عليه الصرب ويشترك فيه البوشناق والكروات، أن عددا من قادة الأحزاب الصربية في البوسنة سيجتمعون اليوم للنظر في الإصلاحات التي تطالب بها بروكسل، ومنها تغيير الدستور البوسني، ليتماشى وقوانين الاتحاد الاوروبي، قبل توقيع البوسنة اتفاقية «الاستقرار والتقارب» مع الاتحاد. وسيحضر الاجتماع عدد من رؤساء الأحزاب والشخصيات المهمة من بينهم، رئيس البرلمان ورئيس حكومة الحكم الذاتي، دوشان ستويوشيتش وبيرو بوكييلوفيتش. الى ذلك ذكر موقع الكتروني كرواتي امس استنادا لمصادر دبلوماسية غربية انه في العام المقبل «سيتم انتخاب رئيس للدولة بوشناقي مسلم، ورئيس للوزراء صربي أرثوذكسي، ورئيس للبرلمان كرواتي كاثوليكي». وأشار الموقع إلى أن «الدستور البوسني الحالي سيتم تغييره وفقا للإصلاحات الجارية» وهو ما أكده الرئيس البوسني سليمان تيهيتش في وقت سابق.

وكان المبعوث الدولي إلى البوسنة، بادي آشداون، قد صرح أول من أمس بأن عام 2006 سيشهد انتخاب رئيس للدولة بدل أعضاء ثلاثة في مجلس الرئاسة، من إحدى الطوائف، ورئيس للوزراء قوي من طائفة ثانية، ورئيس للبرلمان من طائفة ثالثة، ولم يحدد هوية المسؤولين الجدد في المناصب المذكورة.

وأوضح الموقع الالكتروني أن هناك رفضا شديدا من قبل المجتمع الدولي لمطلب الكروات بإقامة كيان ثالث، مستشهدا بتصريحات للسفير الألماني في سراييفو، آرني فرايهير فون كيتليتز، ومساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، نيكولاس بيرنز، الذي أكد أن «الدعوة الى إقامة كيان ثالث في البوسنة تمثل تراجعا للوراء».

وطلب البيت الأبيض من صرب البوسنة بعد موافقتهم على توحيد الشرطة في البوسنة، القيام بخطوة أخرى وهي اعتقال وتسليم رادوفان كرادجيتش زعيم صرب البوسنة أثناء الحرب، المتهم بارتكاب جرائم حرب. كما طالب من بلغراد اعتقال الجنرال راتكو ملاديتش، قائد قوات صرب البوسنة الذي يواجه اتهامات بارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية. واستنتج الموقع الكرواتي من الموقف الاميركي الذي يراه مواليا للبوشناق في البوسنة أن هناك «توازنات دولية تلقي بظلالها على الموقف الاميركي، منها احتلال العراق، والعلاقة مع الدول النفطية، والتي تدفع واشنطن لممارسة سياسات توازنية في مناطق أخرى».