على أبواب العيد بالعراق: السياسيون منشغلون بكياناتهم ومؤتمراتهم.. وعامة الشعب بالأسعار والبضائع

TT

بينما ينشغل سياسيو العراق هذه الايام بمؤتمراتهم وتحالفاتهم الجديدة واجتماعاتهم السرية والعلنية، ينشغل اغلب العراقيين بالتجوال في الاسواق بحثا عن ثياب العيد المناسبة لأطفالهم المحرومين من الفرح منذ فترة طويلة، حيث تشهد اسواق بغداد على سبيل المثال زحاما شديدا من قبل المتبضعين في نفس الوقت الذي تشهد فيه اروقة قصر المؤتمرات ومقرات الاحزاب السياسية حركة دؤوبة للحصول على توافقات جديدة.

وفي جولة لـ«الشرق الاوسط» بين الاسواق والتجمعات السياسية تبين ان اهل العراق يبحثون في زحام الأحداث عن فرصة للفرح، وان السياسيين يبحثون في ذات الوقت عن فرصة للنجاح في الانتخابات القادمة التي جرب مرحلتها الاولى ولم تعط نتاجها المتوقع للمنتظرين من ابناء الشعب. فالمعادلة تبدو صعبة لكلا الطرفين فبين فرصة النجاح وفرصة الفرح تقع مئات العبوات الناسفة والسيارات المفخخة التي لم تكتشف بعد وعشرات المتربصين للنجاح او الفشل.

ويقول سامي كاظم، وهو مدرس في احدى ثانويات العراق، انه جاء للسوق ليشتري بعض الملابس لأطفاله لكنه فوجئ بان ما ادخره لهذا اليوم لا يكفي لشراء كل احتياجات اطفاله. وقال ان الاحزاب السياسية تفكر في التكتلات «ونحن نبحث عن فرصة للحياة بكرامة ونأمل من كل الكيانات الداخلة الى الانتخابات القادمة ان تفكر في الناس اكثر وتوفر من خلال برامجها بشكل يقي الناس الموت المعلن، فقد تحولت مقابر صدام الجماعية الى مقابر علنية وان مستوانا الاقتصادي وإن تحسن فهو لا يكفي لمتطلباتنا اليومية والدليل ان العيد على الابواب وانا لدي اربعة اطفال لا يمكنني ان اوفر لهم ثيابا يفرحون بها على الرغم من انني اتسلم راتبا يعتبره البعض جيدا قياسا بزمن النظام السابق».

من جهته، يقول نصير علي ناصر، وهو موظف جاء مع زوجته ليتبضع بمناسبة العيد، ان الاسعار غالية جدا وهو لا يستطيع ان يشتري كل الاحتياجات. وعندما سألناه عن معنى العيد بالنسبة اليه في ظرف العراق الاستثنائي، قال «ان العيد عيد، وإن احسسنا بالخوف خصوصا في هذه التجمعات الكبيرة التي تشهدها الاسواق العراقية هذه الايام فنحن نخشى ان يستغلها اصحاب النفوس الضعيفة ويحولوا فرح الناس الى حزن من خلال تفجير عبوة ناسفة او سيارة مفخخة ونأمل من الحكومة القادمة ان ترعى الناس اكثر وان تحول تحالفاتها الجدية الى مناهج عمل سريع ومجد وليس كما حصل في الانتخابات الماضية التي لم نقطف ثمارا منها سوى زيادة السيارات المفخخة».

واشار حازم، وهو طالب في جامعة النهرين، الى ان اهله وعدوه بشراء كومبيوتر له في العيد لكن متطلبات البيت كانت اسرع من وعودهم له، وهو لا يستطيع ان يؤمن لنفسه ما يريد من احتياجات ضرورية على الرغم من عمله المسائي في أحد مكاتب الإنترنت لان اجوره اليومية تكفي للمواصلات فقط. ويأمل حازم ان يحمل له العيد بعض الفرح الذي افتقده منذ فترة طويلة، خصوصا بعد ان توفي اعز اصدقائه في انفجار سيارة مفخخة في حي الشرطة، وقال انه يدعو كل الكيانات التي تواصل اجتماعاتها هذه الايام للنظر في عيون الناس وتحديد الأهداف بدقة لكي لا يحاصرهم الفشل مرة اخرى. وقالت نادية جبار، وهي ربة بيت، انها اصطحبت اطفالها الى سوق الكاظمية وكانت في اشد حالات خوفها من استهداف جموع الناس هناك ولكنها تمكنت من التبضع بسلام والعودة الى بيتها محملة بكل ما تريد للعيد.

الزحام في اسواق بغداد على أشده والزحام في أروقة السياسيين على اشده ايضا ويبقى السؤال: فهل ستوفق المعادلة بين الزحامين ويحصل الناس على ما يريدون من السياسيين؟