تسوية اللحظات الأخيرة للقرار الدولي 1636: لا تهديد واضحا لسورية..لكنه يلزمها التعاون مع التحقيق الدولي لتجنب «تدابير إضافية»

TT

في تسوية جاءت في اللحظات الأخيرة قبل تصويت مجلس الأمن على قرار يطالب سورية بالتعاون «الكامل وغير المشروط» مع لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، صوت أعضاء مجلس الأمن أمس بالإجماع لمصلحة قرار مخفف ألغيت منه الفقرة التي تهدد سورية بالعقوبات، في حال عدم تعاونها مع لجنة التحقيق، بعدما اضطرت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الى التخلي عن الاشارة الى المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تهدد بالعقوبات، لضمان تصويت روسيا والصين والجزائر لمصلحة القرار. لكن القرار الذي تبناه المجلس يبقى مدرجاً تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يلزم سورية بتنفيذ ما ينص عليه القرار لتجنب اتخاذ المجلس تدابير اضافية، بما في ذلك فرض العقوبات أو استخدام القوة العسكرية. وفي سعيها الى تحقيق الاجماع من أجل اظهار وحدة الصف بين أعضاء مجلس الأمن في توجيه رسالة قوية لسورية، وافقت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على التخلي عن الفقرة 13 من نص القرار والتي تنص على امكان فرض عقوبات على سورية، بسبب المعارضة الشديدة التي أبدتها روسيا والصين والجزائر، مقابل ادخال فقرة جديدة تمكِّن المجلس من «اتخاذ اجراءات اضافية بموجب ميثاق الأمم المتحدة، اذا احتاجت الضرورة»، بناء على ما سيتضمنه التقرير الذي سيقدمه رئيس لجنة التحقيق، ديتليف ميليس، في موعد أقصاه 15 ديسمبر (كانون الأول) حول التقدم المحرز في التحقيق. كما أدخلت بعض التعديلات الأخرى على نص القرار أبرزها حذف فقرة من الديباجة تطالب سورية «بنبذ أي دعم للعمل الارهابي بجميع أشكاله، وكل مساعدة للجماعات الارهابية وأن تلزم نفسها بصورة قاطعة بالكف عن ذلك، وأن تبرهن على هذا التعهد عن طريق اتخاذ تدابير ملموسة».

ومن بين التعديلات الرئيسية التي اصر عليها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لقائه مع وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي قبل بدء الجلسة، ادخال فقرة تشير الى التصريحات الاخيرة التي ادلى بها الرئيس بشار الاسد عن تشكيل لجنة تحقيق سورية في اغتيال الرئيس الحريري. وعلمت «الشرق الاوسط» من مصادر مطلعة ان لافروف في لقائه مع دوست بلازي، عرض على الفرنسيين ادخال هذه العناصر مقابل تصويت روسيا لمصلحة القرار. ومن أجل التوصل الى الحل الوسط لإرضاء جميع أعضاء مجلس الأمن، حُذفت الاشارة الى «سورية» في فقرة يقرر مجلس الأمن بموجبها «أن ضلوع أية دولة في هذا العمل الارهابي يشكل انتهاكاً خطيراً من جانب تلك الدولة لالتزاماتها بالعمل على منع الارهاب والامتناع عن دعمه». وشدد مجلس الأمن في القرار الذي اعتُمد بالإجماع على أهمية السلام والاستقرار في المنطقة، مع التأكيد على «الحاجة الى الحلول السلمية». وقالت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، في الكلمة التي ألقتها أمام المجلس إن «القرار الذي اعتمده مجلس الأمن اليوم بموجب الفصل السابع، هو الطريقة الوحيدة لإلزام الحكومة السورية بقبول طلبات الأمم المتحدة العادلة» للتعاون مع لجنة التحقيق بصورة كاملة. وحذرت الوزيرة سورية من «العواقب الوخيمة اذا ما فشلت في تنفيذ القرار»، معتبرة أن سورية لم تقدم أية تفسيرات حقيقية بخصوص الاتهامات الجدية التي وجهت اليها واختارت أن تتجاهل تقرير اللجنة كونها ذات دوافع سياسية. وقالت إن سورية «عزلت نفسها عن المجتمع الدولي وينبغي على الحكومة السورية الآن أن تتخذ قراراً استراتيجياً لإحداث تغيير جذري في سلوكها»، مشددة على أهمية أن يبقى مجلس الأمن «متحداً وعازماً» في تعامله مع هذه المسألة. ومن جانبه، اكد وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، على أن القرار يدل على اصرار مجلس الأمن على التوصل الى الحقيقة في ما يتعلق بعملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري. وقال إن روسيا تدعم كافة بنود القرار «لضمان البحث عن الأدلة التي ستكشف عن المسؤولين» عن هذه الجريمة، مشدداً في الوقت نفسه، على حرص بلاده على «تحرير القرار من أية مسألة لا علاقة لها بالاغتيال». واعتبر لافروف أن الدول التي صاغت نص القرار أخذت في الاعتبار «النقاط التي كانت تثير قلق دول مثل روسيا»، مشيراً الى أهمية اضافة الاشارة الى ضرورة اللجوء الى حلول سلمية في المنطقة. وقال لافروف، رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول اهمية الابقاء على الفصل السابع الذي يُلجأ اليه في الحالات التي تُعتبر تهديداً للسلم والإخلال به ووقوع العدوان، بالتقليل من شأن هذه المسألة، مشدداً على ضرورة التركيز على ما جاء في نص القرار من تغييرات تعكس الالتزام بالتدابير السلمية. وقال لافروف: «إن مقتل أي رئيس وزراء هو دائماً تهديد جدي للغاية بالنسبة لاستقرار أي بلد». وأكدت الصين على أنه من «غير الملائم لمجلس الأمن أن يستبق نتيجة عملية التحقيق وأن يهدد بفرض عقوبات على سورية في هذه المرحلة، مشيراً الى أن تقرير ميليس لا يزال تقريراً أولياً ولا يتضمن نتائج نهائية. وقال جاك سترو، وزير الخارجية البريطاني، ان «ما نريده هو التعاون الكامل لسورية مع لجنة التحقيق بما في ذلك اعتقال الأشخاص السوريين الذين ردت أسماؤهم في تقرير لجنة التحقيق». وأكد على أهمية التوصل الى اجماع بين أعضاء المجلس. وقال سترو، في رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، عن مدى تشابه الاجراءات التي يتخذها مجلس الأمن اليوم مع ما حصل بشأن العراق، أن لا أوجه شبه بين المسألتين، مؤكداً أن «سورية تدرك أهمية التعاون مع اللجنة، واذا ما تعاونت فستكون هذه نهاية الموضوع».

ومن جهتها شددت الصين على أن المرحلة لا تزال مبكرة للتهديد بالعقوبات ضد سورية، باعتبار أن «تقرير لجنة التحقيق لا يزال تقريراً أولياً ولا يتضمن نتائج نهائية».

* النقاط الرئيسية في القرار > يجب على سورية ان تعتقل المسؤولين أو الاشخاص السوريين الذين تعتبر اللجنة انه يشتبه بضلوعهم في التخطيط لهذا العمل الارهابي او تمويله او تنظيمه او ارتكابه وان تجعلهم متاحين للجنة بالكامل > يكون للجنة سلطة تقرير مكان وأساليب إجراء المقابلات مع المسؤولين والأشخاص السوريين الذين ترتئي اللجنة ان لهم صلة بالتحقيق.

> يجب على سورية ان تتعاون مع اللجنة بالكامل ومن دون شرط > يصر مجلس الأمن على ان تتوقف سورية عن التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية سواء بصورة مباشرة او غير مباشرة وان تمتنع عن اية محاولة ترمي الى زعزعة استقرار لبنان، وان تتقيد بدقة باحترام سيادة هذا البلد وسلامته الاقليمية ووحدته واستقلاله السياسي.

> يطلب المجلس الى اللجنة ان تقدم الى المجلس تقريرا عن التقدم المحرز في التحقيق، بما في ذلك ما تلقاه اللجنة من تعاون من جانب السلطات السورية بحلول 15 ديسمبر(كانون الاول) 2005 وفي اي موعد قبل ذلك اذا ارتأت اللجنة ان التعاون لا يفي بمتطلبات هذا القرار كي يتمكن المجلس اذا برزت الضرورة من النظر في إجراءات اضافية، ويحيط القرار علما مع بالغ القلق:

> بالاستنتاج الذي توصلت إليه اللجنة بان هناك التقاء في الادلة يشير الى ضلوع مسؤولين لبنانيين وسوريين على السواء في هذا العمل الارهابي > بالاستنتاج الذي توصلت اليه اللجنة بما مفاده ان السلطات السورية بينما تعاونت مع اللجنة من حيث الشكل لا من حيث المضمون، فان عدة مسؤولين سوريين حاولوا تضليل اللجنة عن طريق إعطاء معلومات مغلوطة او غير دقيقة..

> ويحيط القرار علما بالبيان الذي اصدرته سورية أخيرا بشأن التزامها الآن التعاون مع اللجنة.

> ويرى التقرير: «ليس من المقبول من حيث المبدأ ان يفلت احد في اي مكان من تحمل المسؤولية عن عمل ارهابي لأي سبب كان، بما في ذلك نتيجة لقيامه هو بعرقلة التحقيق او عدم تعاونه الصادق معه» > ويشدد على ـ أهمية السلام والاستقرار في المنطقة والحاجة الى حلول سلمية ـ انه يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة

* العقوبات الأميركية سارية على سورية منذ عام 2003 واشنطن ـ أ.ف.ب:تخضع سورية التي قد تفرض عليها الأمم المتحدة عقوبات بعدما اشار تقرير لجنة التحقيق الدولية الى احتمال تورطها في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق، رفيق الحريري، منذ فترة طويلة لعقوبات أميركية.

ومنذ ادراج سورية على اللائحة الاميركية للبلدان التي تدعم الارهاب عام 1979 وحتى القانون الذي فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على سورية في ديسمبر (كانون الاول) 2003، قلصت واشنطن تدريجيا اتصالاتها بدمشق.

في ما يلي أبرز العقوبات المطبقة:

ـ حظر أي مساعدة اقتصادية او عسكرية أميركية لسورية.

ـ حظر أي مشاركة او مساعدة اقتصادية دولية لسورية.

ـ لا يحق للرعايا الأميركيين إقامة علاقات مالية مع سورية.

ـ حظر تصدير منتجات التكنولوجيا المتطورة المخصصة مبدئيا للاستخدام المدني، والتي يمكن استخدامها لغايات عسكرية.

ـ حظر تصدير المنتجات الأميركية الى سورية باستثناء المواد الغذائية والطبية.

ـ لا يحق للمصارف الأميركية إقامة علاقات مع المصرف التجاري السوري.

ـ تجميد أرصدة بعض الأفراد او الشركات السورية في الولايات المتحدة.

ـ إغلاق المجال الجوي الأميركي أمام الطائرات السورية.

ـ استدعاء السفيرة الأميركية في دمشق.

وهناك تدبيران آخران واردان في قانون العقوبات على سورية لم يستخدمهما بعد الرئيس جورج بوش هما, الحد من تنقلات الدبلوماسيين السوريين في الولايات المتحدة, وخفض الاتصالات الدبلوماسية.