الشارع السوري يعيش ساعات طويلة من الترقب المشوب بالقلق

TT

ساد الشارع السوري قبل صدور قرار مجلس الامن امس بشأن التحقيق في مقتل رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، حال من الترقب المشوب بقلق ملحوظ من احتمال نجاح الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في تمرير قرار شديد اللهجة ضد سورية في المجلس مع احتمال ذهاب الدول الثلاث فيما بعد نحو العمل على فرض عقوبات على سورية. في غضون ذلك، كانت سورية قد رفعت من وتيرة تحركاتها السياسية والدبلوماسية والبرلمانية والإعلامية على مختلف الصُّعد باتجاه الدول العربية والصديقة والمؤثرة إقليمياً وعالمياً في محاولة التخفيف ما أمكن من القرار الذي صدر من دون تهديد ضمني بفرض عقوبات اقتصادية على سورية.

وفي موازاة ذلك، أكد رئيس الوزراء السوري، محمد ناجي العطري، اهمية تماسك الجبهة الداخلية السورية الملتفة بقوة وثقة خلف الرئيس بشار الأسد وأهمية العمل الجماعي والمؤسساتي والتحلي بروح الفريق الواحد في مختلف الهيئات والمستويات.

وقدم العطري عرضاً سياسياً أمام جلسة غير عادية عقدها مجلس الوزراء امس حول تطورات الأوضاع في المنطقة، وما تتعرض له سورية من ضغوط واتهامات باطلة، انطلاقا من مواقف سياسية مسبقة لا تستند الى اي قدر من الحقيقة أو الصدقية والموضوعية. ودعا العطري الى ضرورة تكثيف الجهود ورفع وتائر العمل لتنفيذ وإنجاز الخطط والبرامج التنموية وإيلاء الاهتمام بقضايا المواطنين ومعالجة وتلبية احتياجاتهم ودفع مسيرة الاصلاح والتنمية في كل المجالات دعما لمواقف سورية في مواجهة التحديات المختلفة. في هذا السياق، طرح الوزراء السوريون بعض الافكار والمقترحات التي تعزز اللحمة الوطنية وتدعم مواقف سورية الوطنية والقومية، مشيرين الى ما يفرضه ذلك من مهام والتزامات وتوجهات عمل مستقبلية، مؤكدين أهمية دور الإعلام في التصدي للحملات المغرضة وتوعية الجماهير بخفايا وأهداف الحملات المعادية لسورية وكشف الحقيقة بين أوساط الرأي العام الدولي وشعوب العالم كافة.

من جهته، واصل الإعلام الرسمي السوري تصديه لحملة الضغوط التي تواجهها سورية، حيث رأى رئيس تحرير صحيفة «تشرين»، الدكتور خلف الجراد، أن الإدارة الأميركية ستبذل كلّ جهودها وطاقاتها لاستصدار قرار متشدّد وقاس وغير متوازن ضد سوريّة من مجلس الأمن الذي لم يعد منذ تسعينات القرن الماضي معوّلا عليه في حماية الشعوب وإرساء أسس ثابتة للعدل على مستوى العلاقات الدولية، وأن مفهوم السيادة بات بالنسبة الى المنظمة الدولية عائماً وسائباً واستنسابياً. ‏ وفيما لم يتوقع الجراد مفاجآت إيجابية كبيرة في مجلس الأمن في هذا المجال، لكنه أكد أن ذلك لن يثني سورية عن مواصلة إيمانها بدور الأمم المتحدة، واحترامها للشرعية الدولية وحرصها على التعاون مع هذه الهيئة ولجنة التحقيق الدولية. ‏ وفي موازاة ذلك، أكد الأمين القطري المساعد لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سورية، محمد سعيد بخيتان، أهمية تحصين الجبهة الداخلية وتعزيز التلاحم الجماهيري لمواجهة الضغوط والمؤامرات التي تتعرض لها سورية وتستهدف مواقفها الوطنية والقومية والتي تعتبر جزءا من المشروع الاميركي الهادف لإعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة في سياق مشروع الشرق الأوسط الكبير والفوضى البناءة وما يصب في خدمة إسرائيل.

وقدم بخيتان في اجتماع حزبي في مقر القيادة القطرية للحزب، أمس، عرضا سياسيا شاملا للاوضاع الاقليمية والدولية وتداعيات اغتيال الحريري، مشيرا الى ان تقرير رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري، القاضي ديتليف ميليس، كان قد أعد ليس لكشف حقيقة الجريمة والوصول الى الجناة الحقيقيين، بقدر ما هو فى سياق حملة الضغوط ضد سورية، مؤكدا ان ما تمر به المنطقة يأتي في اطار مشروع جديد وسياسة مرسومة مسبقا للمنطقة للنيل من هوية الامة العربية وكرامتها ووجودها، مشيرا الى ان سورية تدعو الى ضرورة تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والى إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة، وموضحا ان سورية تتعاون مع لجنة التحقيق الدولية انطلاقا من رغبتها في كشف الحقيقة لأنها المتضرر الاكبر من جريمة الاغتيال، وان هذا التعاون يجب أن يتم فى إطار احترام القوانين والأنظمة والسيادة والمصلحة السورية.