السلطة تشكو بلوغ إسرائيل «ذروة ممارسة إرهاب الدولة» ضد الفلسطينيين و«الجهاد» تتوعد برد قاس

وحدة إسرائيلية خاصة أطلقت الكلاب لنهش جثمان قائد «سرايا القدس» في جنين

TT

ألقى اغتيال قوات الاحتلال الإسرائيلي لقائد «سرايا القدس» ـ الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، في جنين مزيدا من الزيت على نيران الأوضاع الملتهبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فبعد ساعات من الاغتيال، وصفت السلطة الفلسطينية السلوك الإسرائيلي بأنه «إرهاب دولة ضد الشعب الفلسطيني». وتبع ذلك توعد «الجهاد» برد «قاس» على عملية الاغتيال التي روت مصادر فلسطينية تفاصيلها لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال أطلقت الكلاب لنهش جثة ناشط «الجهاد».

وفي إطار حملة «البدء من البداية» ضد عناصر «سرايا القدس» في إرجاء الضفة الغربية، أقدمت مساء أول من أمس وحدة خاصة من جيش الاحتلال على اغتيال محمد حسن زكارنة، 29 عاماً، قائد «السرايا» في منطقة جنين، ومساعده ارشيد أحمد كميل، 21 عاماً، في بلدة قباطية، جنوب شرق مدينة جنين. وذكرت مصادر فلسطينية أن عناصر وحدة المستعربين التابعة لقيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال والمعرو بـ«الدوفديفان» قد تسللوا بعد صلاة المغرب، أثناء قيام سكان البلدة بتناول طعام الإفطار، الى حي آل زكارنة، وهم يستقلون سيارات تحمل لوحات تسجيل فلسطينية مزيفة، وقاموا بمحاصرة إحدى البنايات في الحي، من دون ان يثيروا اهتمام احد من السكان. وفي تلك الاثناء اقتحمت الآليات العسكرية التابعة لجيش الاحتلال البلدة، وعندها طالب المستعربون بمكبرات الصوت سكان البناية بمغادرتها فرداً فرداً، فقام سكان البناية من نساء وأطفال بمغادرتها. وحسب المصادر فقد شرعت بعد ذلك جرافة عسكرية ضخمة من طراز «دي سي» بتدمير البناية، وإطلاق النار بكثافة على البناية، وهي الطريقة التي يستخدمها جيش الاحتلال في إجبار عناصر حركات المقاومة على الاستسلام، ويطلق عليها «وعاء الضغط». وقام زكارنة المعروف بـ«السحو»، وكميل بالرد على النيران، وقامت مروحية من طراز «أباتشي» الأميركية الصنع، بإطلاق النار من رشاشاتها على البناية. وأفادت المصادر بأنه بعد أكثر من نصف ساعة توقف إطلاق النار من داخل البناية، الأمر الذي دل على أن المقاومين قد قتلا أو أصيبا بجراح بالغة. وكما درجت عليه الأمور في الماضي، فقد وجهت قوات الاحتلال كلابا ضارية ومدربة للبحث عن المطلوبين، وبعد وقت قصير شوهد كلبان وهما ينهشان جثة أحد القتيلين، وجرها حتى بوابة البناية وسط صيحات الفرح الهستيرية التي كان أطلقها جنود الاحتلال. وذكرت مصادر طبية فلسطينية أن سبعة من الفلسطينيين أصيبوا في العملية العسكرية. وأضافت أن أحد المصابين ويدعى محمد هشام محمود عساف، 21 عاما، قد أصيب بعيار ناري في الرأس حيث تم نقله الى أحد مستشفيات نابلس وهو في حالة موت سريري. وقد أصيب خمسة من الجرحى في مظاهرة نظمها الأهالي في القرية أثناء محاصرة المطلوبين في محاولة لفك الحصار عنهم. وقد قامت المساجد بدعوة أهالي القرية لمحاولة فك الحصار عن المقاومين، فقام جنود الاحتلال بإطلاق النار على الجمهور. وحسب شهود عيان فقد شارك مقاومون من عدد من الفصائل في التصدي لقوات الاحتلال، لكن قوات الاحتلال استخدمت مروحيات الأباتشي في إطلاق النار على المتظاهرين بغية دفعهم للتراجع. وقال ناصر خزيمية، أحد قادة «كتائب شهداء الأقصى» ـ الجناح العسكري لحركة «فتح»، إن مقاومين من الكتائب، وجميع الفصائل في البلدة، اشتبكوا مع قوات الاحتلال في محاولة لتخفيف الحصار عن زكارنة وكميل. وأضاف خزيمية أن الاشتباكات المسلحة، امتدت لتشمل جميع أحياء البلدة، بعد أقل من ساعة على بدء الهجوم الإسرائيلي الذي قامت خلاله مروحيتا «أباتشي»، بفتح نيران رشاشاتها الثقيلة على الأحياء السكنية في البلدة، في وقت كان فيه جنود الاحتلال، يطلقون النار بشكل عشوائي وكثيف في كل الاتجاهات، ونقل جثماني القتيلين الى مستشفى جنين، حيث انطلقت مظاهرات الى هناك للتنديد بالمجازر التي ينظمها جيش الاحتلال. ويتهم جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية «الشاباك» زكارنة بالوقوف خلف العملية التفجيرية التي نفذتها «سرايا القدس» في مدينة «الخضيرة» الاسرائيلية قبل أسبوع وأسفرت عن مقتل خمسة إسرائيليين، وإصابة العشرات. ويطلق جهاز «الشاباك» على بلدة قباطية لقب «رحم الانتحاريين» نسبة الى العدد الكبير من منفذي العمليات التفجيرية نسبياً الذين خرجوا من البلدة والذين كان آخرهم أحمد أبو زيد، منفذ عملية الخضيرة. الى ذلك شددت قيادة المنطقة الوسطى على أنها تواصل ملاحقة إياد أبو الرب، الذي تدعي أنه خلف لؤي السعدي كقائد عام لـ«سرايا القدس» في الضفة الغربية. ويذكر أن قوات الاحتلال كانت قد قامت بتصفية السعدي قبل حوالي أسبوعين. وأشارت المصادر العسكرية الإسرائيلية الى أن شعبة الاستخبارات العسكرية المعروفة بـ«أمان» لعبت دوراً أساسيا في تقديم المعلومات الاستخبارية التي قادت الى تحديد مكان وجود زكارنة. ويذكر أن «أمان» تشغل «الوحدة 8200» المسؤولية عن التنصت. من ناحيتها، أدانت، وزارة الداخلية والأمن الوطني الفلسطينية العملية الإسرائيلية. وقالت «إن العدوان والتصعيد العسكري الإسرائيلي ضد شعبنا يمثل ذروة إرهاب الدولة».

وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) مساء أول من أمس إنها «تدين وتستنكر بشدة العدوان الإسرائيلي الإجرامي الذي يِمثل ذروة إرهاب الدولة باستهداف أبناء شعبنا في مسلسل التصعيد العسكري».

ونقلت «وفا» عن البيان أن قوات «الاحتلال والإرهاب» أمطرت منازل المواطنين بالرصاص، كما منعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى.

وشدد بيان الداخلية الفلسطينية على أن «مثل هذه الأعمال الإرهابية والتعسفية بحق المواطنين الفلسطينيين لن تساعد في جلب الأمن والاستقرار للمنطقة، كما أنها تعد خرقًا لجميع المواثيق والأعراف الدولية وحقوق الإنسان وتهدد عملية التهدئة التي يسعى شعبنا وقيادته السياسية للحفاظ عليها بما يحفظ مصالحنا الوطنية ويضمن توفير الأجواء الملائمة لانطلاق العملية السلمية».

بدورها، وزعت «سرايا القدس» بياناً هددت فيه بالرد على عملية اغتيال قائدها بجنين، وشددت على أن الرد على الاغتيال «سيكون قاسياً». وهددت «السرايا» باستئناف قصف التجمعات الاستيطانية اليهودية داخل إسرائيل. وأكد البيان «أنه لن يكون هناك أمن لسكان سديروت ما لم يتمتع به أهلنا ومجاهدونا في طولكرم وجنين ونابلس وباقي قرى ومخيمات وطننا الفلسطيني».

ودعت«الجهاد» في بيانها لجنة المتابعة العليا للقوى الفلسطينية إلى الاضطلاع بدورها في التصدي للحملة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. ويأتي هذا البيان بعد ساعات من إعلان «الجهاد» عن التزامها بوقف إطلاق الصواريخ في حال التزمت بوقف إطلاق الصواريخ والغارات على قطاع غزة.

من ناحية ثانية أكد جيش الاحتلال انه سيواصل حربه ضد حركة الجهاد الإسلامي و«كتائب شهداء الأقصى» ـ الجناح العسكري لحركة «فتح» حتى لو التزم التنظيمان بوقف إطلاق النار ضد إسرائيل. وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، بمواصلة ضرب حركة «الجهاد» حتى القضاء على بنيتها التنظيمية.