الرئيس العراقي يدعو عبر الشرق الاوسط المسؤولين العرب لزيارة كردستان كما فعل عمرو موسى «ليروا شعبا محبا لأمتهم»

جلال طالباني: أرفض استخدام الأراضي العراقية قاعدة لضربة عسكرية ضد سورية

TT

اكد الرئيس العراقي جلال طالباني رفضه استخدام الأراضي العراقية لتوجيه ضربة عسكرية الى سورية، لكنه اشار إلى أنه ليس في امكانه التصدي للقوات الأميركية وفرض رأيه عليها اذا ما ارادت القيام بذلك.

واعتبر الرئيس طالباني في حواره مع «الشرق الأوسط»، ان العراق عانى في عهد صدام ما لا يمكن مقارنته بالمعاناة من وجود قوات اجنبية. > هناك قوى عراقية لا تريد أن ترى دوراً عربياً فاعلاً ومؤثراً في العراق، فكيف يمكن التصدي لها لانجاح المبادرة العربية؟

ـ أعتقد أن كل القوى السياسية الفاعلة في العراق ترى ضرورة وجود دور عربي، وأن يكون هذا الدور في خدمة العراق الجديد لتخليصه من المشاكل والشقاق. ولا أرى أية مصلحة في معارضة وجود دور عربي، بل العكس مصلحتنا في وجود عربي كثيف لمساعدة الشعب العراقي على حل مشاكله وفي تحقيق التقدم والتطور واعادة الاعمار.

> هل كنت متوقعاً أن يزور الأمين العام للجامعة العربية العراق أم كنت متشككاً، خاصة بعد استهداف الوفد الدبلوماسي الذي سبقه تمهيدا لزيارته؟

ـ لم أتشكك اطلاقاً في صدق كلامه، وكنت واثقاً من أنه سينفذ وعوده رغم التهديدات التي وصلته، وما حدث لوفد الجامعة. كنت أتوقع أن يأتي إلى العراق ولقد اتصلت به والتقيته في برازيليا وفي نيويورك وتأكدت أنه سيأتي، لكن لم أكن أتوقع أن يزورني في السليمانية لأن المفترض أن أكون في بغداد، باعتباري رئيساً للجمهورية، لكنه تكرم وتفضل وزار اقليم كردستان والتقى رئيس الاقليم والبرلمان. وقد كنت في بغداد عندما علمت بأنه سيأتي وقالوا لي إنه يريد أن يراني سواء في بغداد أو في السليمانية، ولقد تحايلت عليه وذهبت إلى السليمانية ليأتي ونراه هنا. وعندي رغبة في أن يأتي الأخوة المسؤولون العرب إلى كردستان العراق ليروا بأعينهم شعباً كردياً محباً للأشقاء العرب، يتحالف مع الأمة العربية، ويعتقد أنه من مصلحته أن يحقق أهدافه في كنف هذه الأمة المجيدة، وأن ما ينشر من أخبار في بعض الصحف العربية عن وجود 120 ألف اسرائيلي ليس لها أساس من الصحة. لذلك كنت أتمنى أن يزور الأمين العام كردستان، وقد حقق أمنيتي.

> لماذا تقررت دعوة أمين عام الجامعة العربية في فترة محاكمة صدام؟

ـ لم يكن الامر موقتاً. نحن نرحب به في أي وقت، وقد قلنا له ان العراق بلده. العراق عضو مؤسس في الجامعة العربية، وهو أميننا العام، ونحن، كدولة عضو في الجامعة، تابعون له ويمكنه أن يأتي متى يشاء، ومتى ما جاء نرحب به ترحيباً حاراً.

> جرت مظاهرات في بغداد ضد الحكومة العراقية متهمين إياها بالضعف وعدم وجود رسالة سياسية واضحة لها؟

ـ نحن بلد ديمقراطي. المظاهرات مسموح بها. بامكان الناس أن يتظاهروا ويقولوا مايشاؤون، خاصة أن الشعب العراقي يتمتع بالديمقراطية لأول مرة، وهو تواق لها، ولذلك فهو يعبر عن رأيه في أية فرصة تسنح له.

> ما مصير الميليشيات المسلحة التابعة للأحزاب، خاصة أن البعض يتهمها بأنها تستهدف مدنيين ولها أجندات خاصة؟

ـ عندما يتم تطبيق الدستور ويتحقق الأمن والاستقرار ستختلف الظروف، وحينها، حسب الدستور، لن يكون هناك وجود للميليشيات.

> وماذا عما يقال إنها تستهدف المدنيين؟

ـ قد يكون هذا صحيحاً، لكن الدولة ستسعى لوضع حد لهذه المسائل.

> كثير من العراقيين يقولون إنهم يكرهون صدام حقا، لكنهم يكرهون أكثر وجود قوات أجنبية ما تعليقك؟

ـ هذا رأيهم، لكنني أكره الديكتاتورية الصدامية أكثر من وجود القوات الأجنبية. أعتقد أن ما عانيناه من الديكتاتوريات أسوأ بكثير مما عانيناه من الاستعمار، وقد التقيت ذات مرة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وقلت له: عندما كنت طالبا في جامعة بغداد اشتركت في مظاهرات كثيرة تنادي بسقوط الامبريالية البريطانية، وكنا نهتف: ايها الانجليز عودوا إلى بلادكم، ولكن بعدما عانيناه من الديكتاتوريات اسمح لي ان أقول لك Please Comeback (رجاء عودوا الينا). ما عانيناه في العراق لا يمكن أن يتصوره أحد. العراق في عهد صدام كان عبارة عن معسكرات اعتقال على الأرض ومقابر جماعية تحت الأرض. هذا البلد كان يعاني حرب ابادة حقيقية بشكل يومي، وكان هدف الشعب العراقي التخلص من صدام بأي شكل. أريد أن أسأل: الديكتاتورية دامت اكثر من ثلاثين سنة، لكن كم سنة سيدوم وجود القوات الأجنبية؟ سنة سنتين أربع سنوات؟ هم يتمنون أن ينسحبوا الآن. نحن الآن الذين نجري الانتخابات ونحن الذين نحكم العراق، وبعد سنة أو سنتين سنقول لهم: وداعاً أيها الأصدقاء مع السلامة ، لكن من كان يجرؤ أن يقول لصدام وداعاً؟

> ما صحة ما تردد عن أن صدام يمكنه المشاركة في الانتخابات من داخل معتقله؟

ـ لقد صوت في الانتخابات السابقة ولا أدري ان كان صوت بنعم أم بلا. أليست هذه ديمقراطية؟ أنا أفتخر بهذه الديمقراطية. ثم ألم يره العالم وهو يقول علناً خلال محاكمته أنا رئيس الجمهورية وأنتم لا شيء. سمحنا بأن يأتي إلى المحكمة ويقول ما يشاء، يحيا ويعيش رغم القبور الجماعية وعمليات الإبادة التي ارتكبها بوحشية ضد المدنيين.

> لكن سمعنا أيضاً أن قوات الاحتلال استهدفت مدنيين. أفلا يوصف هذا بالارهاب؟

ـ أنا لم أسمح بذلك، ولم أسمع بأن القوات الأجنبية تستهدف المدنيين.

> ألا تعتقد أن عدم وجود جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية يضعف القيادات السياسية ويحرجها أمام المواطنين؟

ـ هناك جدول زمني وهو 15/10/2007. نحن قلنا عندما يتم بناء قوات الأمن العراقية ونستطيع الوقوف على أقدامنا ويمكننا مجابهة الارهاب والقضاء عليه، سنقول لقوات التحالف مع السلامة، ثم ان قوات التحالف موجودة بقرار من مجلس الأمن وهو الذي حدد المدة، وهو الذي يستطيع أن يغير ويبدل هذه المدة. المسألة ليست شأناً عراقياً أميركياً فهناك الأمم المتحدة. نحن الآن نقرر امورنا، بما فيها تواريخ الانتخابات والتصويت على الدستور.

> البعض يرى أن محاكمة صدام هي محاكمة للسنة في العراق؟

ـ هذا فهم خاطئ للأوضاع. صدام قتل من السنة الكثير، وارتكب الجرائم بحق السنة والشيعة، ثم أننا الأكراد سنة وارتكب بحقنا جرائم مهولة. المحاكمة لا تتم على اساس طائفي. هناك أكراد يحاكمون أيضاً.

> أعني أن السنة يدفعون ثمن جرائم صدام كونه سنياً ويشعرون بالغبن من جراء ذلك؟

ـ هذا ليس صحيحاً فالسنة يشاركون الآن في العملية السياسية، نائب رئيس الجمهورية سني ورئيس المجلس النيابي سني ونحن الأكراد باغلبيتنا الساحقة سنة. > هل صحيح أن سورية ما زالت تشكل تهديداً لكم، وأنها تسهل تسلل الارهابيين إلى بلادكم؟

ـ لن تستطيعي ان تأخذي مني أي كلمة ضد سورية، التي لها أفضال علي. وإذا كان هناك شيء فإنني أحمله في قلبي لحين لقائي بالأخ الرئيس بشار الاسد، لأقوله له مباشرة وليس عبر الاعلام.

> في ظل التهديدات الأميركية لسورية هل ستسمحون باستخدام العراق قاعدة لعمليات عسكرية ضد سورية؟

ـ أرفض على الاطلاق أن تستخدم الأراضي العراقية كمنطلق لتوجيه ضربة عسكرية ضد سورية أو ضد أي بلد عربي آخر. هذا كلام اقوله بصفتي الشخصية، انا جلال طالباني، لكن في النهاية، تظل قدراتي محدودة في التصدي للقوة الأميركية ولا يمكنني أن أفرض عليها أي رأي.

> البعض يعتبر أن الفيدرالية في العراق مرحلية وأنها تمهيد للانفصال خاصة في اقليم كردستان؟

ـ هؤلاء لا يفهمون.. تاريخيا الفيدرالية وحدت بين اقاليم ومقاطعات وقوميات مختلفة. والفيدرالية وحدت أمة واحدة مثل ألمانيا، التي هي دولة فيدرالية، رغم أنها أمة واحدة وثقافتها واحدة. الفيدرالية مع الديمقراطية أثبتت قدرتها على الصمود والبقاء، بينما الدول التي قامت على الضم والاتحاد القسري فشلت وتمزقت. الذين يفهمون الفيدرالية جيداً يعلمون أنها تخدم الوحدة الوطنية العراقية وتعززها. نحن لنا فيدراليتنا وظروفنا الخاصة ولا نقلد أحداً.