البابا شنودة يخرج من عزلته ويزور شيخ الأزهر وقيادات إسلامية لتجاوز «أحداث الإسكندرية»

المعارضة تتظاهر دعما للوحدة و«كفاية» تحمل الحكومة المسؤولية وتطالب بتحقيق مستقل

TT

في تطور جديد على الساحة الدينية والسياسية في مصر خرج البابا شنودة من حالة العزلة التي كان قد فرضها على نفسه عقب «أحداث الفتنة» في كنيسة مار جرجس بالإسكندرية، وقام أمس بزيارة قيادات دينية إسلامية.

وبدت الزيارة في ظاهرها وكأنه يقدم التهنئة للمسلمين بعيد الفطر المبارك، فيما بدت في باطنها وكأنها استعادة للعلاقة القوية مع تلك القيادات الإسلامية بعد حالة الاحتقان التي وصلت إلى أعلى درجاتها بين الأقباط والمسلمين على خلفية تسريب قرص مدمج (CD) يحمل عرضا مسرحيا اعتبره المسلمون مسيئا للإسلام.

وفي زيارته لشيخ الأزهر اتفق البابا شنودة والدكتور طنطاوي على أهمية العمل معا من أجل التصدي لمحاولات الدس والفتنة بين المسلمين والأقباط، والمبادرة فورا بعلاج كل ما يمس الوحدة الوطنية، مؤكدين أن تبادل الزيارات وتعدد اللقاءات في المناسبات الدينية والوطنية أقوى دليل على وحدة الشعب المصري.

من جانبه شدد د. طنطاوي خلال استقباله البابا شنودة، على ضرورة المبادرة فورا بعلاج ما يمس الوحدة الوطنية وعدم إتاحة الفرصة لتداول الشائعات وانتشار الفتنة، مؤكدا أن المصارحة بالحقائق ضرورة يجب الالتزام بها لمواجهة سوء الظن ومحاولات التخريب.

وأكد البابا شنودة أنه جاء الى الأزهر لتقديم التهنئة بمناسبة حلول عيد الفطر.

ثم انتقل البابا شنودة إلى مقر وزارة الأوقاف المصرية أمس حيث التقى ووزير الأوقاف، د.محمود حمدي زقزوق، الذي أكد أن الحديث عن وجود فتنة طائفية بين المسلمين والأقباط في مصر هو من قبيل الشائعات التي يرددها الحاقدون، مشيرا الى أن المسلمين والأقباط نسيج واحد ومواطنون مصريون ولا توجد أي مظاهر للتفرقة بين مسلم أو مسيحي.

وعلى صعيد التحقيقات أمر النائب العام المصري أمس بالإفراج عن 54 متهما في أحداث الفتنة التي اشتعلت في محافظة الإسكندرية في منتصف الشهر الماضي، وكان النائب العام قد أفرج أول من أمس عن 50 متهما آخر، وجدد حبس 17 متهما 15 يوما من إجمالي 134 متهما ألقي القبض عليهم عقب تصاعد الأحداث في محرم بك بالإسكندرية عقب يوم الجمعة قبل الماضي.

وتظاهر بميدان طلعت حرب (وسط القاهرة) مئات المعارضة والنشطاء المصريين والأحزاب والحركات السياسية المشاركة في الجبهة الوطنية للتغيير (كفاية)، في وقفة احتجاجية دعت إليها الحركة للتصدي لما وصفته بالتداعيات الخطيرة المترتبة على أحداث مدينة الإسكندرية وانعكاساتها على الواقع الاجتماعي والسياسي. وشارك في المظاهرة عدد كبير من المثقفين والفنانين.

كما شارك الدكتور نعمان جمعة، رئيس حزب «الوفد»، واضعا بحضوره حدا للشائعات التي ترددت عن اعتذاره على عدم المشاركة.

وتجمع المتظاهرون على أضواء الشموع حاملين لافتات تؤكد الوحدة الوطنية وأنهم شعب واحد، ورددوا شعارات تنتقد الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الأزمة. ومن بين تلك الشعارات «الهلال ويّا الصليب. مسلمين ومسيحيين مصر لكل المصريين»، و«هي الفتنة بتيجي من إيه.. من السجون يا سعادة البيه». كما رددوا شعارات تطالب بدولة مدنية تقوم على مبدأ المواطنة منها «مش عايزين دولة دينية.. عايزين دولة مدنية».

وقرأ جورج اسحق، منسق «كفاية»، بيان الحركة أمام مراسلي الصحف والمحطات التلفزيونية والذي جاء فيه أن «الحركة ترى أن تصاعد الأحداث التي شهدتها مدينة الإسكندرية هي من آثار تغييب دور قطاعات واسعة من الشعب عن ساحة الحوار العام بسبب القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير واستحواذ الأجهزة الأمنية على الحوار مع المؤسسات الدينية (الأزهر والكنيسة) بديلا عن العمل السياسي، مما أدى إلى قيام هذه المؤسسات بلعب أدوار سياسية تتجاوز دورها الطبيعي الخاص بالرعاية الروحية والدينية لأبنائها».

ودعا البيان إلى «تشكيل لجنة قضائية محايدة تحقق في تطور الأحداث منذ عرض المسرحية في كنيسة مار جرجس، انتهاء بأحداث الشغب التي شهدتها منطقة محرم بك بالإسكندرية، وإعلان نتيجة التحقيق بشكل شفاف ونزيه ومعاقبة كل من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب أي خطأ قانوني».

وأضاف البيان «إن هذه الأحداث تعكس بوضوح تزايد حالة الاتفاق الجماهيري الناجم عن تفاقم الأزمة المجتمعية المركبة ـ السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية ـ للسلطة الحاكمة، وانحراف رد الفعل الجماهيري إلى مسارات جانبية ضارة بدلا من المواجهة المباشرة للأسباب الحقيقية لأزمة المواطنين».