القضاء اللبناني يتهيأ لـ«الجولة العاصفة» من التحقيق في اغتيال الحريري .. وميليس يتلقى إشارات سورية غير مرضية حول تسليمه الضباط الستة

TT

بدا أمس ان كلاً من لجنة التحقيق الدولية والقضاء اللبناني يستعدان للمرحلة الاهم في التحقيق في جريمة اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري.

ففي وقت كان رئيس اللجنة الدولية القاضي ديتليف ميليس واعضاء فريقه يضعون اللمسات الاخيرة على آلية استجواب ستة من كبار الضباط السوريين وتصورهم بشأن الاجراءات التي ستلي هذا الاستجواب، كان النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ومساعدوه والمحقق العدلي اللبناني القاضي الياس عيد ، يجمعون اوراقهم ومستنداتهم ويدققون في مستندات جديدة تسلموها من ميليس اول من امس استعداداً لجولة جديدة من التحقيقات، وصفتها مصادر متابعة بـ «الجولة العاصفة» التي ستتطاير شظاياها لتطاول شخصيات سياسية ونيابية سابقة وحزبية كان معظم اللبنانيين يخشون ذكر اسمائها او الاشارة اليها بأي اتهام او شبهة في مرحلة النفوذ السوري في لبنان والتي كانت لعبت دوراً في اذكاء مخاصمة القيادة السورية للحريري.

فعلى صعيد عمل لجنة التحقيق الدولية، رهن القاضي ميليس كل الاجراءات والقرارات التي سيتخذها بنتائج تحقيقاته المنتظرة من الضباط السوريين المرتقب احضارهم الى مقره في «المونتيفردي». وبحسب مصادر لبنانية مواكبة لمسار التحقيق فان ميليس «أعد خطة لاستجواب الضباط السوريين مختلفة كلياً عن تلك التي اعتمدها مع البعض منهم في دمشق في المرحلة الاولى».

وتشير هذه المصادر الى ان المحقق الدولي «لديه الكثير من الادلة والوثائق حول تورط الضباط السوريين الكبار في الجريمة لم يسبق ان ابرزها او واجههم بها خلال التحقيقات التي اجراها في فندق مونتي روزا في دمشق».

ولمحت المصادر عينها الى «ان بعض هذه الوثائق التي استفاد منها ميليس كان حصل عليها من وزير الداخلية السوري غازي كنعان» الذي قيل انه قضى انتحاراً داخل مكتبه في دمشق قبل يومين فقط من صدور تقرير ميليس في 21 الشهر الماضي. وقالت ان المعلومات «تشير الى ان غازي كنعان كان ارسل هذه المستندات والوثائق الى فرنسا قبل نحو اسبوع من وفاته». لكنها لم تذكر الطريقة التي ارسلت بها هذه الوثائق ومضمونها وما اذا كانت ارسلت من دون علم القيادة السورية، الا انها اكدت «انها تتعلق بقضية اغتيال الحريري والاجواء التي سبقت الجريمة وتلتها».

في المقابل، قالت مصادر لبنانية موثوقة ان ميليس بات اكثر استعجالاً لانجاز مهمته بعدما تكونت لديه القناعة والدليل على هوية مرتكبي جريمة اغتيال الحريري ومن وراءهم. واكدت المصادر ان ميليس «تلقى اشارات اولية من سورية تتعلق بطلب تسليمه الضباط الستة. الا ان هذه الاشارات لم تكن مرضية كما يجب، اذ ان سورية لا تمانع في المرحلة الاولى ان يمثل رئيس جهاز الأمن والاستطلاع في القوات العربية السورية التي كانت عاملة في لبنان، العميد رستم غزالي، ومساعده السابق في بيروت، العميد جامع جامع، كونهما كانا يتعاطيان في الشأن الأمني اللبناني في فترة وقوع الجريمة، وهما افضل من يملك المعلومات ويجيب عن الاسئلة. الا انها (سورية) تفضل التريث في نقل الضباط الاربعة الباقين، وهم صهر الرئيس السوري بشار الاسد، اللواء آصف شوكت، واللواء بهجت سليمان والعميدان عبد الكريم عباس وظافر اليوسف، على اعتبار ان مهامهم كانت محصورة في الأمن داخل الاراضي السورية وليست لديهم خلفيات او معلومات عما كان يجري في لبنان. واذا اقتضى الامر يمكن للجنة القضائية السورية المستقلة التي شكلت حديثاً ان تستمع اليهم وتطرح عليهم كل الاسئلة التي يرغب ميليس في طرحها وتزوّده بالنتيجة فوراً».

وذكرت المصادر اللبنانية «ان الاشارات السورية التي وردت بطريقة غير رسمية الى ميليس كانت بمثابة عملية جس نبض اقلقت الاخير لكونها اشبه بالابتزاز. اذ يصر ميليس على مثول الضباط الستة امامه دفعة واحدة لأن مقتضيات التحقيق قد تستوجب اجراء مقابلات في ما بينهم، وربما مقابلة البعض منهم مع موقوفين لبنانيين بينهم الجنرالات الأربعة الموقوفون، خصوصاً ان لدى اللجنة معلومات متقاطعة حول ادوار محتملة لهم».

واضافت المصادر «ان ميليس يشدد على ضرورة تبلغه الجواب الرسمي السوري خلال يومين وبحد اقصى قبل نهاية الاسبوع الحالي، لأن المهلة المتبقية امامه وامام فريقه والتي تنتهي في 15 الشهر المقبل اصبحت ضيقة نسبياً. وفي حال لمس تكلؤاً ما او مماطلة كما حصل معه في المرحلة السابقة فانه لن يتردد بابلاغ الامين العام للامم المتحدة كوفي انان بذلك، وانه (اي ميليس) يعتبر انه اذا جاءت الموافقة السورية متأخرة فإنه قد يفسرها ليس كعدم تعاون فحسب، بل كعرقلة للتحقيق واعاقة لكشف الحقيقة وتقديم المجرمين الى العدالة».

اما على صعيد التحقيق اللبناني فانه يبدو مرتبطاً ارتباطاً كلياً بعمل لجنة التحقيق الدولية على اعتبار ان استجواب كبار الضباط في مركز القرار في سورية يعتبر بمثابة رفع الغطاء عن اي لبناني مشتبه به أياً كان. وهذا ما سيسهل الاجراءات امام المحقق العدلي الياس عيد الذي سيستمع بعد غد الجمعة الى اربعة شهود لم تكشف هوياتهم ولم تؤكد المعلومات اذا كانوا ممن وردت اسماؤهم في تقرير ميليس ام لا.