أنان يحث سورية على تعاون كامل مع ميليس ويشيد بمبادرة الجامعة حول العراق

بعد مباحثات في القاهرة مع أبو الغيط وموسى

TT

رحب كوفي انان الأمين العام للأمم المتحدة بما أبدته سورية من استعداد واضح للتعاون مع ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، مطالباً في الوقت نفسه سورية بإبداء التعاون الكامل حتى تنتهي اللجنة من مهمتها. واستبعد انان الذي يزور مصر حالياً في مؤتمر صحافي مشترك مع أحمد أبوالغيط وزير الخارجية المصري أمس عقب جلسة مباحثات موسعة تكرار السيناريو الذي اتبع مع العراق ضد سورية، في الوقت الذي حث فيه دمشق إلى التعاون الكامل مع قرار مجلس الأمن رقم 1636.

من جانبه أعلن أبوالغيط عن أن المباحثات مع انان عكست رؤية الامين العام بشأن أهمية التعاون من جانب سورية مع مهمة قاضي التحقيق الدولي ديتليف ميليس في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري، ونسب أبوالغيط إلى الامين العام اعتقاده بأنه ستكون هناك محاكمات لمن يثبت تورطهم تجري على الأراضي اللبنانية.

وكان وزير الخارجية المصري قد أعلن في مستهل المؤتمر الصحافي أن المباحثات تناولت الوضع العام بمنطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها المسألة السورية في ضوء قراري مجلس الأمن رقمي 1559 و1636 والوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة وعملية السلام ودور الرباعي الدولي تجاهها، كما تناولت الوضع بالسودان خاصة إقليم دارفور والعراق والقرن الأفريقي بصفة خاصة والتدهور الجاري بين إثيوبيا وإريتريا والصومال ثم قضية إصلاح الأمم المتحدة وسكرتاريتها العامة وتوسعة مجلس الأمين والأفكار المطروحة بشأنها.

ورداً على سؤال للسكرتير العام عما إذا كان تعاون سورية مع قرار مجلس الأمن رقم 1636 كافياً لعدم فرض عقوبات ضدها خاصة في ضوء موافقتها على ذلك والتعاون مع مهمة المحقق الدولي، رحب انان بالتوجه السوري، لافتاً إلى أنه لمسه شخصياً خلال اتصال هاتفي بينه وبين الرئيس بشار الأسد عقب صدور قرار مجلس الأمن 1636، ولفت إلى تعاون سورية، وقال إنه تم بالفعل حيال قرار مجلس الأمن رقم 1559 الخاص بلبنان وبسحب القوات منه (عسكرية وأمنية)، معتبراً أن هذا الأمر أسهم في تسهيل إجراء الانتخابات بها.

ونبه انان إلى ما أسماه بـ«حث» سورية إلى مواصلة تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية، معتبراً أنها تتعاون بالفعل، لكنه دعا لضرورة أن يكون تعاونا كاملا حتى يمكن محاسبة من تثبت إدانتهم.

وعما إذا كان الامين العام قد طلب شيئاً محدداً من مصر تجاه سورية والتعامل مع قرار 1636 قال أبوالغيط إنه تحدث مع انان حول رؤية مصر لهذه التطورات ورؤية الأمم المتحدة، لافتاً إلى أن هناك اتفاقاً على أهمية تعاون الجانب السوري والترحيب بما تم بهذا الشأن خاصة بعد أن أبدى استعداداً للتعامل بإيجابية مع اللجنة.

وكشف أبوالغيط أن انان يرى في نهاية التحقيقات ربما نشهد محاكمة تجري على الأراضي اللبنانية وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي تتحدث عن مساعدة السلطة اللبنانية للاضطلاع بمسؤوليتها تجاه التحقيق والمحاكمة. وحول دور اللجنة الرباعية الدولية وما تناولته المباحثات بهذا الشأن أكد أبوالغيط أن المباحثات تناولت ضرورة عدم حدوث جمود والسعي لتحقيق تسوية شاملة أو على الأقل بدء عملية نشطة لتنفيذ خريطة الطريق، وأوضح أنه ناقش مع السكرتير العام أهمية قيام المنظمة الدولية واللجنة الرباعية بالمزيد من الحركة والنشاط. ورداً على سؤال حول انتقاد مبعوث الرباعية الدولية ويلفنسون لإسرائيل للتباطؤ في تنفيذ التزاماتها بعد الانسحاب من غزة واستبعاد شارون الدخول في مفاوضات مع سورية، قال انان إن المبعوث الدولي كان محقاً في تقريره، مشيراً إلى أن ويلفنسون يهدف من مهمته أن تتحرك الأمور قدماً للأمام بما يمكن من إقامة اقتصاد فلسطيني قادر على الحياة والاستمرار وهو ما يدعو للإسراع بالجهود الرامية لتسوية المسائل المتعلقة بحرية الحركة للفلسطينيين، ووعد انان بأن تستمر الأمم المتحدة في جهودها للدفع في هذا الاتجاه.

أما فيما يتعلق باستبعاد شارون الدخول في مفاوضات مع سورية قال انان إنه يتعين النظر إلى هذا التصريح بدقة أولا، لكنه اعتبر أن الأمم المتحدة بشكل عام معنية بتقدم مسيرة السلام على كافة المسارات، لأن الهدف النهائي هو تحقيق السلام الشامل وسوف تظل المنظمة الدولية تتابع تحقيق التقدم على المسار السوري خاصة أن بعض القضايا ما زالت على مائدة المفاوضات.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول موقف الأمم المتحدة من المبادرة العربية لتحقيق الوفاق بين العراقيين، وصف انان هذه المبادرة بأنها جيدة للغاية، مؤكداً الحاجة إلى مصالحة في العراق، وقال إنه ما لم نساعد الأطراف العراقية على تحقيق هذه المصالحة فلن تستطيع الانتخابات القادمة تحقيق النتائج المرجوة منها وأنه لذلك تشجعت كثيراً بهذه المبادرة التي تدعو الأطراف للالتقاء في القاهرة للحوار لتحقيق هذه المصالحة التي قال إنها تضمن تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والتي تضمن الحفاظ على عراق موحد ذي سيادة.

وكان انان قد عقد اجتماعاً موسعاً مع عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في حضور المندوبين الدائمين للدول العربية بمقر الجامعة في القاهرة.

من ناحية اخرى قالت مصادر في مكتب الأمم المتحدة بالقاهرة، ان موسى قد عقد لقاءين مع كوفي أنان في هذا الاطار، أحدهما رسمي جرى بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية أمس، والآخر غير رسمي تم بأحد الفنادق الكبرى مساء الاثنين، حيث اقتصرت المباحثات غير الرسمية على الملفين العراقي والسوري. ولم تفصح المصادر عن تفاصيل، وإن قالت ان الملف الفلسطيني لم يكن مهملا في المباحثات.

وفي رده على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، حول وجود صفقة بين الجامعة العربية والأمم المتحدة في الملفين العراقي والسوري، قال هشام يوسف، مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية: «أنا لا أتحدث عن وجود صفقة بين المنظمتين، بل ينبغي أن يكون الحديث عن كيفية التعاون في تحقيق الهدف المأمول سواء الاستقرار في العراق أو سورية»، مضيفا أن قرارات الأمم المتحدة يجب أن تحترم، ولا يمكن للجامعة أن تتجاهلها على الاطلاق، مشيرا في الوقت نفسه إلى الجهود التي تبذلها الجامعة لدعم سورية بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن.

وقال يوسف ان موسى سيتوجه إلى دمشق لإبلاغ الجانب السوري بالرسالة التي أبلغها له أنان.

من جانبه، قال أنان، عقب اللقاء الرسمي مع عمرو موسى، أمس، انه ليست لديه أي مشكلة في مشاركة محققين عرب في التحقيقات التي ستجريها لجنة ميليس مع مسؤولين سوريين.

وحول استثناء اسرائيل من تطبيق العقوبات المفروضة عليها، قال انان انه لا يسأل عن هذا الأمر، بل تسأل الدول الأعضاء عن سبب تفريقها بين دولة وأخرى.