جلسة محاسبة السعودية تتحول إلى مناقشة موقف الرياض من إسرائيل.. والخارجية الأميركية سحبت مندوبها

الخزانة تؤكد محاربة الرياض الإرهاب وكوردسمان يعتبر إخوان مصر أهم مصدر للغضب العربي على أميركا

TT

في اشارة الى عدم موافقتها على جلسة استماع عقدت في الكونغرس امس بدفع من المحافظين الجدد المتشددين سحبت الخارجية الاميركية مندوبها قبل 24 ساعة من انعقاد الجلسة التي تسعى الى احياء مشروع القانون المسمى «محاسبة السعودية» بدعوى عدم تعاونها في مكافحة الارهاب. كما لم توفد السعودية أي ممثل لها لحضور الجلسة ورفضت طلب اللجنة في هذا الصدد، حسب ما صرح سيناتور اميركي.

وقال السيناتور ارلن سبيكتر، الذي يقف وراء المحاولة الجديدة بعد ان فشلت محاولة سابقة قبل 3 سنوات، إنه يتعهد باستمرار السعي من اجل تمرير قانون يفرض عقوبات على السعودية من خلال قانون «محاسبة السعودية» لعدم تعاونها في الحرب على الارهاب.

واضاف سبيكتر، الذي يرأس اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، ان القانون الذي اعده يطالب بتعاون اكبر من السعودية وإغلاق كل مكاتب الاعلام السعودية، وايقاف ما اسماه «البروباجاندا السعودية» وتوزيع الكتب السعودية والشرائط الدينية واعمال المنظمات غير الحكومية السعودية. واعلن انه سيستمر في متابعة هذا القانون قائلا إن قانون محاسبة سورية الذي مرر ضد دمشق العام الماضي ويفرض عليها عقوبات تصاعدية نجح في الضغط على دمشق وولد نتائج في صالح الولايات المتحدة.

وقال سبيكتر:«ان قانون محاسبة سورية اصبح قانونا وبه كثير من الملامح التي تشبه قانون محاسبة السعودية. ان قانون محاسبة سورية حصل على تأييد رجال الكونغرس ببطء في بادئ الامر لكنه اصبح تشريعا مهما جدا في نهاية المطاف».

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد سحبت مندوبها الى الجلسة قبل انعقادها باقل من 24 ساعة فيما فسر على انه اشارة من الادارة الأميركية على عدم موافقتها على قانون «محاسبة السعودية» أو على انتقاد الرياض في الكونغرس الأميركي. واشار سبيكتر الى انه وجه الدعوة للحكومة السعودية لارسال مندوب للوقوف امام لجنته، غير ان الحكومة السعودية رفضت هذا الطلب.

وقال السيناتور سبيكتر، معلقا على موقف وزارة الخارجية الأميركية،: «كنا نتوقع ان يكون هناك شاهد من وزارة الخارجية.. لكننا اخبرنا بعد ظهر امس ان وزارة الخارجية لن ترسل مندوبا للجلسة. فوزيرة الخارجية الأميركية (كوندوليزا رايس) سوف تزور السعودية قريبا وهناك اشارات الى ان الخارجية تعتقد من وجهة نظرها ان من الافضل تقديم شهادتها امام مجلس الشيوخ».

وطالب اعضاء آخرون من الكونغرس الأميركي اثناء الجلسة من ادارة الرئيس جورج بوش الضغط على السعودية لايقاف ما اسموه بآيديولوجية سعودية تحرض على كراهية أميركا واسرائيل، وايقاف التحريض على اسرائيل في كتب المدارس السعودية.

وشهدت الجلسة نداءات من السيناتورات سبيكتر، وتشك شومر وليهي المعروف عنهم تأييدهم لاسرائيل يطالبون فيها وزارة الخارجية الاميركية ووزارة الخزانة الأميركية تحديدا «بالتحدث بصوت عال مع السعودية» بخصوص ما وصفوه دعمها للقضايا الاسلامية وتمويل الجمعيات الخيرية الاسلامية.

وقال السيناتورالجمهوري سبيكتر عن ولاية بنسلفانيا، وهو الذي يرأس اللجنة القضائية التي عقدت جلسة الاستماع :«نعتقد انه يتعين على وزارة الخارجية ووزارة الخزانة فعل المزيد مع السعودية».

كما قام السيناتور سبيكتر بعرض مقتطفات شريط فيديو من مؤسسة اسرائيلية أميركية اسمها «ميدل ايست ريسرش انستيتوت» او مؤسسة معهد ابحاث اعلام الشرق الاوسط (ميمري) الموالية والتي يترأسها ضابط الاستخبارات العسكرية الاسرائيلي السابق ايجيل كارمون عرضت فيها مقتطفات مصورة للشيخ عائض القرني والشيخ موسى القرني يدعوان فيه باللغة العربية لتثبيت المقاومة العراقية والفلسطينية ومجاهدة الغزاة. واعتبر سبيكتر ان هذا دليل على تشجيع التلفزيون السعودي للارهاب.

وقد اكد المسؤول الحكومي الأميركي الوحيد الذي حضر الجلسة وهو دانيل جريسلي نائب مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الارهاب ان السعودية تقدم ما تستطيع ان تفعله لمواجهة الارهاب وقال:«اليوم نجد السعودية تحارب خطر الارهاب بنشاط. ان هذا نجاح اساسي».

غير ان الجلسة التي كان من المفترض ان تبحث العلاقات الأميركية ـ السعودية بالدرجة الاولى انتقلت سريعا الى موقف السعودية من اسرائيل ومن السامية والرد الفعل الرسمي السعودي على تعليقات الرئيس الايراني احمدي نجاد يهدد فيها بمحو اسرائيل من الخريطة. واثناء الجلسة استشهد ارلن سبيكتر، الذي ادار سماع الاصوات، بكتابات دانيل بايبس المتشدد الصهيوني والكاتب في جريدة «جيروزاليم بوست» الاسرائيلية، والاب الروحي للكاتب الأميركي ستيف ايمرسون، احد الشهود في الجلسة، وهو يقول ان السعودية تعمل على نشر الاسلام المتشدد خارج حدودها بما في ذلك في الولايات المتحدة.

غير ان الباحث الأميركي انتوني كوردسمان من «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» الذي مقره واشنطن العاصمة رد على معظم الاتهامات ضد السعودية بقوله ان تمرير قانون ضد السعودية سيكون مضرا اكثر منه مفيدا، وان اهداف الولايات المتحدة لن تتحقق بمعاداة السعودية.

وقال كوردسمان ان السعودية ليست هي سبب الغضب العربي والاسلامي ضد أميركا وانما سياسات الولايات المتحدة في العالمين العربي والاسلامي، وحدد ذلك بقوله ان تلك السياسات هي تحالف أميركا مع اسرائيل والوجود الأميركي في العراق، وقال انه لا يختلف شخصيا مع السياسات الأميركية ولكنه يحلل القضية بشكل موضوعي. واشار كوردسمان الى جماعة الاخوان المسلمين في مصر كأحد اهم مصادر الغضب ضد أميركا في العالم العربي.

وقال كوردسمان انه كيهودي ربما تعرض لانتقادات اثناء زيارته الى المملكة عبر 30 عاما، غير انه اكد ان اقلية فقط في المملكة هي التي تتبنى هذه النظريات، واكد على ان من الخطأ تعميم الخطاب المتشدد وكأنه السياسة الرسمية للرياض.

وفي اشارة الى خطأ اللجنة في الاستماع الى مؤسسات واشخاص ذوي اجندة معادية للعرب، مثل مؤسسة ميمر وستيف ايمرسون ونينا شيا، قال كوردسمان « إذا كنت تبحث عن السيئ فقط فانك لن تجد الا السيئ فقط. هناك الكثير من الخطاب اليهودي والمسيحي المعادي للعرب والمسلمين ايضا، ومن الخطأ سحب ذلك على كل المنتمين لهذه الديانات».

اما ستيفن اميرسون الكاتب الأميركي المتابع لشؤون الارهاب والمحسوب على تيار المحافظين الجدد، والموالي لجماعات الضغط الاسرائيلية، فقد قال في شهادته ان السعودية لم تحارب الارهاب، بحسب زعمه، واستشهد بتقرير اسرائيلي يقول ان السلطات الاسرائيلية القت القبض في عام 2004 على شخص يحمل اموالا نقدية موجهة من السعودية الى حركة «حماس» الفلسطينية.

اما الباحثة الاصولية نينا شيا، الناشطة في مجهودات احياء المد المسيحي داخل الولايات المتحدة، فقد قالت ان للرياض نشاطا داخل المساجد الأميركية يهدف الى الترويج للاسلام. وزعمت ان الكتب السعودية مليئة بمعادة السامية وكراهية اليهود. وقالت ان هناك كتبا سعودية تقول ان من يساعد غير المؤمنين ضد المؤمنين يكون نفسه غير مؤمن. وان هناك كتبا سعودية تقول إنه واجب على كل مسلم ان يكره اليهود والنصارى.

ونصحت شيا اللجنة بالضغط على وزارة الخارجية الأميركية للضغط على الرياض لإيقاف نشر الاسلام خارج اراضيها، وايقاف عملية ترجمة الكتب الاسلامية او توزيع الشرائط الدينية خارج السعودية.