بوتفليقة: ما كنا لنطرد فرنسا لو عملت بمبادئ ثورتها

TT

قال الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، ان المصالحة التي ينشد تحقيقها بين الجزائريين «لن تتحقق في يوم وليلة، أو بين عشية وضحاها. إنها التزام ديني وثقافي وحضاري». وتعاطى مجددا مع الظرف الخاص الذي يميز العلاقة مع فرنسا مع اقتراب موعد التوقيع على «معاهدة الصداقة»، بقوله إن الجزائريين ما كانوا ليطردوا فرنسا من بلدهم لو التزمت بمبادئ ثورتها. وكان بوتفليقة يرد امس ضمنا على انتقادات الأوساط السياسية والإسلاميين خصوصا، حول «تأخر صدور قوانين ومراسيم المصالحة»، وذهبت التكهنات إلى الحديث عن عراقيل وضعها نافذون في مصادر القرار في طريق الرئيس تحول دون تنفيذ مشروع المصالحة، بالشكل الذي أعلن عنه في البداية.

وألقى بوتفليقة خطابا تناول مشروع المصالحة، وذلك لأول مرة منذ استفتاء السلم الذي نظم في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي. وفي اللقاء الذي نظم في العاصمة حول دور الطلبة الجزائريين في ثورة التحرير (1954 ـ 1962)، حث الرئيس بوتفليقة الجزائريين على التحلي بالمصالحة «في السلوك والمواقف وكما دعوتكم قبل وأثناء حملة الاستفتاء (استفتاء السلم والمصالحة)، أدعوكم اليوم أكثر فأكثر إلى التفاهم حتى يصبح مشروع مجتمع متجدد». وشرح بوتفليقة مفهومه للمصالحة الحقيقية بقوله: «نريد أن نحدث القطيعة مع الماضي المغشوش فنحن بحاجة إلى تنقية مرجعية ديننا الحنيف من الانحرافات». وتابع: «أقول وأكرر ما أؤمن وأعتقد صادقا، هو أنه لا مستقبل للجزائر ولا حل لمشاكلها ولا أمل في تقدمها وتطورها إلا بالسلم والمصالحة». وأشاد مطولا بـ «فضائل» المصالحة و«إيجابيات» ميثاق السلم بقوله، ان نتائج الاستفتاء (97% من الناخبين أيدوا المشروع) «فتح مبين للسلام في البلاد». وتابع مروجاً لمشروعه: «لقد استطاع ابن القتيل معانقة ابن القاتل بفضل الميثاق الذي يعتبر مبادرة حضارية جريئة وأداة ووسيلة إجرائية لتحقيق المصالحة». وأشار بوتفليقة إلى أن المصالحة التي يريدها للجزائريين هي تلك التي تبرز في السلوك والمواقف وليس في النصوص، بمعنى أن القوانين التي ستنفذ بموجبها إجراءات التصالح لن تكون ذات قيمة، إذا بقيت الأحقاد قائمة.

وتناول الرئيس الجزائري العلاقة مع فرنسا على خلفية طلبه الملح بأن تقدم الاعتذار للجزائريين عما اقترفته من جرائم إبان الفترة الاستعمارية. وقال: «قد نسأل أحيانا ماذا فعلت لكم فرنسا حتى تخرجوها، ونحن نقول لو أن فرنسا عملت بمبادئ الثورة الفرنسية ما كنا لنخرجها من الجزائر». ويحتدم جدل كبير في الجزائر حول مدى استعداد البلدين لتنفيذ مشروع مشترك يجري التحضير له منذ زيارة الرئيس جاك شيراك إلى الجزائر في مارس (آذار) 2003، هو «معاهدة الصداقة» بين البلدين، والتي يفترض أن يتم التوقيع عليها قبل نهاية العام الجاري. لكن تشدد الجزائيين نحو مطالبة فرنسا بالاعتذار عن فترة الاستعمار، والحساسية التي يتعاطى بها الفرنسيون مع الموضوع، ينبئان بإرجاء تجسيد المسعى إلى موعد لاحق.