زعيم حماس لـ"الشرق الأوسط" : التفاوض ليس في نيتنا ولكن نستطيع أن نؤيد برنامجا تفاوضيا

الزهار: لا نريد تكرار تجربة السلطة الفاشلة في المفاوضات لأن الاسرائيليين لا ينوون الاستجابة للمطالب الفلسطينية

TT

نفى محمود الزهار، زعيم حركة حماس في الاراضي الفلسطينية، ان يكون قد ابدى استعدادا للتفاوض مع اسرائيل.

وقال الزهار في تصريحات لـ«الشرق الاوسط» ان ما قلته باللغة الانجليزية للإذاعة الاسرائيلية هو «ان التفاوض ليس في نيتنا. والتفاوض بالنسبة لنا هو وسيلة. واذا كانت الوسيلة هي لتحرير ارضنا او اسرانا من السجون الاسرائيلية واذا كانت الوسيلة هي لاعادة بناء ما دمره الاحتلال الاسرائيلي على مدى سنوات طويلة، عندئذ نستطيع ان نؤيد البرنامج التفاوضي»، موضحا انه ليس لدى حماس برنامج تفاوضي. وتابع متسائلا «ونحن سنتفاوض بأي صفة، فنحن لسنا سلطة».

واستطرد قائلا «وحسب تجربة السلطة الفلسطينية (الفاشلة) التي اتخذت التفاوض خيارا استراتيجيا، على مدى السنوات الـ 12 الماضية، فاننا لا نريد ان نكرر التجربة». واضاف ان الاسرائيليين لا ينوون الاستجابة «الى مطالب الشعب الفلسطيني، والدليل على ذلك إلغاء اللقائين الاخيرين بين (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون وابو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس)».

وجاء رده هذا في سياق تفسيره لما قاله للاذاعة الاسرائيلية ردا على سؤال حول ما اذا يمكن ان تبدأ المفاوضات بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية المقررة في 25 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وكان قد نقل عنه القول «ان ذلك يعتمد على الجانب الاخر، لكن الاسرائيليين لا ينوون التفاوض». ونقل عنه القول ايضا «لننتظر لنرى. بعد الانتخابات كل شيء سيكون واضحا». وقال زعيم حركة حماس «ان الحديث عن التفاوض جاء في سياق تقييمي لتجربة المفاوضات عندما سئلت ان كانت حماس على استعداد للتفاوض». واضاف «لقد حذرت الصحافي من ان ينقل على لساني اننا مستعدون للتفاوض». ونقلت عنه الاذاعة الاسرائيلية القول ايضا انه «لا يستبعد امكانية التفاوض مع اسرائيل ان كان ذلك في خدمة المصالح الفلسطينية مثل اطلاق سراح الاسرى وتحرير مزيد من الارض واعادة بناء ما هدم الى آخره».

يذكر ان الحكومة الاسرائيلية رغم المعارضة الاسرائيلية والاوروبية، هددت بعرقلة سير الانتخابات او على الأقل عدم تسهيلها ووضع العراقيل في طريقها اذا ما شاركت حماس فيها. بل ان بعض مساعدي رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون حذر مرشحي حماس من الظهور في حملات انتخابية، لأن ذلك قد يعرضهم لعمليات الاغتيال الاسرائيلي. وكانت التصريحات التي نقلت على لسان الزهار قد أثارت، ردود فعل متباينة في اسرائيل. فبينما رحب بها وزير المواصلات، مئير شطريت، رفضها وزير الخارجية، سلفان شالوم، واعتبرها تغييرات تكتيكية دافعها الأساسي الضغط الدولي الذي تتعرض له «التنظيمات الارهابية».

ونقلت الاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية عن الزهار قوله، انه في حالة فوز حركته في الانتخابات البرلمانية، وانضمت الى الحكومة فانها ستحترم الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومات السابقة وستدرس بشكل ايجابي المشاركة في المسيرة السلمية مع اسرائيل لإكمال المفاوضات، شرط أن تتعامل اسرائيل بشكل جاد في هذه المفاوضات.

ورد الوزير شطريت على هذا التصريح، أمس، بالترحيب، وقال انه يأمل أن يكون موقف الزهار جادا وصادقا. وأضاف ان الأمر يحتاج الى مزيد من التدقيق في اسرائيل والى مزيد من البراهين من طرف «حماس». وقال: «السلام يتم عادة مع الأعداء، ولذلك لا توجد عندي مشكلة لقبول حماس، لكن على هذه الحركة أن تعلن أولا تخليها التام عن العمل المسلح وتتراجع عن مواقفها المبدئية الرافضة الاعتراف باسرائيل وتعلن انها تعترف بها ومستعدة للتعايش معها في ظروف سلام».

أما وزير الخارجية شالوم فقال انه كان سيرحب بهذه التصريحات لو انه يقتنع بصدقيتها ويرى كيف تترجم الى لغة الفعل في الممارسة اليومية. واضاف «لكن الواقع هو ان الزهار أدلى بتصريحاته لأغراض تكتيكية مكشوفة تتعلق بالانتخابات التشريعية الفلسطينية. فهو يقول ان التغيير المزعوم في الموقف سيتم بعد الانتخابات، مما يؤكد انه أطلق التصريح أصلا لأغراض انتخابية محضة. فهو يلاحظ ان هناك ضغطا دوليا على تنظيمات الارهاب في كل مكان في العالم ويعرف ان دور حماس سيأتي قريبا. ويدرك ان المواطنين الفلسطينيين ملوا العمل المسلح الذي لا يجلب لهم أية مكاسب. ولهذا فإن حماس تحاول استدراك الموقف وتتجه نحو التغيير التكتيكي، عندما تتمكن، ستعود لسياستها الارهابية». ورفض عاموس جلعاد رئيس المفاوضات في وزارة الدفاع، تصريحات الزهار بقوله «ليس فيها ما يدل على توجه حماس الجديد، بل مناورة لتسهيل مشاركة الحركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير (كانون الثاني) المقبل. واضاف جلعاد «ليس هناك تنازل وليس هناك اساس للاعتراف باسرائيل كدولة لها الحق في الوجود. الايديولوجية لم تتغير ولم تتغير اهدافهم الاستراتيجية. والمتغير الوحيد الان هو انهم يريدون المشاركة في الانتخابات، وهم مهتمون بإزالة أية عراقيل امامهم».

وفي اليمين المتطرف، قال النائب أفيغدور ليبرمن، رئيس حزب الاتحاد القومي، إنه لا يرى فارقا بين الزهار وبين ابو مازن، ولذلك لا يعير أهمية لهذه التصريحات. وحذر الحكومة من أن تواصل في سياسة «الهبل» التي تجعلهم يصدقون ما يقوله الفلسطينيون. وقال: «للعرب، كل العرب، توجد استراتيجية واحدة هي ابادة اسرائيل. وكل ما يقال غير ذلك هو مسخرة». وفي اليسار حذروا الحكومة من الوقوع في اغراءات محمود الزهار، وقال عامي ايلون، الرئيس السابق لحركة «الاحصاء القومي» (صاحب اتفاقية السلام المشتركة مع سري نسيبة) وهو الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة، «ان الشريك الفلسطيني الوحيد في عملية السلام هو الرئيس المنتخب، ابو مازن، فهو صادق في دعوته للسلام وبمواقفه يعبر عن موقف غالبية الجمهور الفلسطيني. وكل محاولة لاغراء اسرائيل بالتوجه الى قوى أخرى انما هي محاولة للمساس بالرئيس الفلسطيني وبعملية السلام».