فوز بيرتس بزعامة حزب العمل يشكل انقلابا سيقود حتما إلى انتخابات مبكرة

سينهي بالتأكيد عهد حكومة شارون ـ بيريس

TT

اثر الهزيمة النكراء التي مني بها رئيس حزب العمل الاسرائيلي، شيمعون بيريس، في الانتخابات الداخلية وفوز عمير بيرتس عليه، بات في حكم شبه المؤكد انتهاء عهد حكومة (ارييل) شارون ـ بيريس الحالية وتبكير موعد الانتخابات العامة في اسرائيل. وفي حين طلب الفائز، بيرتس، اجراءها في مارس (آذار) المقبل، يحاول حزب الليكود تحديد موعدها في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران)، علما بأن موعدها الأصلي هو في نوفمبر (تشرين الثاني) 2007.

وأعلن بيرتس، اثر ظهور النتائج، ان الانقلاب في قيادة حزب العمل الذي تحقق في هذه الانتخابات هو بداية للانقلاب الأكبر الذي سيتحقق في الانتخابات العامة المقبلة في اسرائيل، حيث انه سيقود حزبه الى انتصار على الليكود. وعندها، قال: سنعيد اسرائيل الى الأيام التي كانت فيها دولة سلام في زمن رئيس الوزراء الأسبق، اسحق رابين. وأكد انه واثق تماما من امكانية تحقيق السلام مع العرب عموما ومع الفلسطينيين بوجه خاص، لأن في ذلك مصلحة عليا للطرفين. وحرص على ابراز أصله المغربي، حيث ولد في بلدة بووجدة لوالدين مغربيين، وقال يجب ان يعود العهد الذي عاش فيه اليهود والعرب في جيرة حسنة وتآخ حقيقي، بعيدا عن العنف والعداء والكراهية.

ولكي يؤكد جدية توجهه هذا، اختار عمير بيرتس أن تكون أول زيارة له خارج مكتبه كرئيس جديد للحزب، ظهر أمس، الى ضريح اسحق رابين. وقد أعلن هناك ان اغتيال رابين قبل عشر سنوات تم بأيدي ارهابي يهودي قصد في حينه ان يغتال فكر السلام الذي كان رابين يمثله، وقال: اليوم بدأنا عهدا جديدا للعودة الى عهد رابين الميمون، من أجل تحقيق سلام دائم وبناء شرق أوسط جديد يسود فيه السلام الحقيقي.

وفي الوقت نفسه من أجل بناء وطن مختلف مبني على الصدق والاستقامة ونظافة اليد وطهارة الحكم. وربط بيرتس بين السلام وبين الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في اسرائيل وقال: «على الجمهور الاسرائيلي ان يدرك ان السبب الأساسي لضائقته الاقتصادية والاجتماعية يكمن في انعدام السلام وسيادة العداء والتوتر»، مؤكدا «ان السلام هو الذي يعيد اسرائيل الى الازدهار الاقتصادي، فالشعب لدينا ولدى جيراننا تعب من الحرب وينشد السلام، وأنا سأفتح باب الأمل لكل أولئك الذين يعيشون المعاناة واليأس». وكان عمير بيرتس قد تغلب على شيمعون بيريس بشكل مفاجئ ومخالف لكل التوقعات، إذ ان جميع استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الشهور الأخيرة منحت الفوز لرئيس الحزب والقائد الاسرائيلي التاريخي، شيمعون بيريس، بل حتى الاستطلاع النموذجي الذي أجراه التلفزيون الاسرائيلي الرسمي والاذاعة الرسمية، وأعلن ساعة اغلاق الصناديق مساء اول من امس، اشار الى ان بيريس سيفوز بنسبة 52% مقابل 38% لصالح عمير بيرتس، إلا ان النتائج جاءت معاكسة تماما، حيث حصل بيرتس على 42% من الأصوات مقابل 40% لبيريس، في ما حصل رئيس الحزب الأسبق، بنيامين بن اليعزر على 16% من الأصوات.

وقد تسببت هذه النتائج في صدمة كبرى لبيريس ومؤيديه ورفض الاعتراف بها وطلب تقديم اعتراض عليها وامتنع حتى ساعات المساء عن الاتصال مع بيرتس لتهنئته، مع ان كل زعماء حزب العمل حتى زعماء الليكود اتصلوا به وهنأوه. وعلق بيريس على هزيمته بالقول: «هناك أمور غريبة تحدث وليس عندي لها تفسير، ولكن هذا حدث بالأمس، وبالنسبة لي فانني أتابع طريقي، فأنا أؤمن بأن ظلام الليل يمحوه النهار، ونحن الآن في يوم جديد».

وبدا واضحا ان فوز بيرتس زعزع الحلبة السياسية الحزبية في اسرائيل وأثار جوا من التوتر والقلق في صفوف حزب الليكود الحاكم، فهو مندفع بحماس للتعبير عن خطاب جديد في السياسة الاسرائيلية، ويريد ان يستغل الحماس الذي أثاره انتخابه لقيادة الحزب كي يتحول الى حماس جماهيري عارم، خصوصا في صفوف أبناء وبنات الطوائف الشرقية اليهودية الذين كانوا يمنحون أصواتهم لأحزاب اليمين باستمرار، وهو يخطط لاستقطابهم، وراح قادة حزبي الليكود وشنوي، المنافسين الأساسيين لحزب العمل، يهاجمون بيرتس ويثيرون مخاوف الناس من ان سياسته الاشتراكية ستدمر الاقتصاد وقلة تجربته في الحكم ستدمر الديمقراطية وقلة خبرته العسكرية ستهدد أمن اسرائيل. وقد دل هذا الهجوم على نوعية الحرب التي سيخوضها ضده منافسوه، الذين من غير المستبعد أن ينضم اليهم عدد من أقطاب حزب العمل نفسه، خصوصا أولئك الذين لا يطيقون رؤية يهودي شرقي في قيادة اسرائيل بشكل عام وحزب العمل بشكل خاص.