وزير خارجية البحرين: انتهى زمن الاجتماعات المغلقة.. وإسرائيل لم تطلب المشاركة في منتدى المستقبل

الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة لـ«الشرق الأوسط»: اختيار البحرين ليس مكافأة ولكن لتوفر معايير الاستضافة

TT

تستضيف العاصمة البحرينية المنامة، اليوم الجمعة، وعلى مدار يومين منتدى المستقبل الثاني الذي تشارك فيه 36 دولة، بينها 22 دولة من الشرق الاوسط الموسع وشمال أفريقيا، بالاضافة الى الدول الصناعية الكبرى و6 دول من أوروبا و15 منظمة إقليمية حيث سيركز المنتدى على تعزيز الشراكة بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدنى. وفي لقاء خص به «الشرق الأوسط» عشية انطلاق المنتدى، قال وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ان انعقاد منتدى المستقبل الثاني على ارض البحرين سوف يعزز من مكانتها دولة رائدة في المنطقة في مجال مسيرة الإصلاح من جميع جوانبها، سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية، وفي مجالات عدة؛ ومن أهمها دعم الحوار الديمقراطي وموضوع تمكين المرأة ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية ودعم حقوق الانسان وتعزيز سيادة القانون.

وأوضح في هذا المجال ان البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بدأت مسيرة الاصلاح الشامل، مما اعطاها السمعة الطيبة وخلق المناخ المناسب لعقد مثل هذه المنتديات.

ونفى الوزير البحريني أن تكون اسرائيل قد تقدمت للمشاركة في اجتماعات المنتدى سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، مؤكدا أن اختيار بلاده لم يكن مكافأة لبرنامجها الاصلاحي، وإنما بسبب توفر المعايير والمعطيات التي تساعد على نجاح المنتدى وتنفيذ ما يخرج به من توصيات. وقال إنه لا يجد ما يعيب من أن تستفيد الدول العربية من مشاريع وأفكار إيجابية حتى لو كانت قد أتت من الدول الغربية، مشددا على استقلالية الدول المشاركة في المنتدى، مؤكدا أنه ليس هناك فرض يلزمها بالدخول في المشاركة مع الدول الكبرى في اي مشروع للتغيير الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي. واوضح في هذا الصدد ان ذلك متروك لرغبة الدول في ان تدخل المشاركة للاستفادة من تجارب الدول الكبرى في عملية الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

> بالرغم من أن المنتدى موجه للدول العربية في الأساس بمشاركة 22 دولة عربية، إلا أنه يلاحظ غياب تام لجامعة الدول العربية في مسألة التنظيم والتنسيق، ألا يعتبر ذلك تغييبا لدور الجامعة العربية، في الأقل بالوقت الحالي؟

ـ ليس هناك غياب للجامعة العربية على الإطلاق، والأخ عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية سيحضر المنتدى ممثلا للجامعة ال++++عربية، ومسألة التنظيم دائما تكون مناطة بدولتين؛ هما الدول المنظمة والدولة الرئيسة لمجموعة الدول الثماني. في المنتدى الأول بالرباط نظم المنتدى المغرب والولايات المتحدة. هنا في المنتدى الثاني تشارك في التنظيم البحرين وبريطانيا رئيسة المجموعة حاليا. وغياب الجامعة عن التنظيم لا يعني غيابها عن المشاركة، فالأمين العام سيكون موجودا، ولا يعني ذلك أي تغييب عن دور الجامعة العربية.

> ما هو الأساس الذي تم عبره اختيار جدول الأعمال في هذا المنتدى؟

ـ منتدى الرباط الأول طرح أفكارا كثيرة ومحاور متعددة. ونحن مع بريطانيا اخترنا أربعة محاور وهي: حقوق الإنسان، الديمقراطية، تمكين المرأة، الشفافية ومكافحة الفساد، ولم نأت بشيء من خارج ما هو مطروح أصلا. ومن هذه المحاور إشراك مؤسسات المجتمع المدني. نحن نرغب في إشراك مؤسسات المجتمع المدني في اتخاذ القرارات. أيضا في المؤتمر المقبل من الممكن أن تطرح بعض من المحاور التي طرحت في منتدى الرباط ولم يتم اختيارها في هذا المنتدى، نحن ننظر إلى أهمية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني مع الحكومات جنبا إلى جنب، مع التأكيد على أن التركيز على هذه المحاور الأربعة سيكون في مصلحة الشعوب أفضل من التشتت في البحث عن مواضيع متعددة لا نخرج بها بأي فائدة تذكر.

> وهل جاء اختيار البحرين لاستضافة المنتدى مكافأة لبرنامجها الاصلاحي؟

ـ لا يوجد شيء يمكن أن نطلق عليه مكافآت في هذه المسألة بالتحديد، خاصة أن البرنامج الاصلاحي للملك حمد بن عيسى بدأ قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكل ما في الأمر أن البحرين وجد أنها مكان مناسب لطرح هذه الأفكار. مع التذكير أن البحرين عرضت الاستضافة على الدول المشاركة، وهذا العرض لاقى ترحيبا من الجميع بسبب المعطيات التي تمتلكها البحرين.

> هناك من يطرح العديد من المخاوف من أن تكون فكرة المنتدى بالكامل هي لا تتعدى مشروعا أميركيا للوصول إلى العالم العربي، كيف تردون على هذه المقولة؟

ـ علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة علاقة تاريخية، ولنا في علاقة البحرين بالولايات المتحدة أكبر مثال على هذه العلاقة التاريخية استمرت لعقود طويلة. والولايات المتحدة حليف وصديق ودائما ما نتباحث للوصول إلى علاقة أفضل ونتبادل الأفكار، وفكرة منتدى المستقبل فكرة حقيقية وهذه لفائدة المنطقة بأسرها ونشكر الولايات المتحدة التي ركزت على هذا المسعى. وللمعلومة، فإن كثيرا من أفكار المنتدى لم تأت من الولايات المتحدة فقط، بل جاءت من دول المنطقة ومناطق أخرى.

> بالرغم من التطمينات المستمرة حول فكرة المنتدى، إلا أن هناك توجسا من مؤسسات المجتمع المدني في الدول العربية من فرض الدول الكبرى لتصوراتها على دول المنطقة؟

ـ ما يُطرح في المنتدى هو مجموعة من الأفكار التي تبنتها دول المنطقة نفسها مع الدول الصديقة. وأرجو ألا تكون هناك نوايا مسبقة عن هذا الأمر. ودعني أسأل: ما هي المشكلة في أن نأخذ أفكارا مفيدة من أصدقائنا وحلفائنا؟ إذا كانت الافكار من مصلحتنا، فالتاريخ يشهد بتبادل الأفكار بين الدول والأمم. وكان التاريخ قد شهد للعرب المسلمين بأنهم صدروا أفكارهم للعالم أجمع واستفاد منها وطورها للوصول إلى الأفضل، وها نحن اليوم نأخذ بأفكار الآخرين فهذه الطبيعة الانسانية التي تسعى للأفضل باستمرار.

> الشعوب العربية مصابة باحباط من المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية المتكررة، والتي لا تخرج بتوصيات تلمس الواقع العربي، هل هناك جديد في هذا المنتدى بحيث لا يصبح صورة متكررة من تلك المؤتمرات؟

ـ لنتحدث بصراحة، فالشعوب العربية تعودت على أن ما يجري داخل الجدران لا يصل إلى مسامعها ولا تشارك فيه أصلا وهو لا يعكس ما يحدث داخل صالات الاجتماعات التي ظلت منفصلة عن نبض الشارع العربي، بعكس ما يحدث حاليا من تغيير للمفاهيم بمشاركة واسعة لمؤسسات المجتمع المدني. أما الآن فما يحدث داخل قاعات الاجتماعات يجري بوجود ممثلي الشعوب العربية. والمسألة حاليا أن الآلية تغيرت إلى الأفضل، وأنا شخصيا أعتبر هذه الآلية مقياسا جيدا لما سيخرج به المؤتمر، لا نربط ما يحدث الآن في قالب قديم، نحن لدينا مفهوم جديد من الظلم أن نضع هذا المفهوم في قالب قديم.

> هل البحرين رفضت طلبا اسرائيليا للمشاركة في المنتدى عن طريق دولة ثالثة؟

ـ لم يكن هناك أي طلب من قبل اسرائيل للمشاركة معنا في المنتدى، لا مباشرة ولا عن طريق دولة ثالثة. ولم تفرض علينا بأي صورة مشاركة اسرائيل في منتدى المستقبل الثاني. وكنا تمسكنا بمشاركة جميع الدول التي شاركت في منتدى الرباط.

> ولماذا لم تشارك إيران؟

ـ الايرانيون اعتذروا بأنفسهم ولم يمنعهم أحد من المشاركة.

> ماذا عن المبادرات المطروحة في جلسات المنتدى؟

_ سيكون هناك التزام مالي من قبل كثير من الدول المشاركة في تنفيذ عدد من البرامج والآليات المناسبة لتنفيذ التوصيات التي يقرها المنتدى، وهذا الأمر على وجه التحديد هو من يمثل الشراكة على وجهها الصحيح بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني. وسيتم خلال هذا المنتدى الاعلان عن المبالغ التي تبرعت بها الدول المشاركة لصالح تنفيذ هذه المبادرات. > ما الذي ستخرج به البحرين من استضافة هذا المنتدى؟

ـ ليس البحرين فحسب من ستستفيد من هذا المنتدى، بل المنطقة بأسرها، بالإضافة إلى أننا سنتعلم دروسا من كيفية التزاوج بين مؤسسات المجتمع المدني والسلطة. وأفضل دليل على هذا التزاوج هو إقامة منتدى مواز أقامته مؤسسات المجتمع المدني بالبحرين، واستضافة مؤسسات من خارج البحرين، طرحوا محاور يرونها ذات أهمية، ولم نتدخل بتاتا في أي من المحاور التي طرحت ونوقشت، بل تسلمنا منهم التوصيات التي خرجوا بها بعرضها على مؤتمر وزراء الخارجية. وهذا أكبر دليل على الاستفادة التي ستخرج بها المنطقة ككل من استضافة منتدى المستقبل. وأكبر استفادة سيخرج بها المنتدى هو تقبل المجتمع لهذه الشراكة التي نسعى إليها بين الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، وهو أسلوب حديث بدون أي حساسيات. وإذا نجحنا في الاستفادة من هذا الأسلوب، نكون تقدمنا إلى الأمام خاصة مع وجود مجتمع مدني قوي وفعال، وكذلك حكومة هي الأكثر، على مستوى الدول العربية، انفتاحا منذ عهد الاستقلال حتى الآن.

> ولكن ما سيخرج به المؤتمر من توصيات غير ملزمة للحكومات. كيف ستخرج هذه الفائدة طالما أن الحكومات لن تكون معنية بأي من هذه التوصيات؟

ـ هناك إعلان سيخرج من المؤتمر تحت مسمى إعلان البحرين، لذلك نتوقع أن من يوافق على هذا الإعلان لا يمكن أن يخرج عن الاطار الذي وافق عليه أصلا، وهنا لا بد أن نخرج من قوالب الماضي الذي خرجنا منه للأسف بمفهوم الالزامية وتاثيرها على تنفيذ القرارات بعيدا عن الاخلاقية التي يجب أن تكون متوفرة في التعامل مع مثل هذه التوصيات حتى لو لم تكن ملزمة، دعنا ندخل بأسلوب جديد وتفكير جديد. ومن لا يوافق من حقه طرح رأيه بكل حرية.

> أراك متفائلا كثيرا بالخروج بتوصيات مختلفة عما تعودنا عليه في مؤتمرات كثيرة مرت من هنا؟

ـ نعم أنا متفائل لأننا نسير حاليا بالطريقة الصحيحة ودول العالم تشاركنا في هذه المسيرة، وسوف نرى جميعا الفائدة التي سنخرج بها من هذا المنتدى. ويكفينا كما ذكرت لك سابقا أننا أصبحنا نتخذ قراراتنا بصورة مشتركة مع مؤسسات المجتمع المدني.