الحزب الحاكم خسر 50% من المقاعد وفشل ذريع للجبهة الوطنية

انتخابات مصر: الإخوان يعززون مكاسبهم والنتائج تصيب لجنة السياسات في الحزب الحاكم بالصدمة

TT

فجرت نتائج الجولة الأولى من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية المصرية التي جرت أول أمس في ثماني محافظات مفاجآت مدوية كان لها وقع الصدمة على الكثيرين، فيما اعتبر خروج الحزب الوطني الحاكم بـ29 مقعداً فقط من بين 164 مقعداً ضربة قاصمة للحزب الذي خسر نحو 50 في المائة من مقاعد هذه المرحلة فيما يخوض جولة الإعادة على ما يقرب من 61 مقعداً.

ورغم أن وزراء الحزب وبعض رموزه حافظوا على مقاعدهم البرلمانية، إلا أن ما بدا لافتاً أن مرشحي التيار الإصلاحي أو رجال جمال مبارك نجل الرئيس داخل الحزب، أصيبوا بخسارة فادحة ولم ينجح منهم سوى رجل الأعمال أحمد عز، مسؤول الحملة الانتخابية للرئيس مبارك، بينما وصل الدكتور حسام بدراوي، أحد أبرز قيادات أمانة السياسات، إلى جولة الإعادة بصعوبة بالغة ضد هشام مصطفى خليل، نجل رئيس الوزراء الأسبق مصطفى خليل، والذي استقال من الحزب ليخوض الانتخابات في مواجهة بدراوي مدعوماً من بعض رموز الحزب الحاكم.

وكان من أكبر مفاجآت هذه المرحلة الفشل الذريع الذي منيت به الجبهة الوطنية للتغيير التي تضم 10 من الأحزاب والقوى السياسية على رأسها أحزاب الوفد والتجمع والناصري، حيث لم تتمكن الجبهة، التي تشكلت قبل أسابيع قليلة من إجراء الانتخابات لتخوض المعركة بقائمة موحدة في مواجهة الحزب الحاكم، من الحصول على أي مقعد، وكان على رأس الخاسرين منير فخري عبد النور، نائب رئيس حزب الوفد، في وقت وصل فيه 4 من أعضاء الجبهة بينهم 3 مرشحين منتمين لحزب التجمع بالإضافة إلى الكاتب الصحافي مصطفى بكري إلى جولة الإعادة، غير أن المفاجأة الأكبر كانت بخسارة رئيس حزب الغد أيمن نور في دائرة باب الشعرية وسط حالة من ذهول أنصاره بعد الشعبية التي حصل عليها أثناء خوضه انتخابات الرئاسة الماضية.

وبرهنت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي لم تحصل خلال هذه المرحلة إلا على ثلاثة مقاعد فقط على أنها القوى الوحيدة المعارضة القادرة على الصمود في مواجهة الحزب الوطني حيث تمكن 41 من مرشحيها من الوصول إلى جولة الإعادة، فيما اشتكت الجماعة على لسان مرشدها العام محمد مهدي عاكف مما وصفوه بأنه «عمليات تزوير شديدة»، وقررت الجماعة مقابلة هذا الموقف بتظاهرة ستنظمها اليوم عقب صلاة الجمعة بالقاهرة، وبمؤتمر صحافي سيعقد غداً (السبت) بمكتب إرشادها لكشف وقائع المرحلة الأولى للانتخابات.

وفيما كشفت النتائج عن تعرض الحزب الحاكم لأكبر خسارة انتخابية له في تاريخه في محافظة الجيزة حيث لم يحصل الا على 3 مقاعد فقط من بين 24 مقعداً، أحدثت النتائج أزمة عنيفة داخل الحزب حيث دعا الحزب لاجتماع طارئ لهيئة مكتبه لبحث الأزمة وسط أجواء التوتر والترقب داخله خوفاً من استمرار الوضع الراهن.

وكشفت مصادر مطلعة داخل الحزب أن قياداته يبحثون إجراء مفاوضات سريعة مع مجموعة المستقلين الذين فازوا بمقاعد هذه المرحلة لإعادة انضمامهم لصفوف الحزب على غرار ما حدث خلال انتخابات البرلمان الماضية التي لم يتمكن فيها الحزب سوى الفوز بنحو 38% من المقاعد واضطر إلى إعادة المنشقين عليه، إضافة إلى إجراء اتفاقات مسبقة مع مجموعة المستقلين الذين سيخوضون جولة الإعادة ضمن مرشحي الحزب للحصول على موافقتهم وإعادة انضمامهم للحزب بعد عملية الانشقاق التي نفذوها في حال فوزهم بمقاعد البرلمان، خاصة أن النواب المستقلين يشكلون تهديداً كبيراً على الحزب من بعض الأسماء الكبيرة التي كانت مرشحة من جانب الحزب في انتخابات 1995 – 2000 أمثال احمد شيحة في الدرب الأحمر، وعلي نصر في بني سويف، وفتحي بيومي في المنوفية.

وأظهرت نتائج المرحلة الأولى أزمة عنيفة داخل الحزب خاصة في بعض دوائر الوزراء حيث كشفت مصادر مطلعة داخل الحزب أن مرشح الحزب الوطني على مقعد العمال في دائرة السيدة زينب، عبد الفتاح محمد علي، الذي خسر الانتخابات لصالح الإخواني عادل حامد، تقدم بشكوى ضد أحمد فتحي سرور، مرشح الفئات في هذه الدائرة، مدعياً أن سرور أبرم تحالفاً مع مرشح الإخوان ضده وطالب بالتحقيق في الواقعة.

وعلى غرار ذلك قدم مرشح الوطني على مقعد العمال في دائرة الجمالية، حسين سويلم، شكوى للحزب ضد وزير الإسكان محمد إبراهيم سليمان الذي فاز بمقعد الفئات بادعاء أنه أبرم تحالفاً مع نائب البرلمان الناصري السابق حيدر بغدادي ضده، مما وصل ببغدادي إلى مرحلة الإعادة، إضافة إلى ترديد أنباء أخرى عن أن عبد العزيز مصطفى الذي فاز بمقعد العمال في دائرة قصر النيل أبرم تحالفاً سرياً مع هشام مصطفى خليل الذي يرتبط معه بصلة قرابة ضد مرشح الحزب على مقعد الفئات حسام بدراوي.

وفيما أحدث الإعلان عن فوز وكيلة مجلس الشعب، الدكتورة آمال عثمان، بمقعد الفئات في دائرة الدقي ضد مرشح الإخوان حازم أبو إسماعيل، حالة من الجدل خاصة بعدما أعلنت بعض الصحف المسائية القريبة من الحزب الوطني خسارتها لوصولها إلى مرحلة الإعادة، لم تتمكن سوى ثلاث سيدات أخريات من الوصول إلى مرحلة الإعادة، على رأسهن مرشحة الإخوان الوحيدة في هذه الانتخابات الدكتورة مكارم الديري، ومرشحتا الحزب الوطني فايدة كامل وثريا لبنة.

وفي الوقت الذي فشل فيه الدكتور أمين مبارك، رئيس لجنة الصناعة بالبرلمان وابن عم الرئيس المصري، في المنوفية، لم يخل الأمر من فوز بعض القيادات التقليدية للحزب ورموزه في مقدمتهم الدكتور احمد فتحي سرور رئيس البرلمان، في دائرة السيدة زينب، والدكتور زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية، في الزيتون بالقاهرة، والدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، والدكتورة آمال عثمان وكيلة البرلمان، وكمال الشاذلي وزير شؤون البرلمان، وأحمد عز ومحمد أبو العينين، رجلا الأعمال وعضوا لجنة السياسات، وحسين مجاور زعيم الأغلبية.

وكشفت المؤشرات الأولية لعمليات الرصد والمراقبة عن وجود العديد من الانتهاكات والتجاوزات في عدد من الدوائر الانتخابية كان من أبرزها التصويت الجماعي لناخبين من خارج الدائرة الانتخابية بالإضافة لوقوع حالات عنف وبلطجة, بالإضافة لوقوع حوادث اعتداء على المراقبين ومندوبي المرشحين ومنعهم من حضور عمليات الفرز في عدد من اللجان، ورصد المراقبون في بعض اللجان الانتخابية استخدام صناديق خشبية كبديل للصناديق الزجاجية.

وفي أول رد فعل من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية المختلفة الذين تولوا الإشراف على المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية تقدم محمود السيد حسين، وكيل نيابة بشمال القاهرة، والذي كان يترأس اللجنة الفرعية رقم 46 التابعة للجنة العامة رقم 7 بدائرة بولاق أبو العلا ببلاغ (أمس) إلى المحامي العام لنيابات وسط القاهرة مطالباً بالتحقيق في وقائع الاعتداء عليه أثناء ممارسة عمله داخل اللجنة.