شيراك يشترط عودة الهدوء لتنفيذ خطط لتنمية الضواحي الفقيرة

تراجع عدد حرق السيارات إلى 482 في الليلة الـ15.. ومنطقة باريس لا تستخدم قانون الطوارئ

TT

اكد الرئيس الفرنسي جاك شيراك مجددا، أن إعادة الأمن والاستقرار الى المناطق الساخنة التي طالتها اعمال الشغب والاضطرابات، لها «الأولوية المطلقة» بالنسبة إليه وأنه «يكرس كل جهوده لهذا الهدف الذي لم يتحقق بعد». وفي غضون ذلك، استمرت حدة العنف وأعمال الشغب في التراجع في محيط مدينة باريس وفي ضواحي المدن الفرنسية الكبرى على السواء، مقارنة بما حصل في الليالي السابقة. وجعل الرئيس الفرنسي من عودة الهدوء «شرطا مسبقا» للعمل بأي خطط مستقبلية تنموية لمصلحة الضواحي الفقيرة. ولكن الرئيس الفرنسي عمد، الى جانب لغة الحزم، الى توجيه إشارات إيجابية الى شبان الضواحي الذين يطالبون الدولة بالالتفات الى مشاكلهم وأوضاعهم. واعلن شيراك ردا على الذين ينتقدون الدولة على طريقة تعاطيها الأمني مع الأحداث الجارية في فرنسا قائلا: «مهما تكن أصولنا، فإننا جميعا أبناء الجمهورية (الفرنسية) ولنا جميعا الحقوق نفسها، كما أنه تترتب علينا الواجبات ذاتها».

ولليلة الثالثة على التوالي، سجلت احصاءات الشرطة الفرنسية تراجعا في أعمال العنف التي تمثل السيارات المحروقة مؤشرها الأول. ووفق ما قاله ميشال غودان، المدير العام للشرطة، فإن عدد السيارات المحروقة في الليلة الخامسة عشرة من أعمال العنف تراجع الى 482 سيارة فقط، وهو رقم «صغير» للغاية قياسا لما جرى قبل ثلاث ليال، إذ كان العدد بحدود 1300 سيارة. ولم يعمد محافظ منطقة باريس الى استخدام قانون الطوارئ في أي من الأقضية العشرة، التي تتشكل منها الضواحي الفرنسية، مما يعني عودة نسبية للأمن. وبالمقابل، اتخد قانون الطوارئ في خمسة أقضية فقط في المناطق الفرنسية، فيما تبدو مدينة تولوز ومحيطها الأكثر تأثرا بالأحداث الأمنية في الساعات الأخيرة. وألقي القبض في الليلة ما قبل الفائتة على 280 شخصا، بحيث وصل مجموع المقبوض عليهم منذ بداية اعمال الشغب في 27 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي 2033 شخصا.

ورفض الرئيس الفرنسي، الذي كان يتحدث أمس في قصر الأليزيه، بعد اجتماع القمة الفرنسي ـ الإسباني، التعليق على إعلان وزير الداخلية نيكولا سركوزي طرد كل الغرباء بمن فيهم المقيمون الشرعيون الذين يحكم عليهم بجرم المشاركة في أعمال الشغب، مكتفيا بالقول إنه «يتعين احترام القانون كل القانون»، إلا أنه بالمقابل دافع عن قرار تفعيل قانون الطوارئ من أجل أعادة الأمن والاستقرار الى البلاد. وكان قرار سركوزي، الذي يبدو أن هدفه ردع الأجانب من المشاركة في أعمال العنف، قد أثار موجة من الاحتجاجات من قبل الجمعيات التي تدافع عن حقوق الإنسان، فيما قرار إعلان حال الطوارئ لقي قبولا شعبيا وفق ما اظهرته آخر استطلاعات الرأي.

وأمس طالبت أصوات بحرمان الفرنسيين، الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية، من هذه الجنسية إذا ما صدرت بحقهم أحكام مشابهة بالإخلال بالنظام العام والمشاركة في أعمال الشغب. وبعد جان ماري لوبن، زعيم اليمين المتطرف الذي كان أول من طالب بهذا التدبير، أعلن نائب ينتمي الى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، وهو حزب الأكثرية الحكومية، عن نياته تقديم مشروع قرار بهذا المعنى الى البرلمان، لكن المراقبين لا يتوقعون أن يكتب له النجاح، خصوصا إذا ما تأكد تراجع العنف وعودته الى مستويات «مقبولة». بموازاة ذلك، وبعد الانحسار النسبي للعنف، أخذت تسمع من جديد أصوات المجتمع المدني، خصوصا الفاعلة في أوساط الضواحي. فقد دعا تجمع للجمعيات يضم 155 جمعية الى التظاهر بعد ظهر اليوم في جادة الشانزليزيه تحت شعار «وقف العنف». سيحمل المتظاهرون مناديل بيضاء في إشارة الى السلام والأمن الذي يدعون الى عودته.