«ليلة الإرهاب»: أشرف بدأ ليلته «عريسا» وأنهاها يبكي على مقتل أبيه وحميه

أجل زفافه منذ رمضان عدة مرات

TT

«شاهدت والدي ووالد زوجتي يقتلان في حفل زفافي.. كيف يمكنني أن أنسى هذه الجريمة الشنيعة». بهذه العبارات بادرنا أشرف خالد دعاس الذي بدأ ليلة أول من امس عريسا يحتفل بزفافه وأنهاها يبكي أباه وحماه اللذين قتلا في العملية التي استهدفت فندق راديسون ساس.

في صالة الأفراح القابعة في الطابق الأرضي لفندق راديسون ساس تجمعت وجوه باسمة للاحتفال بزفاف أشرف. وفي لمح البصر دلف وجه يتأبط شرا وضغط ببرود على زناد ليحول لحظات الفرح إلى بقايا أشلاء بشرية تناثرت على مساحة عمان التي طالما تغنى القاصي والداني بأمنها وأمانها. يقول أحد حضور العرس «سرق الإرهاب فرحتنا»، في الوقت الذي لم يجد موظف فندق بدا من اللطم على وجهه والصراخ وقميصه غارق بدماء ضحايا التفجير. بصوته المتهدج يقول «هذا الدم كله لأردنيين»، ويتساءل «ما ذنب هؤلاء. هل ذنبهم المشاركة في حفل زفاف؟». ولا يملك كرم نوفل كلمات لوصف تطاير أشلاء من كان يجلس إلى جانبه في بهو فندق جراند حياة عمان. ويتوارى أشخاص من ذوي الملامح الشرق آسيوية وراء دموع غزيرة رافضين الإدلاء بأي تصريح صحافي، بعد تسرب معلومات أولية تفيد بمقتل عدد من حملة الجنسية الصينية أو الكورية في انفجارات عمان. ووسط ذهوله، يصف مواطن عراقي كان في الطابق الرابع بالفندق العملية لحظة التفجير بالمأساوية، لافتا إلى أنه سمع انفجارا متقطعا أعقبه اهتزاز عنيف للمكان، ليختبئ في غرفته أكثر من ساعتين. لحظات قليلة فصلت بين أصوات الضحكات وروائح العطر، وبين أصوات تفجيرات أعقبها نواح وصراخ ورائحة موت حصد 57 نفسا بريئة. وتناثرت اشلاء نساء واطفال جاءوا لحضور حفل زفاف في فندق راديسون ساس جراء العملية الارهابية البشعة التي استهدفت ايضا فندقين اخرين وملأت باحاتها بدماء الضحايا. كان أهل الفرح «دعاس والعلمي» قد حملوا افراحهم نحو فندق راديسون ساس بعد ان انتظروا العيد ليتمموا الفرح، أجلوه مرة بعد مرة من رمضان حتى بزغت شمس عيد الفطر ووجهت الدعوات الى كل الاصدقاء والاحبة والاقارب الذين هبوا من كل صوب لمشاركتهم فرحة الزفاف.

وصلوا جميعا على الموعد في صالات الفندق، وفي قاعة فيلادلفيا التأم شمل الجميع، كانت والدة العريس ووالدة العروس توزعان البسمات على كل المدعوين فردا فردا. ووسط الفرح المتواصل كان الانتحاري قد هيأ نفسه ليحول الفرح الكبير الى جرح عميق.

اختلس الانتحاري لحظات الزفة ليحمل متفجراته لتحول العرس الى مأتم. وتساقط الضحايا هنا وهناك وسط ذهول الجميع الذين داهمهم الموت بلا انتظار. ولم تتردد اميرة عبد الرحمن دعاس ابنة عم العريس رغم دموعها وهي راقدة على سرير الشفاء في مستشفى الاردن من رواية تفاصيل ما جرى.

تقول أميرة وهي تنتحب: ابن عمي اشرف خالد دعاس من عشيرة الاخرس يعمل في شركة مختبرات طبية وكان على وشك الزواج من شريكة حياته ناديا العلمي الموظفة في شركة فاست لينك.

وتقاطعني مجددا اميرة باكية تسأل المحيطين بها عن ابنتيها اللتين تبلغان من العمر 16 و29 على التوالي. تقول اميرة: في حوالي الساعة الثامنة والنصف الا قليلا كنا داخل قاعة الزفاف الكبرى وقالوا لنا وصل العروسان وخرجنا الى الساحة الخارجية لنقوم بالزفة وكنا نحيط بالعروسين وحوالي الساعة التاسعة وامام مدخل قاعة المدعوين وقع الانفجار.

ورغم البكاء تصر اميرة على القول ان العروسين بخير لكن ابو العريس توفي متأثرا بجراحه حسب ما قيل لي. وتتابع قريبة العريس التي كانت شاهد عيان على الاعتداء القول ان والدي العريس قدما من الكويت قبل نهاية رمضان لحضور الزفاف. وتابعت حديثها ودموعها تصلنا عبر اثير الهاتف: بناتي ماذا حدث لهن ارجوكم اخبرونـي انهن كن في القاعة. وشاركناها الدعاء ان يتلطف الله بهن.

وقال العريس اشرف الذي كان يحتفل بزفافه مساء امس انه اصيب وعروسه بجروح لكنه فقد والده وحماه في العملية الانتحارية. واضاف العريس للتلفزيون الاردنـي من سريره في المستشفى انه شاهد العديد من الضحايا. وتابع متسائلا: كيف يجب ان افكر في هذه الجريمة الشنيعة فقد شاهدت والدي ووالد زوجتي يقتلان في حفل زفافي.

وكانت اشلاء القتلى نقلت الى المستشفيات الخاصة والحكومية في اكياس بيضاء بعد ان تم جمعها من مرافق الفنادق التي تناثرت فيها.

وقال شاهد العيان الطبيب العراقي ظافر السلمان انه كان ضمن وفد طبي للمشاركة في مؤتمر الاطباء العرب لجراحة العظام يتناولون طعام العشاء في لوبي فندق حياة عمان من بينهم خمسة عشر طبيبا عراقيا اضافة الى اطباء من دول عربية متعددة جاءوا للمشاركة في المؤتمر المنتظر انعقاده اليوم، وما هي الا لحظات حتى سمعنا صوت دوي انفجار وتناثرت اشلاء بعض الجثث واطفئت انوار الفندق. وقال شاب يعمل في فرقة زفة انه بينما كان يزف العريس في فندق راديسون ساس شاهد احد الاشخاص داخل صالة العرس يقف بالقرب من صالة الديسكو وما هي الا لحظات حتى وقع الانفجار الذي ادى ايضا الى تناثر اشلاء المدعوين والذين كان معظمهم من السيدات والاطفال.