دمشق تتهم ميليس بـ«التصلب» لإصراره على بيروت مكانا دون غيره للتحقيق مع الضباط السوريين الستة

اعتبرت أن العاصمة اللبنانية تمثل «إشكالية أمنية ومعنوية»

TT

في تعقيب على ما ورد في كلمة الرئيس السوري بشار الأسد من توضيحات تناولت مجمل القضايا المطروحة على الساحة العربية ، أكدت مصادر سياسية سورية متابعة للشأن المتصل بالتحقيق الدولي في اغتيال رفيق الحريري، أن التصلب الذي يرد به ديتليف ميليس على تجاوب سورية والتعاون الذي تبديه تجاه اللجنة الدولية، يوحي بأن ثمة نية مبيتة لدى ميليس لاتهامها بصورة مسبقة بعدم التعاون، سواء تعاونت أم لم تتعاون، ومهما بلغ التعاون السوري من أشكال متقدمة، ومن ثم إلباسها تهمة العلاقة باغتيال الحريري وإلصاقها بها، مهما كانت نتائج التحقيق».

وقالت هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط»: من الواضح أن ميليس يريد أن يفرض مكاناً بالذات هو بيروت من دون أية أماكن أُخرى للتحقيق مع الضباط السوريين الستة، ويرفض أي اقتراح آخر بشأن المكان، مما يشير إلى أن المحقق الدولي يريد إدانة سورية سلفاً بعدم التعاون بدليل أنه رفض أن يتم الاستجواب في مصر تحت مظلة جامعة الدول العربية، ومن المتوقع أن يرفض اقتراح سورية أن يتم التحقيق في جنيف أو في فيينا».

وفسرت الأوساط السورية اقتراح دمشق الأول أن يقوم ميليس باستجواب الضباط الستة في القاهرة أو في جنيف أو في فيينا، بانه يعني أن سورية ماضية في تعاونها مع لجنة التحقيق، وأنها قطعت شوطاً كبيراً في الاستجابة لطلبات اللجنة الدولية بينما يصر ميليس على أن تكون بيروت هي مكان الاستجواب، مما يؤكد أن للجنة موقفاً متصلباً له دلالاته السياسية.

وأضافت الأوساط «يبدو من غير المنطقي أن تأتي أجوبة ميليس بالرفض، في ضوء أن سورية التي كانت تقول إن الضباط العسكريين لا يستجوبون خارج الأراضي السورية، قد قبلت استجوابهم خارج سورية سواء في القاهرة أو جنيف أو فيينا، فيأتي ميليس ليرفض أي مكان في العالم باستثناء المكان الذي يحدده وهو بيروت والذي يقصد منه بطبيعة الحال نوعاً من الإساءة ، وهذا موقف متصلب من ميليس يبدو أنه يريد منه أن يدفع سورية لعدم التعاون». واعتبرت هذه الاوساط «أن من غير المنطقي أيضاً أنه حين تتراجع سورية عن موقفها بعدم السماح باستجواب عسكريين سوريين خارج أراضيها حسب القوانين والأنظمة السورية ثم تتنازل عن هذا الموقف باعتبار أن هناك قراراً دولياً يفوق الأنظمة السورية، ترد لجنة التحقيق الدولية بفرض مكان بالذات من دون أية أماكن أخرى». ووصفت ذلك بانه «نوع من التصلب يوحي بأن هذه اللجنة تريد أن تدين سورية بعدم التعاون سلفاً» كما قال الرئيس بشار الأسد في كلمته في جامعة دمشق، بدليل رفضه اقتراح مصر والاعتقاد بأنه سيرفض جنيف وفيينا أيضاً. وترى الأوساط السورية أن تصلب ميليس يطلق إشارات تثير لدى المسؤولين السوريين أسئلة معمقة حول احتمالات نزاهة التحقيق، فإذا كانت مهمة لجنة ميليس هي جلاء الحقيقة، فإن هذه الحقيقة يمكن أن تصبح جلية وتساعد ميليس في جلائها استجوابات تجرى في أي مكان في العالم.

وتساءلت الأوساط «لماذا التصلب في إحضار الضباط الستة إلى بيروت بالذات حيث توجد إشكالية معنوية وأمنية؟» ، ثم أجابت «إذاً فإن جلاء الحقيقة في قضية اغتيال الحريري، لم يعد الهدف الأول ، بل إن الهدف الأول هو سورية». ووجهت الأنظار إلى ما كشف النقاب عنه بشأن محاولة توظيف المعتقل السوري في اسطنبول لؤي السقا بمحاولة إغرائه بعشرة ملايين دولار للادلاء بشهادة زور في قضية اغتيال الحريري، مما يطرح تساؤلات حول احتمال مجانبة التحقيق الدولي للنزاهة والدقة والموضوعية والمهنية والأسس القانونية المعمول بها لدى التحقيق في مسألة جنائية.