قبل قمة تونس للمعلوماتية: مقترحات لإنشاء مؤسسة دولية لإدارة الإنترنت

لوقف احتكار أميركا وأوروبا لمواقع شبكة المعلومات الدولية

TT

فرانكفورت ـ أ.ب: لا تتمتع الولايات المتحدة بثقة كبيرة في عالم الإنترنت هذه الأيام، فالشبكة العالمية ولدت في الولايات المتحدة، إلا ان هذه الحقيقة لم يعد لها تأثير يذكر على العدد المتزايد من الدول التي تطالب الآن باقتسام التحكم في شبكة الإنترنت وإدارتها. ويبدو ان الخلاف حول التحكم في شبكة الإنترنت وإدارتها بات يهدد بتحويل القمة المزمع عقدها في تونس الاسبوع المقبل الى مواجهة بين الولايات المتحدة وأطراف اخرى من بينها الاتحاد الاوروبي حول مسألة الإشراف على الشبكة العالمية. ويدور الجدل حاليا حول ما اذا يجب ان تواصل الولايات المتحدة انفرادها بإدارة كافة نطاقات شبكة الإنترنت، ليس فقط تلك المنتهية بـ«دوت كوم» (com) وإنما النطاقات الاخرى الخاصة ببعض البلدان مثل «سي ان» (cn) الخاصة بالصين. ويتمحور الصراع حول بنية تحتية للمعلومات تعتبر في واقع الأمر قناة للتجارة العالمية، كما يدور الصراع ايضا حول حرية التعبير وتبادل المعلومات. ويرى مراقبون ان المسؤولين في مجال سياسة الإنترنت قد يصبحون عاملا في صياغة العلاقات الدولية خلال السنوات المقبلة. ويقول فرانك باسكيل، الاستاذ بكلية «سيتون هول للقانون» في «نيووارك» بولاية نيوجيرسي، ان المبادئ الاساسية للقانون الدولي تشير الى انه من الضروري ان تكون هناك إدارة دولية لأي ناقل مشترك مهم في المجال التجاري، وأضاف ان ثمة جانبا آخر يتلخص في ان الكثير من الدول التي تسعى الى فرض إدارة دولية على الشبكة العالمية تعاني ايضا من سجل سيئ فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بحرية التعبير. وجاءت فكرة القمة الدولية لمجتمع عصر المعلومات بهدف ردم الهــــوة الرقمية الشاسعة بين الدول المتـقـــــدمة فـي عالم المعلـومـاتيـــة وتلك المتخلفة في هذا المجال، وذلك من خلال رفع الوعي وتمويل المشاريع التي يمكن ان تؤدي الى ردة هذه الهوة، إلا ان الاهتمام تركز بصورة رئيسية على السيطرة على الشبكة وإدارتها، أي الإشراف على الأجهزة الرئيسية التي تتحكم في الحركة عبر شبكة الإنترنت. وكانت الولايات المتحدة قد اعلنت من جانبها في وقت سابق من العام الجاري انها تعتزم الاحتفاظ بالإشراف على الشبكة العالمية الى اجل غير مسمى.

وأضاف المتحدث باسم الاتحاد الاوروبي مارتين سلميار ان «السيطرة الفردية من جانب الحكومة الاميركية هو امر محزن، كل ما عليهم القيام به هو التخلى على تلك السيطرة الفردية وستتحسن الامور»، وأسباب الاستياء من السيطرة الاميركية متعددة، تبدأ بالاعتراض على السياسة الخارجية لإدارة بوش. وقال كارل يلت رئيس وزراء السويد السابق «في مناخ ما بعد الحرب العراقية، فإن السيطرة الفردية من جانب الولايات المتحدة تحولت الى قضية».

وفيما يتعلق بالقضايا الفعلية للإنترنت، يوجد احساس بالإحباط من ان البلاد التي دخلت عالم الإنترنت اولا: الولايات المتحدة وأوروبا سيطرت على معظم العناوين المطلوبة للاتصال بالكومبيوتر، كما توجد شكوى ايضا من انه لا يمكن للحكومات السيطرة بسهولة على نطاقاتها. وأوضح كيلنان تشون البروفسور في المعهد المتقدم للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية «ان وزارة التجارة الاميركية قادرة بطريقة جيدة على الاشراف على ما يحدث داخل الولايات المتحدة، ولكن ليس على 250 دولة في العالم»، وتريد دول مثل باكستان والهند والصين والعديد من الدول في افريقيا ـ حيث لا يعرف العديد من المستخدمين المحللين للشبكة اللغة الانجليزية ـ موافقات سريعة على نطاقات بلغاتهم، وهي قضية تتعامل معها المؤسسة الدولية لتحديد الاسماء والأرقام المسؤولة عن تحديد الاسماء، ببطء شديد.

ويلاحظ ان ما يسعى اليه المنتقدون متعدد ومستمر، وفي كثير من الحالات غامض. فالبعض يريد هيئة دولية يمكن ان تواجه القضايا التي لا تشرف عليها المؤسسة الدولية مثل الأمن والبريد غير المرغوب فيه. والبعض الاخر يريد منظمة بديلة، ليس فقط لوزارة التجارة الاميركية ولكن مؤسسة دولية، ربما تحت اشراف الامم المتحدة تلعب دورا اكبر للاشراف المتعدد الجنسيات على الشبكة الدولية. ويشير السفير دافيد غروس، المسؤول بوزارة الخارجية الاميركية عن الإنترنت، ان الاشراف متعدد الجنسيات يمكن ان يؤدي الى قيود على التدفق الحر للمعلومات، فإذا ما سيطرت الصين مثلا على مواقع اللغة الصينية فيمكنها تقرير أي من المواقع التي يمكن تسجيلها على الإنترنت، وايها لا يحق له التسجيل.