بيرتس الزعيم اليهودي الشرقي لحزب العمل قد لا يعطى الفرصة للفوز بالحكم في إسرائيل

خصومه في الحزب وفي الدولة يعدون لحرب شاملة ضده

TT

التساؤلات الأكثر رواجا في اسرائيل ولدى المهتمين بشؤونها في العالم هي: بعد الانقلاب الذي شهده حزب العمل الاسرائيلي، حينما تمكن الفلاح المغربي عمير بيرتس، من الحاق هزيمة نكراء بالشخصية السياسية العالمية، شيمعون بيريس.. هل يمكن ان يتسع هذا الانقلاب ليصل الى الحكومة الاسرائيلية. فنرى، ولأول مرة في تاريخ الدولة العبرية رئيس حكومة من أصل شرقي؟ وهل كان هذا الانقلاب اشارة لتغيير حقيقي في نظرة المجتمع الاسرائيلي الى اليهود الشرقيين ؟! للاجابة على التساؤلات هذه، لا بد من تحليل نتائج انتخاب عمير بيرتس والظروف التي أحاطت بفوزه الكبير وقراءة ردود الفعل الاسرائيلية على هذا الفوز. دلت النتائج أولا على ان أصوات الناخبين من أعضاء حزب العمل العرب (فلسطينيي 48) هي التي حسمت المعركة لصالح بيرتس. فالفارق في الأصوات بين بيريس وبيرتس كان 1526 صوتا. أعضاء الحزب اليهود منحوا أكثرية لشيمعون بيريس (فارق الأصوات بينهما بلغ 300 صوت لصالح بيريس)، بينما العرب أعطوا أكثرية ساحقة الى بيرتس (بفارق 1800 صوت). وهذا لا يقلل من أهمية أصوات اليهود التي أعطيت لبيرتس، إذ انه فاز بأصوات ما يزيد عن 20 ألف صوت يهودي، إلا ان وزن الأصوات العربية كان حاسما. والعشرون ألف صوت هذه لم تعط صدفة. فهي تشمل القسم الأكبر من اليهود الشرقيين، الذين تعاطفوا مع بيرتس لأسباب عاطفية انتمائية. ووجدناهم يحتفلون بالنصر الكبير ويقترحون على الرئيس الأميركي جورج بوش أن يبدأ بتعلم «اللغة المغربية» تمهيدا لفوز بيرتس برئاسة الحكومة المقبلة في اسرائيل.

وتشمل اصوات اليهود ايضا، أعضاء الحزب الناشطين في النقابات، وهؤلاء هم الموظفون في اتحاد النقابات الذي يقوده بيرتس، الى جانب أنصار حركة السلام من سكان تل أبيب الاشكناز الغربيين (حيث حصل بيرتس على نفس عدد الأصوات مع بيريس).

فقد حصل بيرتس على أصوات أعضاء الحزب الذين طهقوا القيادة القديمة الممثلة ببيريس البالغ من العمر 82 عاما ولم يرتاحوا لرؤية حزبهم ذيلا الى الليكود وخاضعا لقيادة أرييل شارون ومنساقا وراء السياسة الاقتصادية اليمينية التي تسببت في تدهور 1.5 مليون انسان الى ما تحت خط الفقر. كذلك فإن غالبية أعضاء حزب العمل اقتنعوا بضرورة التغيير والتجديد لمجرد التجديد. فالحزب تحت قيادة بيريس بات نموذجا للقدم وللمفاهيم التقليدية المهترئة، اذ يوحي للجمهور انه لا يملك قيادة شابة قادرة ولا يقوى على مواجهة شارون وتسلم الحكم. بل ان قسما كبيرا منهم يخشى من المرحلة القادمة لحكم شارون، ويرون انه بعد الانسحاب من قطاع غزة وازالة المستوطنات ينوي العودة الى سياسة التلاعب ويحاول افشال الرئيس الفلسطيني الجديد، محمود عباس (أبو مازن)، الذي ما زال ناجحا في اقناع الشارع الاسرائيلي بصدق نواياه في اختيار طريق السلام والمفاوضات. في هذه الأجواء رأوا في بيرتس الأمل في تحقيق المرام، خصوصا انه نجح في الربط الوثيق بين سياسة السلام وبين حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. فقال ان الاحتلال هو مأساة اسرائيل الكبرى وان السلام هو الذي يحل مشاكل الفقر والضائقة. وتنكر لسياسة حزب العمل بعد عهد رابين وقال ان الذي قتل رابين قبل عشر سنوات انما أراد قتل طريقه السلمي، ونجح في ذلك خلال هذه الفترة ولا بد من اعادة اسرائيل الى عهد رابين. كل هذه عوامل لعبت دورا في نجاح بيرتس في تحقيق النصر داخل حزب العمل. ولكن، هل سيكون هذا بداية للنصر الأكبر بحيث يفوز بيرتس برئاسة الحكومة؟. هذه مسألة أخرى.

فكما يبدو من ردود الفعل، فإن بيرتس سيواجه بمعارضة شديدة للغاية في اسرائيل، وليس فقط من طرف خصوم حزبه، بل من رفاق حزبه في الأساس. فهناك حملة تحريض شنيعة ضده من اليوم الأول، فيتهمونه باعادة اثارة النعرات الطائفية بين الشرقيين والاشكناز ويتهمونه بالتطرف السياسي باعتباره عضوا في حركة «سلام الآن» وحركة «بتسيلم» (التي تدافع عن حقوق الفلسطينيين) ويسجلون عليه انه لم يأت الى الحلبة السياسية من الجيش ويعتبرونه اشتراكيا متطرفا سيقضي على الاقتصاد الحر، بل كان هناك من ألمح باعداد ملف ادانة له بالفساد في ادارة النقابات.