فرنسا تتخوف من استفحال الشغب

دعوات على شبكة «الإنترنت» لحرق برج إيفل والأبنية العامة

TT

تتخوف السلطات الأمنية الفرنسية من نهاية أسبوع «حارة» في باريس وضواحيها التي انطلقت منها أحداث العنف والشغب منذ السابع والعشرين من الشهر الماضي وذلك رغم استمرار تراجع حدة الفلتان الأمني وإحراق السيارات وشبه التوقف الكلي لـ«المناوشات» بين مجموعات الشبان وقوى الأمن. وتعزو المصادر الأمنية مخاوفها لتراكم عوامل تدعو كلها للحذر والقلق. وأولها عطلة نهاية الأسبوع الطويلة (ثلاثة أيام) وتكاثر الدعوات بين شبان الضواحي على شبكة الإنترنت والهواتف الجوالة والتي رصدتها الأجهزة الأمنية وكلها تدعو الى «النزول» الى باريس وخصوصا الى جادة الشانزليزيه وبرج إيفل ومنطقة الباستيل والحي اللاتيني ووسط العاصمة المعروف باسم «لي هال» وساحة الريبوبليك وغيرها من المناطق التي تعرف حياة ليلية مكثفة ويرتادها السياح بكثرة. وجاء في إحدى الرسائل على الإنترنت دعوة لـ«إحراق برج إيفل» الشهير. وجاء في رسالة أخرى ما يلي: «أيها الشبان، لنتوقف عن التجادل في ما بيننا. اينما كنتم، لا تترددوا في إحراق كل الأبنية العامة، من مراكز للشرطة والمدارس ومراكز الضرائب. على كل المقاطعات أن تتحد. إن فرنسا لنا نحن». وحثت رسالة أخرى على «الاتحاد» وعلى التحرك من أجل «احراق كل شيء ليل الجمعة ـ السبت ما بين الساعة التاسعة والنصف والعاشرة ليلا». وقال مصدر في مديرية شرطة باريس إن محافظ العاصمة «لا يستبعد اللجوء الى استخدام حالة الطوارئ وفرض منع التجول في الأحياء المعنية» إذا دعت الحاجة. وقرر المحافظ منع بيع المحروقات والمواد المشتعلة للقاصرين تحاشيا لاستخدامها في تحضير الزجاجات الحارقة «كوكتيل المولوتوف» التي ترمى على رجال الشرطة أو لأشعال الحرائق المتعمدة في الأبنية والمصالح العامة.

وبالنظر الى هذه المخاوف، فقد عززت السلطات الأمنية انتشار رجالها في العاصمة ومحيطها التي تراجعت فيها الإشتباكات دون أن يعني ذلك نهاية لها. ومنذ صباح الجمعة، عبأت السلطات 3000 رجل أمن في العاصمة للإشراف على احتفالات 11 نوفمبر (تشرين الثاني) التي جرت أمس في ذكرى الهدنة (بين فرنسا وألمانيا في نهاية الحرب العالمية الأولى التي شارك فيها الرئيس شيراك ووزيرة الدفاع ميشال أليوـ ماري ووزير قدامى المحاربين حملاوي مشارقة). وأخضعت المناطق المعرضة لأعمال شغب لحراسة خاصة وعززت الرقابة على خطوط القطارات والمترو في منطقة باريس التي يتولاها 1200 من رجال الشرطة المتخصصة.

وحذر وزير الداخلية نيكولا سركوزي من اشتداد أعمال مجددا ومن التأثير السلبي المترتب عليه على جهود الحكومة والقوى الأمنية وقال للشبكة الثانية في التلفزيون الفرنسي إن «الأسباب البنيوية» للعنف «ما زالت قائمة وإذا كان صحيحا أن الأمور تتجه الى التهدئة، فهذا لا يعني أن أعمال العنف لا يمكن أن تنطلق مجددا». وذهب مدير الشرطة ميشال غودان في الاتجاه عينه داعيا قوى الأمن الى التزام «أقصى درجات الحذر» خصوصا في العاصمة ومحيطها. وتحضر مديرية الشرطة لنشر قوات أمنية رادعة ليل السبت ـ الأحد بمناسبة مباراة كرة القدم التي ستجرى بين الفريقين الفرنسي والألماني في «ملعب فرنسا الكبير» القائم في محلة سان دونيس، على مدخل باريس الشمالي قريبا من المنطقة التي انطلقت منها شرارة أعمال العنف. ويستوعب الملعب الأكبر من نوعه في فرنسا 80 ألف مشاهد. وفي حديثه التلفزيوني، سعى وزير الداخلية لرد الاتهامات التي حملته جانبا من المسؤولية في اعمال الشغب بسبب وصفه شبان الضواحي بـ«الحثالة» و«الأوباش». وشدد سركوزي على أن المقصود بكلامه «أقلية» تمتهن الشغب و«تسمم» حياة الأحياء «الحساسة».