السنة يطالبون بتحقيق دولي في قضية سوء معاملة معتقلين في قبو تابع للداخلية العراقية

الحزب الإسلامي دعا السيستاني إلى إدانة الانتهاكات

TT

طالب مسؤولو أحزاب وتنظيمات سنية أمس، بفتح تحقيق دولي في قضية سوء معاملة 173 معتقلا عراقيا في احد سجون وزارة الداخلية العراقية في بغداد، حيث تعرض كثير منهم للضرب وبعضهم خضع للتعذيب فيما يبدو وهناك من يعاني سوء التغذية.

وعثر جنود اميركيون الاحد على هؤلاء المعتقلين ومعظمهم من السنة في ملجأ الجادرية التابع لوزارة الداخلية، خلال مداهمة بحثا عن صبي مختف. وقال أياد السامرائي، من الحزب الاسلامي العراقي احد اكبر الاحزاب السنية في العراق، لوكالة الصحافة الفرنسية «اعتقد ان من الافضل إجراء تحقيق دولي محايد. لقد بدأنا نشك بمسؤولية او تورط جهات على مستوى عال في السلطة في القضية». وأضاف «لقد حصلت اكثر من مرة حادثة من هذا القبيل، وقيل انه تم تشكيل لجان تحقيق لكننا لم نر شيئا من النتائج». وأوضح السامرائي انه «منذ فترة ونحن نقول ان هناك اعتقالات غير قانونية وانتهاكات لحقوق الانسان وعمليات تعذيب تقوم بها الاجهزة الرسمية». واستغرب الحزب في بيان تلاه طارق الهاشمي، مساعد الامين العام للحزب، تصريحات الدكتور ابراهيم الجعفري قبل عدة ايام حول إبقاء بعض الوزراء ومن ضمنهم وزيرا الدفاع والداخلية ضمن تشكيلة الحكومة المقبلة بعد الانجازات والمشاريع الناجحة التي تم تحقيقها في وزارتيهما.

وقال الحزب «كان الاجدر برئيس الوزراء ان يكون العكس هو الصحيح»، مشيرا الى ان الحزب «اعلن مرارا أن هنالك اشخاصا يرتدون زي رجال وزارة الداخلية يداهمون البيوت الآمنة ليلا في أوقات حظر التجوال ويعتقلون العشرات من المواطنين الأبرياء، ويتم العثور على جثثهم بعد ثلاثة ايام ملقاة في منطقة بدرة وجصان وتارة في نهر دجلة وتارة في منطقة النهروان وغيرها من المناطق». واكد انه في حال «ثبت تورط وزارة الداخلية في هذه القضية فلا بد من إقالة الوزارة وحجب الوزير (بيان جبر صولاغ) عن منصبه». من ناحيتها، اتهمت هيئة علماء المسلمين في العراق «اجهزة وزارة الداخلية العراقية بممارسة عمليات تعذيب لمعتقلين، وبالتالي اطلاق سراحهم مقابل مبلغ من المال».

وقال الشيخ عبد السلام الكبيسي ان «الحكومة هي الخصم وتشن حملة لا سابق لها في التاريخ». وأضاف «نحن نطالب بفتح تحقيق دولي من الامم المتحدة او اي طرف آخر لوضع حد لهذه الممارسات». وأكد الكبيسي ان «لدى الهيئة من الوثائق الكثير بالصوت والصورة لمعتقلين تم تعذيبهم، ونحن اعطينا هذه الوثائق للأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى» خلال زيارته الاخيرة لبغداد الشهر الماضي. وقال ان «عناصر وزارة الداخلية يأخذون الناس في الليل من بيوتهم ويبقونهم شهرا او شهرين قبل الافراج عنهم مقابل مبالغ مالية». وأوضح ان «هناك 170 عضوا من الهيئة قيد الاعتقال حاليا، نحن اتصلنا بإبراهيم الجعفري مطالبين التسريع بمحاكمتهم لا إطلاق سراحهم، وكل ما حصلنا عليه هو اطلاق سراح امام واحد مصاب بجلطة وتم نقله الى مدينة عمان الطبية في الاردن للعلاج».

وأشار الكبيسي الى ان «هناك معتقلا آخر يدعى حارث السامرائي اعتقل في 17 يوليو (تموز) الماضي، وتم اطلاق سراحه منذ نحو اسبوعين، وعندما رأيته لدى خروجه بدا وكأنه ميت، عبارة عن هيكل عظمي، وكانت على جسده آثار سكاكين كهربائية، وأطلق سراحه مقابل 110 آلاف دينار عراقي (80 دولارا)». واتهم الكبيسي قوات الأمن العراقية بـ«إجبار المعتقلين على الادلاء باعترافات تحت التعذيب»، وعرض قسما منها على التلفزيون الحكومي العراقي (العراقية).

وقال حسين كمال، نائب وزير الداخلية العراقي، لوكالة رويترز ان عدد المحتجزين 161 شخصا وانهم جميعا كانوا يتعرضون لمعاملة غير لائقة، وكانت ترتكب بحقهم انتهاكات. وقال لشبكة «سي ان ان»: «لم أر مثل هذه الحالة قط خلال العامين الماضيين في بغداد.. هذه أسوأ حالة». وأضاف «رأيت آثار انتهاكات جسدية عن طريق الضرب الوحشي.. كان هناك معتقل أو اثنان مصابان بالشلل.. وبعضهم جلده مقشر في أكثر من موضع». وقال «ان هذا أمر غير مقبول، وان الوزير والجميع في العراق يدينونه». وأضاف ان الذين أساءوا معاملة هؤلاء السجناء أو غيرهم من المحتجزين في العراق سيتحملون المسؤولية القانونية وسيحالون للعدالة.

وكان الجعفري اكد اول من أمس انه أمر بتشكيل لجنة للتحقيق في القضية وقال «وصلتني أخبار عن وجود 173 معتقلا عراقيا في السجن التابع لوزارة الداخلية يعانون من سوء التغذية، وهناك كلام انهم تعرضوا للتعذيب». وأضاف «باشرت فورا بتشكيل لجنة يرأسها احد نوابي وتضم عددا من الوزراء.. على امل ان تقدم نتائج عملها خلال اسبوعين».

وفي واشنطن وصف آدم ايريلي المتحدث باسم وزارة الخارجية المزاعم بأنها «مثيرة للقلق». وقال ان الولايات المتحدة تريد من العراق ان يعاقب الجناة اذا ثبتت صحة الاتهامات. وقال المتحدث «نحن لا نمارس التعذيب. ولا نعتقد انه ينبغي للآخرين ان يمارسوا التعذيب».

وكانت القوات المتعددة الجنسيات والسفارة الاميركية في العراق اعتبرتا أول من أمس، أن سوء معاملة المعتقلين أمر غير مقبول. وجاء في بيان صادر عن السفارة الاميركية والقوة المتعددة الجنسيات، ان السفير الاميركي زلماي خليلزاد والجنرال جورج كايسي قائد هذه القوة، بحثا المسألة مع مسؤولين عراقيين. وقال البيان «اتفقنا مع المسؤولين العراقيين على ان سوء معاملة المعتقلين غير مقبول بتاتا». وتابع ان «الحكومة العراقية ستجري تحقيقا وتلاحق وتحيل امام القضاء كل المسؤولين عن انتهاك (حقوق) المعتقلين. وستقدم السفارة الاميركية والقوة المتعددة الجنسيات المساعدة بما في ذلك مساعدة عملاء في وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي(اف بي اي)». وتأتي هذه المزاعم بعد عام من فضيحة سجن أبو غريب الواقع غرب بغداد والذي تديره القوات الاميركية، حيث تبين ان جنودا أميركيين ارتكبوا انتهاكات جسدية وتعاملوا بشكل مهين مع سجناء عراقيين. وخضع ثمانية جنود أميركيين برتب صغيرة حتى الآن للمحاكمة العسكرية بسبب الانتهاكات.