قمة المعلومات: أنباء عن اتفاق حول الهيمنة الأميركية على الإنترنت

بن علي يدعو لمعايير أخلاقية .. وأنان قلق لعدم توفر الشبكة لغالبية البشر

TT

تونس ـ الوكالات: افتتح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي صباح أمس في العاصمة التونسية، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عن 170 دولة بينهم عشرون رئيساً، أعمال القمة العالمية الثانية حول مجتمع المعلومات التي ترمي الى سد الفجوة الرقمية بين البلدان الفقيرة والغنية. وتردد أن اتفاقاً بالخطوط العريضة لمعالجة قضية الهيمنة الأميركية على شبكة الإنترنت، قد حظي بقبول الأطراف المعنية، على أن يتم الإعلان عنه غداً مع اختتام أعمال المؤتمر. يُشار الى أن تعرض صحافيين أجانب لاعتداءات، قد ألقى بظلاله على القمة. وكانت جلسة الافتتاح قد بدأت بعيد الساعة العاشرة (التاسعة بتوقيت غرينتش) بمشاركة الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات، يوشي أوتسومي. واستهلها الرئيس التونسي بكلمة جاء فيها أن «القمة تتطلع الى برامج عملية تساهم في معالجة المسائل التي يطرحها مجتمع المعلومات مثل الهوية والتنوع وقضية الخصوصيات الثقافية للشعوب إضافة الى بعض الظواهر التي يفرزها مجتمع المعلومات والتي أصبحت مصدر انشغال متزايد لما تمثله من خطورة على المجتمعات».

ودعا بن علي المشاركين في اللقاء الى «طرح تساؤلات عن مدى مصداقية المعلومة ومصادرها واحترامها للمعايير الأخلاقية المتفق عليها، سواء تلك التي تؤجج العنصرية والتمييز والكراهية وتدعو الى التطرف والإرهاب، أو تلك التي تبث الادعاءات والافتراءات وتعتدي على حق الفرد في الحصول على المعلومة، علاوة على «الاستخدام التجاري لقواعد البيانات بطرق غير مشروعة». وطالب بـ«ضرورة ضبط معايير أخلاقية كونية تكون بمثابة الحاجز الواقي لمجتمعاتنا من الاستعمالات السلبية لوسائل الاتصال الحديثة».

ومن ناحيته، أعرب أنان في كلمته عن الأسف «لأن المكاسب المتوقعة من مجتمع المعلومات تبقى غير متوفرة لعدد كبير جدا من الناس». وقال إن «العوائق كما يبدو سياسية أكثر منها مالية. من الممكن خفض كلفة الربط وأجهزة الكومبيوتر والهواتف النقالة». وأضاف «يمكننا جعل هذه الأمور متوفرة وبكلفة قليلة للجميع. لكن يجب أن نتحلى بإرادة التحرك». يُذكر أن الأمين العام للمنظمة الدولية كان قد أطلق فكرة هذه القمة عام 2001 بهدف ربط كل بلدات العالم بالإنترنت بحلول عام 2015.

وأفاد منظمو القمة بأن خدمة الإنترنت متوفرة لمليار إنسان من اصل ستة مليارات نسمة (عدد سكان العالم)، الأمر الذي دعا الى ترتيب هذا الملتقى الرامي الى البحث في سبل إتاحة الفرصة أمام هؤلاء المحرومين، خصوصاً في أفريقيا والشرق، للاستفادة من هذه الخدمة. لكن الدول الغنية تعارض حتى الآن مبدأ المساهمة الإلزامية في تطوير الإنترنت في دول الجنوب.

واعتبر أنان أن مجتمع المعلومات «غير ممكن من دون حرية» في وقت وجهت فيه منظمات مدافعة عن حرية الصحافة انتقادات لعقد القمة في تونس. وأضاف أن «الحرية هي التي تسمح لسكان كل الدول الاستفادة من المعارف وللصحافيين بالقيام بعملهم وللمواطنين بمحاسبة حكوماتهم». وأضاف «من دون الحرية لا يمكن لمجتمع المعلومات الذي نرغب في إقامته أن يرى النور».

الى ذلك، أفيد بأن القمة شهدت تطوراً لافتاً لجهة تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وجهات أخرى تطالبها بعدم إحكام سيطرتها على الإنترنت. وينتظر أن يتم إقرار الاتفاق الذي توصلت إليه لجنة تحضيرية بعد ثلاثة أيام من المناقشات، قبل اختتام الاجتماعات غداً، وينص على تسوية بين موقف الولايات المتحدة التي ترفض أي تعديل على النظام الحالي للإشراف على الشبكة وموقف غالبية كبيرة من الدول التي تطالب بإشراف دولي.

وتبدو صيغة الاتفاق قريبة من اقتراح تقدم به الاتحاد الأوروبي لإقامة «منتدى» دولي يهدف الى مناقشة المسائل المتعلقة بالإنترنت مثل الرسائل الإلكترونية غير المرغوب فيها (سبام) والفيروسات المعلوماتية والجريمة عبر الإنترنت. وهذا المنتدى الذي يدعو إليه أيضا الأمين العام للأمم المتحدة ، سيعقد أول اجتماع له العام المقبل في اليونان. وتنص التسوية أيضا على عملية تعاون برعاية «منظمات دولية معنية» لإقامة إشراف دولي على الإنترنت. لكن لن تكون لهذه الإجراءات الموازية أية سلطة على شركة «إنترنت كوربوريشن فور أسّايند نيمز أند نمبرز» (إيكان) في كاليفورنيا النافذة جدا والمكلفة تحديد «النطاق» على الشبكة مثل «.كوم» (دوت كوم) و«.أورغ» (دوت أورغ) وغيرهما. وترفض واشنطن، التي تشرف على هذه الهيئة الخاصة، تغيير الوضع الحالي. وقال كبير المفاوضين الأميركيين، ديفيد غروس «لم نغير أي شيء في ما يتعلق بدور الإدارة الأميركية حول الجوانب التقنية التي تثير قلقنا كثيرا». وأضاف «أقرت دول العالم باهمية الإنترنت ونموها، ولم يتسبب أحد بمشكلة كان من شأنها لجم هذا النمو»، مرحبا في الوقت ذاته بالإبقاء على دور القطاع الخاص المهيمن في هذا المجال. وأيدت الشركات الخاصة المشاركة في النقاش إبقاء الوضع على حاله. ورحبت الدول الأخرى بتشكيل المنتدى الذي سيسمح بمواصلة الحوار، في حين كان فشل النقاشات يهدد بظهور شبكات إنترنت متنافسة على المدى الطويل. وكانت واشنطن تعارض بقوة وضع شركة «إيكان» تحت وصاية هيئة من الأمم المتحدة، معتبرة أن ذلك قد يمنح دولاً لا تحترم حرية التعبير سلطة على الإنترنت، وهو موقف تشاركها فيه منظمة «مراسلون بلا حدود» الفرنسية المدافعة عن حرية الصحافة.

وتنعقد القمة العالمية الثانية للمعلومات وسط أجواء من الشكوك في صدق توجه تونس نحو الديمقراطية وحرية الرأي، حيث وجهت لها اتهامات بتقييد حركة الصحافيين والحد من حرية الصحافة وعدم احترام حقوق الإنسان. وكان صحافيون أجانب عكفوا على إعداد تقارير عن سجل تونس في هذا المجال، قد تعرضوا لاعتداءات أثار بعضها احتجاجات رسمية. وكانت الحكومة الفرنسية قد طالبت تونس أول من أمس بضمان حرية الإعلام، بعدما تعرض صحافي فرنسي للضرب على أيدي مجهولين.

وكان عدد من الرجال قد هاجموا كريستوف بولتانسكي الصحافي بجريدة «ليبراسيون» اليومية اليسارية يوم الجمعة الماضي وطعنوه بينما كان يعد موضوعا يتعلق بالمخاوف المتصلة بوضع حقوق الإنسان في تونس. وقالت منظمة «صحافيون بلا حدود»، التي تتخذ من باريس مقرا لها، إنها تعتقد أن عناصر تابعة لأجهزة الأمن التونسية هي من نفذ الهجوم على الصحافي الفرنسي.

وأشارت أيضا إلى أن رجال شرطة يرتدون الزي الرسمي هاجموا فريقاً تلفزيونياً بلجيكياً كان يعد تقريرا حول القضية ذاتها وصادروا أشرطة فيديو خاصة بالفريق.