مزاعم بشأن اختراق منظمة «بدر» مغاوير الشرطة المشتبه بمسؤوليتهم عن فضيحة السجناء

TT

بين رجال الأمن المسلحين في شوارع بغداد هذه الأيام لا يمكنك أن تتجنب مشاهدة مغاوير الشرطة وهم بزيهم الرسمي وستراتهم المضادة للرصاص ونظاراتهم الشمسية السوداء أو الأقنعة على وجوههم، يتجولون في اماكن ازدحام المرور في بغداد بسيارات الشرطة أو بشاحنات مموهة، مبعدين السواق المتوتري المزاج عن طريقهم بأوامر تطلق بصوت عال وإطلاق الرصاص في الهواء بين حين وآخر.

ومغاوير الشرطة هم جزء من قوات الأمن العراقية التي تقول ادارة الرئيس الأميركي بوش، انها ستحل تدريجيا محل القوات الأميركية. ولكن المغاوير واجهوا اللوم بسبب موجة من عمليات الخطف والقتل في أنحاء بغداد منذ الربيع. وقال عدد من المسؤولين الحكوميين العراقيين والمقيمين الغربيين ببغداد، ان واحدة من هذه المجموعات، تحمل اسم لواء البركان، تعمل كفرقة موت، تحت تأثير أو قيادة منظمة بدر الشيعية المدعومة من ايران.

وقالت المصادر انه في الأشهر الستة الماضية اخترقت بدر بصورة واسعة وزارة الداخلية التي تعمل قوات المغاوير تحت إمرتها. وتتهم بدر أيضا بإدارة السجن السري التابع لوزارة الداخلية الذي شنت القوات الأميركية غارة عليه يوم الاحد الماضي. ويقول مقيمون في منطقة غرب بغداد تضم سكانا من الشيعة والسنة، انه في الساعة الثانية من فجر يوم 23 أغسطس (آب) الماضي، قام رجال يرتدون زي لواء البركان ويستخدمون سياراته باعتقال العشرات من أبناء المنطقة. وقال أحمد أبو يوسف، السني العاطل عن العمل، البالغ 33 عاما «تلقيت مكالمة هاتفية من ابناء عمي» الذين كانوا في مكان قريب. طلبوا مني البقاء مختبئا لأن مغاوير البركان في الشوارع يعتقلون السنة». ولمدة ثلاث ساعات اقتحم المغيرون بيوتا سنية وأوثقوا ايادي العشرات من الرجال ووضعوهم في الشاحنات. وأنهوا الهجوم وتوجهوا بالسيارات خارج الحي قبل صلاة الفجر، وفقا لما قاله أبو يوسف.

وأضاف ابو يوسف، «انه بعد يومين وعلى بعد 90 ميلا وجد مقيمون في مدينة بدرة القريبة من الحدود الايرانية، جثث 36 من الرجال في ساقية وأياديهم موثقة وقد اخترق الرصاص رؤوسهم». وكان بينهم اثنان من ابناء عمه اللذين كانا قد حذراه بالهاتف.

ونفى آمر لواء البركان باسم الغراوي ارتكاب قوته المذبحة، ولكن أشخاصا من السنة والشيعة على صلة مع الوحدة، وبعضهم مسؤولون أمنيون رفيعو المستوى، قالوا انها شاركت في العمل سواء بمفردها أو مع ميليشيا بدر. وقال مسؤول حكومي «لا يمكن لأحد أن يتحدث صراحة عن مغاوير البركان لأنه من السهل أن يقتل». وفي هذه الأيام تبدو شوارع أحياء بغداد مثل مناطق حرب أهلية، حيث تغلق محلات أبوابها، بل ويغلق بعض السنة شوارعهم الفرعية بالحواجز، ويحرسون مناطقهم في الليل.

وتقول ادارة بوش ان بناء قوات الجيش والشرطة في العراق يساعد على تحقيق الاستقرار قي البلاد وسيوفر بالتالي فرصة انسحاب القوات الاميركية. وفي العام الماضي ساعد الجيش الأميركي على بناء قوات المغاوير. وتشكلت اولى قوات المغاوير، وهي لواء الذئب ولواء العقرب، العام الماضي عندما كان فلاح النقيب وهو سني وزيرا للداخلية، وضمت الكثير من السنة الذين كانوا قد عملوا في قوات أمن صدام القمعية وحزب البعث الحاكم. اما لواء البركان فقد تشكل في عهد الحكومة الحالية التي يقودها الشيعة، وهو «في معظمه من الشيعة المنتسبين الى ميليشيا بدر» وفقا لمصدر شيعي مقرب من الوحدة طلب عدم الاشارة الى اسمه خشية التعرض الى القتل.

وفي أول عامين من الاحتلال كان المتطرفون من السنة يهيمنون على العنف في العراق، خصوصا المفجرين الانتحاريين الذين حصدوا ارواح المئات من الشيعة في الأماكن المقدسة والمناسبات الدينية. وفي اعقاب هيمنة الشيعة بعد انتخابات يناير(كانون الثاني) الماضي وإقامة حكومة مؤقتة، يبدو أن الشيعة راحوا يوجهون الضربة المعاكسة خصوصا في الهجمات على السنة في أحياء بغداد.

وباتت المذابح ممارسة مألوفة في الوقت الحالي، حيث وجد العشرات من القتلى في المزارع الفارغة والشوارع الخلفية ومجاري المياه ببغداد، ومعظمهم أطلق الرصاص على رؤوسهم وأياديهم موثقة، وفقا لما أوردته تقارير من الصحافة ومنظمات مدنية. وكثير من هؤلاء هم ضحايا المعارك بين السنة والشيعة غرب بغداد.

وينفي وزير الداخلية بيان جبر صولاغ، ان تسمح وزارته بمثل أعمال القتل هذه، وقال ان وزارته تجري تحقيقات بشأن انتهاكات حقوق الانسان من جانب الشرطة. وقال دبلوماسي غربي ان الحكومة الأميركية «غير مقتنعة بنتائج هذه التحقيقات، وتضغط من اجل جعلها علنية لتظهر أن قوات الأمن العراقية لا يمكن أن تعمل بثقافة الإفلات من العقاب». وقد تولى صولاغ، وهو احد قادة المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق، منصب وزارة الداخلية بعد أن فاز المجلس بنسبة كبيرة في انتخابات يناير الماضي، وسرعان ما عين الموالين للمجلس ولمنظمة بدر، التي تعد الجناح العسكري للمجلس، في مناصب أمنية أساسية. وقال صالح المطلك، السياسي السني البارز وخصم المجلس الأعلى للثورة الاسلامية ان «كل قطاع من قطاعات الشرطة» فيه خلايا بدر، وهم «قادرون على العمل بمفردهم واستخدام سيارات الشرطة وبدلاتها وأسلحتها في عمليات بدر، بينما يمكن لأشخاص من ذوي المناصب العليا ان يقولوا، وبعضهم عن حق، انهم لا يعرفون شيئا عن ذلك».

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»