المرحلة الأولى للانتخابات المصرية تكرس «الإخوان» كقوة معارضة رئيسية

فازوا بـ 34 مقعدا ويؤكدون أنهم لم يتوقعوا هذه النتائج

TT

فجرت نتائج جولة الإعادة من المرحلة الأولى لانتخابات البرلمان المصري التي أجريت أمس الأول مفاجآت كان لها وقع الصدمة خاصة على الحزب الوطني بعد فوز جماعة الإخوان المسلمين بـ 30 مقعداً في هذه الجولة ليرتفع رصيدها إلى 34 مقعداً خلال المرحلة الأولى، فيما لم تتجاوز مقاعد الحزب الوطني الرسمية أكثر من 42 مقعداً ليرفع رصيده إلى 68 مقعدا خلال هذه المرحلة ويسعى لزيادتها لنحو 100 مقعد في ظل مفاوضات يجريها مع المستقلين الفائزين للانضمام إلى صفوفه والذين سبق انشقاقهم عن الحزب قبل الانتخابات بعد استبعاد الحزب لهم من قوائم مرشحيه. وحافظت الجبهة الوطنية للتغيير، المعارضة، على بعض من ماء الوجه بعد فوزها بـ 6 مقاعد بينها اثنان لحزب التجمع (محمد عبد العزيز شعبان ومحمد تليمة)، ومثلهما للوفد (احمد ناصر وطارق سباق)، وسعد عبود ممثلا لحزب الكرامة (تحت التأسيس) بالإضافة إلى الصحافي مصطفى بكري ممثلا للتجمع الوطني.

وحصل المستقلون على 56 مقعداً، بينهم رجب هلال حميدة، ويمثل المنشقين عن حزب الغد، وحيدر بغدادي (ناصري مستقل)، وكان من أبرز النتائج على قائمة المستقلين فوز طلعت السادات وشقيقه محمد أنور السادات ابني شقيق الرئيس المصري الراحل أنور السادات بمقعدي الفئات والعمال في تلا بالمنوفية.

المفاجأة لم تصب الوطني وحده ولكنها أصابت الإخوان أيضاً حيث لم يتوقع أكثر المتفائلين في الجماعة الحصول على هذا العدد من المقاعد خاصة أن الجماعة ظلت تروج على مدى الأيام الماضية اتهامات بتزوير الانتخابات وتنفيذ إجراءات غير قانونية لصالح الحزب الوطني.

صدمة الوطني لم تكن فقط بسبب نتائج الإخوان ولكنها تزايدت بسبب الخسارة التي مني بها عدد كبير من رموز الحزب وقياداته على رأسهم عضو لجنة السياسات الدكتور حسام بدراوي، وفايدة كامل أقدم نائبة برلمانية في مصر، وطلعت القواس وحشمت فهمي وثريا لبنة وممدوح ثابت مكي وغيرهم من رموز الحزب.

النتائج المفاجئة فرضت على كل طرف تغيير خطط تحركه بشكل مختلف، وأكدت مصادر مطلعة داخل الحزب الوطني أن نذر أزمة عنيفة تفجرت منذ إعلان النتائج وبدأت تحركات بإجراء مفاوضات عاجلة مع المستقلين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان لإعادة ضمهم إلى صفوفه في ظل الموقف الحرج الذي أصبح يواجهه خاصة أن جماعة الإخوان حصلت على دفعة معنوية وسياسية غير مسبوقة وباتت تطمع في تحقيق انجاز تاريخي من خلال المرحلتين القادمتين للانتخابات خاصة أن القوة المركزية للجماعة تتركز في الكثير من محافظات الوجه البحري التي لم تجر بها الانتخابات بعد وعلى رأسها محافظات الدقهلية والشرقية والغربية والبحيرة والإسكندرية.

ومن جانبها بدأت الجماعة تحركات سريعة لدعم مرشحيها في انتخابات المرحلة الثانية على أمل تحقيق انجاز مماثل في هذه المرحلة على غرار ما تحقق في المرحلة الأولى، رغم وجود توقعات بأن الجولتين القادمتين ستكونان الأكثر سخونة خوفاً من أن يفشل الحزب الحاكم في الحفاظ على مقاعد الأغلبية التي تتيح له تمرير القوانين وسن التشريعات. وكان لفوز جبهة المعارضة بـ 6 مقاعد في هذه المرحلة وقع إيجابي بعد فشلها خلال الجولة الأولى من الفوز بأي مقعد خاصة أن الجبهة كانت قد رهنت قرارها بالانسحاب من الانتخابات على نتائج الإعادة، وهذا ما سيدفعها إلى حشد جهود أكثر للفوز بالمزيد من المقاعد.

وكان أكبر مفارقات نتائج هذه المرحلة ما حدث في دائرة مدينة نصر ومصر الجديدة، وهي الدائرة التي يقع بها مقر الرئاسة المصرية، ويقيم بها مرشد الإخوان مهدي عاكف، حيث صدر حكم قبل يوم واحد من إجراء انتخابات الإعادة فيها لوقف الانتخابات وتم الاستشكال عليه حيث أجريت، وفيما كانت اللجنة الخاصة تستعد لإعلان النتائج التي كانت تشير لفوز مرشحي الإخوان الدكتورة مكارم الديري وعصام مختار حسب تأكيدات الجماعة، صدر قرار بوقف عملية الفرز التزاماً بحكم محكمة القضاء الإداري وذلك قبل وقت قصير من إعلان النتائج ليتجمهر أنصار الإخوان احتجاجاً على القرار.

وفيما كاد الموقف ينتهي عند هذا الحد فوجئ الجميع بالعدول عن القرار، وتم إعلان النتيجة بفوز مرشح الوطني مصطفى السلاب على مقعد الفئات، وفوز مرشح الإخوان عصام مختار بمقعد العمال، وهو ما ترددت على أثره أنباء تفيد بوجود صفقة أبرمت بين الوطني والإخوان باقتسام المقاعد.

وبدا لافتاً أن جماعة الأخوان حققت تفوقاً غير مسبوق في هذه المرحلة حيث اخترقت مواقع حصينة خاصة بالحزب الوطني مثل محافظة المنوفية مسقط رأس الرئيس المصري حسني مبارك وفازت بـ 9 مقاعد، وفي الصعيد فازت بـ 12 مقعداً في ثلاث محافظات هي المنيا وبني سويف وأسيوط، بالإضافة إلى 3 مقاعد في بني سويف ومقعدين في أسيوط و9 مقاعد في القاهرة و4 في الجيزة.

من جانبه نفى المرشد العام للجماعة مهدي عاكف احتمالات قيام جماعته بالسعي لتشكيل حزب سياسي بعد النتائج المفاجئة التي حققها مرشحو الإخوان، وقال «ليس لدينا أي نية للتقدم بحزب سياسي في ظل وجود القوانين الدستورية الحالية وتقييد الحريات وعدم دستورية لجنة شؤون الأحزاب» مؤكداً أن الجماعة لن تتقدم بأي إجراءات لرفع قرار الحظر عنها المفروض منذ عام 1954 .

وأعتبر عاكف أن النتائج تدل على أن الشعب المصري العظيم اختار الإخوان ومنهجهم ورؤيتهم للإصلاح، مؤكداً أن الحزب الوطني كان ظالماً ولم يهتم بمصلحة الوطن والمواطنين.

أما النائب الأول للمرشد العام للجماعة الدكتور محمد حبيب، المسؤول الأول عن ملف الانتخابات داخل الجماعة، فاعترف بأنه لم يكن يتوقع هذه النتائج، وقال «إن الانتخابات دائماً ما تحمل المفاجآت وعادة لا تكون سارة لما تعودناه من ممارسات الدولة» مؤكداً أن الشعب المصري كان لديه حس ووعي سياسي واجتماعي عال واستطاع التمييز بين الصواب والخطأ وأنه وضع ثقته في الإخوان الذين لن يخذلوه».

وأكد حبيب أنه كانت لدى الإخوان إرادة سياسية وأن الخروقات لم تكن عامة ولكنها كانت مقتصرة على دوائر بعينها وأن الإخوان بذلوا مجهوداً كبيراً خلال الفترة الماضية.

وعن المفاجأة التي حققها الإخوان في الصعيد قال حبيب إن هناك تصوراً مغلوطاً بأن الإخوان موجودون في أماكن وغير موجودين في أماكن أخرى والنتائج تؤكد أن الإخوان لهم حضور كبير ومنتشرون ومتفاعلون مع الناس في كافة الشرائح في كل مكان وربما لا يكون بنفس الكثافة ولكنهم موجودون. ونفى حبيب أن تكون التجاوزات حدثت بشكل معمم هذه المرة، وقال «من يقول هذا فهو غير منصف وغير موضوعي، فقد كانت هناك دوائر هادئة لم تحدث فيها تجاوزات وأخرى حدثت فيها خروقات، والأمن لم يتدخل، ولكن هناك اختلالات موجودة مثل ما حدث في الكشوف والتصويت الجماعي والقيد».

ونفى حبيب مزاعم وجود صفقة بين الإخوان والوطني في دائرة مدينة نصر وقال «هذا كلام عار من الصحة» متوقعاً أن يواصل الإخوان أداءهم القوي خلال المراحل القادمة، مطالباً الجبهة الوطنية ببذل جهد أكبر من أجل تشكيل قوة معارضة قوية داخل البرلمان ولمنع عملية الاستقطاب التي بدأها الحزب الوطني لضم مستقلين، لافتاً إلى أن إنجاز الإخوان خصم من رصيد (الوطني) وأن ذلك سيزيد المواجهة سخونة في المراحل القادمة باعتبار أن كثافة الإخوان وكتلهم التصويتية أكثر حضورا في محافظات لم تجر فيها الانتخابات بعد.