«حزب الله» و«أمل» و«التيار العوني» تنفي نيتها التحرك ضد الحكومة

سياسيون لبنانيون يرفضون التحريض الإعلامي السوري على التظاهر

TT

يبحث مجلس الوزراء اللبناني في جلسته الأسبوعية اليوم، موضوع دعم مادة المازوت وخفض أسعار بيعها من المستهلكين خلال فصل الشتاء. فيما تواصلت أمس التحركات الاحتجاجية في منطقة البقاع بالتزامن مع صدور مواقف تنتقد التحريض الإعلامي السوري على تحريك الشارع في مواجهة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة لهز الاستقرار اللبناني.

وكان الرئيس السنيورة قد أشار الى أن كلفة دعم المازوت خلال اشهر الشتاء المقبلة ستكلف خزينة الدولة مبلغاً يراوح بين 85 ملياراً و90 مليار ليرة لبنانية (حوالي 60 مليون دولار). وطلب الى وزير الطاقة محمد فنيش، بصفته معنيا بهذا الملف، تقديم دراسة الى مجلس الوزراء تتضمن توفير بدائل كلفة الدعم بما يوفر على الخزينة العامة المزيد من العجز.

وفي حين نفى كل من «حزب الله» وحزب «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» نيتها المشاركة في أي تحرك مطلبي في بيروت اليوم قد يؤدي للإخلال بالاستقرار والأمن العام، رهن الاتحاد العمالي العام تحركه مستقبلا بوضع الحكومة خطة لمعالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية، مما يعني أن هذه الأطراف لن تشارك في أي مظاهرة او حشد اليوم، خلافاً لما كانت قد أوحت به صحيفة «تشرين» السورية قبل أيام.

وكانت التعبئة التربوية في «حزب الله» دعت الى مظاهرة أمام سرايا بعلبك أمس شارك فيها مئات الطلاب احتجاجاً على ارتفاع سعر المازوت. وطالب المتظاهرون رئيس الحكومة بـ«خفض سعر المازوت أو الرحيل».

وانضم الى المتظاهرين النائب كامل الرفاعي وعلي المقداد وعدد من أعضاء المجلس البلدي والنقابات. فيما تولى عناصر من الجيش وقوى الأمن الداخلي المحافظة على الأمن. وألقيت كلمات باسم الطلاب والهيئات التعليمية، ثم طالب النائب الرفاعي بخفض سعر صفيحتي البنزين والمازوت، ناقلاً عن الرئيس السنيورة تفهمه لأوضاع الناس والفقراء ووعده بدراسة الموضوع مع وزير الطاقة والمياه محمد فنيش.

ومن جهته، تناول النائب المقداد في كلمته أوضاع بعلبك ـ الهرمل، لافتاً الى أن «البطالة تتفشى والفقر يزداد ومعدل الهجرة يرتفع والمنطقة لا تزال معلنة منطقة عسكرية»، مطالباً بخفض سعر المازوت وعدم رفع سعر البنزين وطرح الموضوع على طاولة مجلس الوزراء «فخسارة مليارات عدة أفضل من خسارة منطقة بكاملها».

كذلك نفذ أهالي الهرمل وطلاب وفاعليات اجتماعية اعتصاماً أمام السرايا، للمطالبة بخفض سعر المازوت.

وبالنسبة الى ما تردد عن مظاهرات ستنظم اليوم، نفت مصادر في «حزب الله» وحركة «أمل» لـ«الشرق الأوسط» أن يكون أي قرار قد اتخذ للمشاركة في مثل هذه التحركات.

وعلى صعيد ردود الفعل على التحريض الإعلامي السوري، قال عضو كتلة «تيار المستقبل» النيابية النائب وليد عيدو: «إن ما ورد في صحيفة «تشرين» السورية من دعوة الى التظاهر وإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة هو أمر عمليات مرفوض وتدخل في مخطط الفتنة في لبنان. ولا أعتقد أن أمر العمليات الذي صدر في صحيفة «تشرين» السورية يجد من ينصاع إليه ويلتزم به خلافا للمصلحة اللبنانية العليا».

وتابع عيدو: «نحن، إذ نأسف لهذا التدخل الفاضح في الشؤون اللبنانية الداخلية المتمثلة بأمر العمليات الصادر عن جريدة «تشرين»، نتمنى على الحكومة وعلى وزير الطاقة أن يضعا مصلحة لبنان والشعب اللبناني في طليعة اهتماماتهم عند النظر في موضوع دعم المازوت المعروض غداً على جدول أعمال مجلس الوزراء». وخلص الى القول: «إننا ننظر بعين التفهم لمطلب دعم سعر المازوت مع اقتراب فصل الشتاء. لكننا نرفض أن يكون هذا الموضوع مادة خلافية تدفع بالبلاد نحو الفوضى التي يريدها البعض وتهلل لها صحيفة «تشرين». أما موضوع الحكومة، فنحن نقدر عاليا الحكمة والرؤية التي يتحلى بها الرئيس فؤاد السنيورة الذي يلقى دعما شعبيا واسعا لا تؤثر فيه بعض الأصوات أيا تكن ومن أي جهة أتت».

وفي طرابلس، اجتمع وزير الأشغال والنقل، محمد الصفدي، بنواب المدينة محمد كبارة، ومصباح الأحدب، وسمير الجسر ومصطفى علوش. وعرضوا الأوضاع السياسية في البلاد عموماً وفي مدينة طرابلس خصوصاً، وأصدروا بياناً أكدوا فيه «مواصلة مسيرة الاستقلال والمصالحة الوطنية التي اختارتها طرابلس والتصدي لأي محاولة لكسر إرادة الناس، ودعم جهود الحكومة في تثبيت الاستقرار السياسي والأمني ومطالبتها بمزيد من الخطوات لتحسين الوضع المعيشي ومساعدة الشرائح المحدودة الدخل على تجاوز المرحلة الصعبة».

وأيد المجتمعون «المطلب المحق بدعم سعر صفيحة المازوت في فصل الشتاء»، وأعربوا عن «إدراكهم للمشاكل المزمنة التي تواجهها مدينة طرابلس. وقد قرروا مواصلة المشاورات للبحث في إجراءات عملية لتعزيز الأوضاع المعيشية وخصوصاً في المناطق الأكثر حرماناً. واتفقوا على عقد اجتماعات دورية مع جميع نواب المدينة لمتابعة الأوضاع».

من جهته، علق النائب نعمة الله أبي نصر على ما ورد من تحريض في صحيفة «تشرين»، قائلاً: «كنا نتمنى لو أن جريدة «تشرين» قد أجرت نقدا ذاتيا لمرحلة السيطرة والوصاية السورية على لبنان، بهدف فتح صفحة جديدة في العلاقات التي نريدها فعلا أخوية صادقة ومميزة. كنا نتمنى لو أن صحيفة «تشرين» لم تنشغل بتحديد خط سير المظاهرات وتعداد من سيشترك فيها، فتدلنا بدلا من ذلك على مواقع المقابر الجماعية للبنانيين، مدنيين وعسكرين، شهداء الوطن أيام الوصاية السوداء. كما كنا نتمنى لو دلتنا «تشرين» على نقاط الحدود الواجب ترسيمها وضبطها لمنع التهريب على أنواعه. وكنا نتمنى لو تحدثت الصحيفة المذكورة والإعلام السوري انطلاقاً من مبدأ النقد الذاتي البناء أيضا عن آلاف الارتكابات والانتهاكات والاتفاقات المجحفة بحق لبنان وشعبه واقتصاده ومؤسساته».

وأكد أبي نصر: «لن نستدرج الى الفتنة. ولن ننساق في لعبة فرق تسد. ولا يظنن احد أن بإمكانه استخدام القضايا الاجتماعية المحقة لتمرير مخططاته التخريبية بهدف طمس الحقيقة، فنحن معشر اللبنانيين الذين تعودوا الديمقراطية وتمرسوها، نواجه بالحوار والنقاش ونقارع بحجج الحق والتعبير القضائي الحر. نحن لا ننتمي الى ثقافة حرق الدواليب ولا تكسير المحال والسيارات والتعرض لحياة الناس وممتلكاتهم واقتصادهم متذرعين بشعار لقمة عيشهم».

وقال عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي، النائب إبراهيم كنعان: «إن المواقف السياسية وتلك الصادرة عن الأطراف والأحزاب والتكتلات لا أعتقد أنها تصدر بالواسطة، خصوصاً إذا كانت هذه الواسطة وسائل إعلامية وعلى الأخص صحيفة «تشرين»، وكأن عملنا اليومي سيصبح نفي الشائعات وسط حملة مبرمجة ضدنا، مع عتبنا على بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي لا تنشر مواقفنا». وأضاف: «نحن لم ندخل في هذا الموضوع من البداية. ورفضنا تسييس أي مطلب، سواء أكان شعبيا أم نقابيا أم اجتماعيا. ونرفض أن ندخل طرفا في الموضوع. كذلك نرفض أي تحريض يتخذ عنوانا معيشيا لتكون له لاحقا مدلولات سياسية».

وعن مشاركة «التيار الوطني الحر» في المظاهرات في زحلة، قال: «كان لنا موقف في زحلة. وتحدث النائب سليم عون في المناسبة، لكن إعطاء هذا الموقف أبعادا تصل الى حد المشاركة في مظاهرات تهدد الاستقرار وتسقط حكومة، هو موقف سياسي ولم يصدر عنا. ولسنا مشاركين فيه ولم نقل في أي وقت من الأوقات إنه يمكن أن نشارك في أعمال كهذه في المرحلة الراهنة».

وعن إمكان مشاركة التيار في خطوات عملية في الشارع ومنها التظاهر إذا دعا إليها الاتحاد العمالي العام، قال كنعان: «في المبدأ التظاهر هو حق ديمقراطي، لكننا ضد تسييس المبادرات الحاصلة، وضد أن تعتمد عنواناً لحرب سياسية معينة تدخل فيها أيضا أطراف إقليمية. فنحن لم تكن لنا أي علاقة في الماضي وفي العصر السوري الذهبي، وكنا في موقع المقاومة السياسية. ولن نسير اليوم في سياسة التحريض وإن كان غيرنا يتأثر من موقعه بشكل أو بآخر بهذه السياسة الخارجية».