هيئة دولية تقدر عدد المفقودين في حروب البلقان بـ40 ألفا

اللجنة الخاصة بمفقودي يوغوسلافيا تنوي توسيع نشاطاتها في العراق وسورية ولبنان

TT

عبرت لجنة دولية تعنى بشؤون المفقودين في حروب يوغوسلافيا السابقة، وتتخذ من سراييفو مقراً لها، عن اهتمامها بتوسيع نشاطاتها الميدانية في دول عربية مثل العراق وسورية ولبنان.

وبالفعل تبرعت اللجنة بنظام قاعدة بيانات خاصة بعلوم الطب الشرعي (صممته اللجنة نفسها) إلى وزارة حقوق الإنسان بشمال العراق. كما قامت اللجنة بتدريب عدد من الخبراء في وزارة حقوق الإنسان بالعراق، وأطباء من معهد الطب العدلي ببغداد، وذلك في المراكز العلمية والميدانية التابعة للجنة بدولة البوسنة والهرسك.

وكانت اللجنة الخاصة بالمفقودين في يوغوسلافيا السابقة، قد تشكلت من قبل مجموعة الدول الصناعية السبع في قمتها بمدينة ليون الفرنسية عام 1996، بهدف المساعدة في حل مشكلة المفقودين بين عامي 1991 و1995، في كل من البوسنة والهرسك، وكرواتيا، واتحاد صربيا والجبل الأسود.

وتسعى اللجنة الآن لتوسيع نشاطاتها لتشمل مناطق أخرى مثل العراق وسورية ولبنان وجنوب شرقي آسيا، وذلك في محاولة منها لإيجاد الحلول لمشكلة المفقودين في تلك المناطق. ويقع المقر الرئيسي للجنة في مدينة سراييفو، كما أن لها مكاتب في كرواتيا، وصربيا والجبل الأسود، ومقدونيا، وكوسوفو.

وقالت رئيسة اللجنة كاترينا بومبرغر لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف الرئيسي للجنة هو مساعدة العائلات في معرفة مصير أقاربهم الذين فقدوا أثناء الصراعات المسلحة التي نشبت في منطقة يوغوسلافيا السابقة، وتقدم اللجنة مساعداتها للجميع بغض النظر عن الأصول العرقية أو الدينية». وتابعت: «تعتبر اللجنة المنظمة الأولى من نوعها التي تشكلت على هذا المستوى في فترة ما بعد الحرب». واستنادا إلى المعلومات المتوفرة لدى حكومات دول المنطقة، فإن معظم المفقودين ليسوا في عداد الأحياء. واللجنة تقدر عدد المفقودين في يوغوسلافيا السابقة بأربعين ألفا «استنادا إلى المعلومات المتوفرة لدينا من مختلف المصادر»، حسبما تضيف بومبرغر. ويعتقد أن معظم المفقودين اختفوا بطرق وأساليب عنيفة، كالقتل الجماعي ووضعهم في مقابر جماعية، نتيجة لعمليات منهجية نفذتها حكومة بلغراد في عهد الرئيس اليوغوسلافي الاسبق سلوبودان ميلوشيفيتش، أو قامت بها جهات مقربة منه أو موازية له باسم التعصب العرقي.

وتعتقد اللجنة بأن الكشف عن مصير الأشخاص الذين فقدوا بأساليب عنيفة لا يساعد فقط عائلات المفقودين في الوصول إلى ذويهم ومعرفة مصيرهم، بل ويساهم أيضا في معرفة الحقيقة وإرساء العدالة مما يؤدي إلى تحقيق المصالحة وترسيخ السلام في المنطقة.

وتقوم اللجنة الدولية لشؤون المفقودين بأنشطتها في دول يوغوسلافيا السابقة، حيث تعمل على كشف الحقائق حول مصير الأشخاص المفقودين في المناطق التي شهدت الحرب.

وتتركز نشاطات اللجنة كما تقول كاترينا بومبرغر على حث حكومات دول المنطقة على نشر المعلومات المتعلقة بالمفقودين، وتشجيعها على الاهتمام بفاعلية أكبر بقضية المفقودين من خلال المؤسسات التابعة لتلك الحكومات، والقيام بعمليات استخراج جثث الضحايا والتعرف على هوياتهم، وتقديم الدعم لمبادرات منظمات المجتمع المدني التي تسعى لحل مشكلة المفقودين. أما نشاطات اللجنة فتقوم على «تكثيف الجهود من أجل نشر المعلومات حول مصير المفقودين في الحروب، ودعم وتأييد المبادرات التي تسعى إلى تحسين امكانيات المؤسسات التابعة لحكومات دول المنطقة المعنية بقضية المفقودين، وتفعيل أدائها، واستخدام أحدث الطرق العلمية والوسائل التكنولوجية بهدف التعرف بدقة على هوية المفقودين، ودعم وتفعيل مبادرات المجتمع المدني التي تساعد بدورها أسر المفقودين والمجتمع بأسره للمشاركة في عملية نشر المعلومات ولفت انتباه الرأي العام إلى هذه المشكلة الكبيرة».

وتستند اللجنة في أداء عملها على ثلاثة برامج أساسية هي: مبادرات المجتمع المدني، والعلاقات مع الحكومات، وعلم الطب الشرعي. ويعد التعاون مع أسر المفقودين من أولويات عمل اللجنة حيث تعمل اللجنة مع أكثر من 70 جمعية ترعى مصالح أسر المفقودين في المنطقة كلها. وتصبو اللجنة من خلال مساعدتها لهذه الجمعيات إلى تفعيلها وتحسين أدائها لزيادة تأثيرها على المسؤولين الحكوميين وغيرهم من صناع القرار، وكذلك على الرأي العام، من أجل تضافر الجهود للسعي الجاد لمعرفة مصير ذويهم. وتشجع اللجنة «التعاون بين جمعيات الأسَر والتنسيق بين الفئات العرقية والشعوب والدول، وتساعد في تبادل المعلومات اللازمة لاستخراج الجثث والتعرف على هويتها، وبذلك تساهم اللجنة في تحقيق المصالحة الضرورية لتحقيق سلام دائم في هذه المناطق. كما تجمع اللجنة عن طريق شبكة جمعيات أسَر الضحايا المعلومات التي تساعدها في الوصول إلى أسر المفقودين وأخذ عينات الدم منهم».

وعن علاقات اللجنة مع الحكومات قالت بومبرغر «ان نشاط اللجنة السياسي يتجه نحو تكثيف المحاولات لحث الحكومات المعنية على نشر المعلومات حول أماكن المفقودين، ومنح التسهيلات اللازمة لتنفيذ برامج اللجنة». ويتمثل العمل الميداني للجنة، حسبما توضح بومبرغر، في «التعرف على أماكن المقابر الجماعية من خلال استخدام الطرق العلمية والتقنية التي تشمل الرصد الجيولوجي وتحاليل التربة والأجهزة الإلكترونية المختلفة». وتشترك اللجنة مع متخصصين وخبراء محليين ودوليين من أجل الحفاظ على سلامة الجثة قدر الإمكان مما يساعد في تحديد الهوية. وبعد استخراج الجثة، تعتمد اللجنة على تحليل الحمض النووي «دي ان ايه» من اجل تحديد الهوية.

وتوضح المسؤولة ان اللجنة ساهمت في نشاطات دولية اخرى تمثلت في تحديد هويات ضحايا هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في الولايات المتحدة، وضحايا اعصار كاترينا اخيراً في جنوب الولايات المتحدة وضحايا اعصار تسونامي في آسيا اواخر العام الماضي.

وتضم اللجنة في عضويتها الملكة نور عقيلة الملك الاردني الراحل حسين بن طلال، وهي مناضلة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، ورالف إيكيوس، عضو لجنة الأقليات القومية المشكّلة من قبل لجنة الأمن والتعاون الأوروبي، وويليام كوك، رئيس وزراء هولندا الأسبق، ومايكل بورتيلو، وزير الدفاع البريطاني الاسبق.

وقد تعاقب على رئاسة اللجنة كل من سايروس فانس في الفترة من 1996 الى 1997، ثم بوب دول، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة الاميركية، في الفترة من 1997 الى 2001. ومنذ 2001، اصبح جيمس كيمزي، مؤسس شركة «أميركا اونلاين»، رئيساً للجنة.

وحظيت اللجنة باهتمام دولي بالغ. وقال عنها الامين العام للأمم المتحدة كوفي انان «إن عمل اللجنة ليس فقط عملا نبيلا بل هو في غاية الأهمية لعملية التصالح وتحقيق السلام في فترة ما بعد النزاعات». وأشاد بها الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون قائلاً: «إن اللجنة تساعد على نشر الاهتمام الكامل والمناسب بالمفقودين». أما وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول فقال ان «اللجنة تمكنت من توطيد العلاقات مع العائلات والحكومات من أجل تحقيق العدل وإغلاق ملف المفقودين». وقال عنها ايضاً وزير الخارجية البريطاني جاك سترو «إن اللجنة تلعب دورا هاما في عملية تحقيق العدل والمصالحة بعد فترة الصراع».