صياغات توافقية تضع حدا لخلافات الأطراف العراقية في اجتماع القاهرة

مشروع البيان الختامي يدين الإرهاب ويدعو لجلاء القوات الأجنبية دون تحديد موعد

TT

بعد وساطات مكثفة استمرت حتى الساعات الأولى من صباح أمس استطاع وزراء الخارجية العرب وضع حد للخلافات والتراشقات التي اندلعت في اليوم الأول للاجتماع التحضيري لمؤتمر الوفاق الوطني.

وحسب مصادر عربية مطلعة داخل لجان المؤتمر الثلاث فانه تم التوصل الى صياغات توافقية تضع حدا للخلافات حول إدانة الإرهاب، وتعريف المقاومة، وانسحاب القوات الأجنبية، ومشاركة عناصر البعث في العملية السياسية.

وأشارت المصادر الى انه تم الاتفاق على إدانة الإرهاب خاصة الذي يستهدف المدنيين وضرورة إنهاء وجود قوات الاحتلال في العراق وهو من أهم مطالب القوى السنية دون النص على موعد محدد لجلاء القوات الأجنبية إضافة الى الاتفاق على مشاركة العناصر البعثية التي لم تتورط في جرائم بحق الشعب العراقي في العملية السياسية.

وقال د. مصطفى عثمان اسماعيل رئيس لجنة بناء الثقة أن هناك اتفاقا على مشاركة الجميع في العملية السياسية بدون إقصاء لأحد فيها عدا من تلوثت يداه بدماء الشعب العراقي، وكذلك إدانة الإرهاب بكل أشكاله خاصة العمليات التي تستهدف المدنيين الأبرياء، وانتهاك حرمة المساجد.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن لجنة صياغة البيان الختامي التي يترأسها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى سوف تأخذ بعين الاعتبار هذه النقاط:

1- إنهاء الاحتلال وفق خطة عمل معينة تتفق عليها القوى العراقية تراعي تأهيل القوى العراقية للقيام بدورها أمنيا.

2- وقف الحملات الإعلامية بين القوى السياسية والالتزام ببناء الثقة بينها.

3- رفض العمليات التي تستهدف المدنيين الأبرياء وإيقاف العنف بكل أشكاله ومصادره.

4- دعوة دول الجوار لمنع المتسللين ومساعدة العراق في إتمام العملية السياسية.

5- التمسك بالحوار باعتباره الوسيلة الوحيدة لحل أزمة العراق.

6- جعل المؤتمر التحضيري مفتوحا لعقد المزيد من جلسات المشاورات لحين انعقاده المؤتمر الموسع. وأعلن دانمر جاسم الموسوي عضو الجمعية الوطنية العراقية أمين عام حركة سيد الشهداء الإسلامية أن اللجنة الخاصة بتحديد موعد انعقاد المؤتمر الموسع للوفاق الوطني العراقي قد حددت موعدين لانعقاد المؤتمر، منتصف شهر فبراير (شباط) المقبل أو أوائل شهر مارس (اذار) المقبل، ومكان الانعقاد سيكون في بغداد. وأضاف أن هناك جوا من التفاؤل يسود اللجان وان هناك اتفاقا تاما حول مكان انعقاد المؤتمر وموعده وحول نوعية المشاركة وعدد المشاركين كما ان هناك اتفاقا كاملا حول استبعاد الإرهابيين وجماعات التكفير.

وعكست تصريحات المسؤولين العراقيين امس حالة من التوافق غابت عن اليوم الأول حيث أعلن الرئيس العراقي جلال طالباني استعداده للقاء ممثلين عن المقاومة العراقية مفرقا ما بين البعثيين الذين لم يرتكبوا جرما ورموز نظام صدام الذين تلوثت أيديهم بدماء الشعب العراقي.

وقال رئيس مكتب الأمين العام للجامعة العربية هشام يوسف انه من الظلم وصف كل البعثيين بأنهم مجرمون، معتبرا أن استبعادهم يتنافى مع مبدأ الحوار. وأشار أمين عام الحزب الإسلامي الدكتور محسن عبد الحميد الى انه لا يتفق مع ما ذكره رئيس الوزراء الجعفري من وصفه لكل المقاومة بالإرهاب.

يذكر أن الجعفري قرر تمديد بقائه في القاهرة وفاجأ المشاركين بحضوره ظهر أمس في الجامعة العربية خلال الجلسة العامة وذلك في محاولة لتوضيح مواقفه التي وصفها البعض بأنها كانت سببا في توتير أجواء المؤتمر. وكان مقررا أن يحضر الجعفري الجولة الافتتاحية ثم يغادر القاهرة.

واعتبر أمين حزب التجمع سعد الخبابي الدعوة لخروج قوات الاحتلال في الوقت الراهن استغلالا للانتخابات المقبلة ولفت الأنظار الى بعض الاتجاهات الداعية لهذا الأمر.

وفي أول رد فعل على ما ذكره الرئيس العراقي من استعداده للقاء المعارضين رحب المتحدث باسم هيئة علماء المسلمين بشار الفيضي بهذا التوجه مؤكدا أن المقاومة العراقية واقع ملموس على الأرض ليس في المصلحة تجاهله. وأضاف انه من المفيد مد الجسور معها كخطوة لحل الأزمة.

وأعرب عضو الجمعية الوطنية دانمر الموسوي عن تفاؤله بما شهده المؤتمر من مناقشات خاصة داخل اللجان التي قال إنها عكست اتفاقا تاما حول مكان وموعد المؤتمر المقبل والمشاركين فيه. وأكد المتحدث باسم الأمين العام للجامعة علاء رشدي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» ما اسماه بنبرة تعقل واتزان بدأت تسود الاجتماعات والمداخلات والحوار تعكس جدية ورغبة كل الأطراف للتوصل الى اتفاق حيال مجمل القضايا.

وقال رشدي إن موجة الخلافات والمشاحنات انحسرت بدرجة كبيرة خاصة خلال جلسات العمل التالية سواء المغلقة أو داخل اللجان نفسها. ودعا وزير النقل العراقي ممثل التيار الصدري سلام المالكي الأطياف العراقية الى ترك المواقف الشخصية والبدء في إعداد مشروع مستقبلي لوحدة وطنية في العراق حتى ينجح المؤتمر.. قائلا: «إنه إذا عشنا بالمواقف الشخصية والخلافات فسيكون الفشل حليفا». وقال المالكي في تصريحات للصحافيين أمس انه من الضروري أن نترك الخلافات والقضايا الخلافية مثل تحديد جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية إلى المؤتمر الشامل حيث من الممكن أن تكون الأجواء أكثر مرونة وقتها. وأوضح أن هناك أطرافا تحاول أن تعرقل سير المؤتمر ولا ترغب في نجاحه وأن البعض راهن على فشل المؤتمر.. معربا عن أمله في أن تنجح الجامعة العربية في إبعاد هذه الأطراف عن اتخاذ أي قرار داخل المؤتمر وأضاف أن المجتمعين اتخذوا خطوات إيجابية بالبدء في عمل اللجان التحضيرية للمؤتمر الشامل. وأكد المالكي أن المقاومة حق مشروع لكن يجب أن تكون واضحة المعالم.. معربا في الوقت نفسه عن دهشته من التصريحات التي تصف الوضع في العراق بالخلاف والصراع. وأوضح أن هناك صراعا فقط بين فئة خسرت الحكم ومجاميع إرهابية من جهة وبين الشعب العراقي من جهة أخرى.. معربا عن أمله في أن تكون الأطياف العراقية أكثر إيجابية ومرونة للاتفاق على نقاط عامة لمستقبل العراق. وأكد المالكي رفض كل الأطراف العراقية مشاركة رموز النظام السابق في العملية السياسية.. وقال إن الجميع يحاول بقدر المستطاع أبعاد أطراف بعثية تكون في تسميات أخرى مستقلة أو حزبية من الدخول في العملية السياسية. وحول ما إذا كان ذلك تهميشا لفئة من الشعب خاصة أن البعث كان يضم مليون عراقي قال المالكي «هذا المليون قتل ستة ملايين ووضعهم في مقابر جماعية».

من ناحيته استبعد رئيس لجنة بناء الثقة في الاجتماع الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل المستشار السياسي للرئيس السوداني تأثير الخلافات التي سادت في المؤتمر أول من أمس على النتائج النهائية له، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اتفاقا بـين الجميع على سبع نقاط، أهمها: رفض استهداف العراقيين، وإدانة العنف، وخروج قوات الاحتلال ولكن ليس فورا. واعتبر إسماعيل أن المشاركة المكثفة بالنسبة للقيادات العراقية في هذا المؤتمر هامة لأنه لأول مرة يجتمعون تحت سقف واحد هو نفسه نجاح للخطوة الأولى لأن الحوار الآن مباشر وليس حوارا بالبندقية أو في الغرف المنفصلة أو بوسيط ثالث وهذه اول خطوة للنجاح. وأشار إلى أن النقطة الثانية أن هذا اللقاء بهذا الحجم والمخاطبة العالية من الرئيس حسني مبارك أكدت على أهمية الدور العربي في المشكلة العراقية، مشيرا إلى أنه مهما كانت الخلافات بين القيادات العراقية التي شاركت فمن الملاحظ أن هناك إجماعا على قضايا رئيسية مشتركة بين القوى المختلفة.

وأفاد أن المشاركين أجمعوا على نقاط عدة هي: لا بد من مشاركة الجميع في العملية السياسية دون استثناء، والاتفاق على إدانة ورفض قتل المدنيين والأطفال والأبرياء من أي جهة كانت، وإدانة مهاجمة المساجد والكنائس والمجموعات العرقية، والاتفاق على ذهاب الاحتلال أو القوى الأجنبية فلا يوجد أحد يطالب ببقاء القوات الأجنبية في العراق، ولا يتحدث أحد عن خروج القوات الأجنبية فورا وكلها متفقة أن تخرج القوات وألا تخرج فورا، والاتفاق على إيقاف الهجوم على القوى السياسية بعضها البعض إعلاميا، ورفض الإرهاب وأي استهداف للعراقيين.

ويرى رئيس لجنة بناء الثقة أن المطلوب هو الوصول إلى منهج وطني عراقي يكفل الاستغناء عن الوجود الأجنبي والتدخل، وإيقاف العنف بكافة أشكاله ومصادره، وبذلك يمكن إتمام العملية السياسية والديمقراطية وعودة العراق مرة أخرى إلى ساحته العربية والدولية.

وأضاف أن هناك إجماعا على حماية الشرائح الضعيفة في المجتمع العراقي مثل النساء والأطفال وكبار السن، معتبرا أن هناك قواسم مشتركة يمكن أن تشكل خطوة للأمام خاصة كما ذكر الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى علينا ألا نرفع سقف التوقعات للنتائج التي يخرج بها المؤتمر، وأوضح أن موسى قال ذلك لان هذا المؤتمر مجرد تحضير وإعداد للمؤتمر الشامل.

يذكر أن المؤتمر شكل ثلاث لجان، الأولى لجنة بناء الثقة برئاسة المستشار الرئاسي السوداني، ولجنة صياغة البيان الختامي برئاسة عمرو موسى، ولجنة التحضير للمؤتمر الوطني برئاسة عبد العزيز بلخادم مستشار الرئيس الجزائري.

وقال إسماعيل ان هذه اللجان مهمتها الخروج بتصور لتحديد موعد ومكان وموضوعات المؤتمر الجامع ومن الذي يشارك في المؤتمر إضافة الى عملية بناء الثقة التي تقود إلى إنجاح المؤتمر. وحول تصوره لدوره بخصوص بناء الثقة أشار المسؤول السوداني الى أن الهدف هو تشجيع الحوار بين الجميع.